مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
لم يعد السباق العسكري العالمي محصورًا في الصواريخ الباليستية والطائرات المقاتلة، بل انتقل إلى ساحة جديدة: الليزر الحربي.
ففي استعراض يوم النصر الأخير، كشفت الصين عن سلاحها الجديد LY-1، الذي يوصف بأنه أقوى نظام دفاع جوي ليزري في العالم، موجّه بالأساس لتعزيز قوة البحرية الصينية وردع خصومها في بحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان.
هذا الإعلان لم يكن مجرد استعراض، بل رسالة سياسية واستراتيجية واضحة: بكين دخلت رسميًّا إلى "حرب الليزر"، في مواجهة مباشرة مع مشاريع أمريكية وإسرائيلية وبريطانية، إلى جانب جهود روسية وهندية وكورية جنوبية، بحسب صحيفة "يوراسيان تايمز".
جاء السلاح الصيني في مشهد لافت، مثبتًا على برج ضخم مع فتحات دائرية مركزية، يُعتقد أنها مخصصة لتوجيه الشعاع الليزري عالي الطاقة؛ أما الفتحات الصغيرة المحيطة، فهي غالبًا أجهزة استشعار بصرية وحرارية لتحديد الأهداف بدقة.
وفق محللين عسكريين صينيين، يمتاز LY-1 بقدرة عالية على اعتراض الطائرات المسيّرة والصواريخ المضادة للسفن، بل وحتى بعض الصواريخ الباليستية قصيرة المدى، وكل ذلك بتكلفة منخفضة للغاية لكل طلقة مقارنة بالصواريخ الاعتراضية التقليدية.
ويرى الخبير العسكري تشانغ شيويفنغ أن هذا السلاح يحقق معادلة "التصويب بالتثبيت، والإطلاق بالإصابة"، ما يعني دقة شبه مطلقة في اعتراض الأهداف.
ويُتوقع أن يُستخدم على السفن الحربية الكبيرة، وربما حاملات الطائرات الصينية، ما يجعله جزءًا محوريًّا في استراتيجية منع الوصول/منع دخول المنطقة (A2/AD).
في المقابل، تعمل الولايات المتحدة على تعزيز ترسانتها ببرنامج HELIOS (High Energy Laser with Integrated Optical-dazzler and Surveillance)، الذي تم تركيبه على المدمرة "يو إس إس بريبل"، وتبلغ قدرة الليزر أكثر من 60 كيلوواط، وهو مصمم لتحييد الطائرات بدون طيار والصواريخ.
وفي فبراير الماضي، جرى أول اختبار عملي ناجح للنظام ضد طائرة مسيّرة. وتراهن البحرية الأمريكية على أن الليزر سيكون جزءًا أساسيًّا من "استراتيجية الجحيم" الهادفة إلى مواجهة أسراب المسيّرات الصينية منخفضة التكلفة.
أما إسرائيل، فقد دخلت السباق بقوة عبر نظام Iron Beam، الذي طورته شركة رافائيل بقدرة تتراوح بين 100 و150 كيلوواط.
ويتميز بقدرته على اعتراض الصواريخ القصيرة المدى والطائرات المسيّرة بتكلفة لا تتجاوز 3 دولارات للطلقة، مقارنة بصاروخ "تامير" الذي يتراوح سعره بين 40 ألفًا و150 ألف دولار.
ويندمج النظام مع القبة الحديدية ويعتمد على الذكاء الاصطناعي لاختيار أنسب وسيلة اعتراض، ما يجعله ورقة رابحة في الدفاع متعدد الطبقات لإسرائيل.
كما لم تتأخر المملكة المتحدة كثيرًا، فقد طورت نظام DragonFire بقوة 50 كيلوواط، قادر على إصابة هدف بحجم عملة معدنية من مسافة كيلومتر؛ حيث إن النظام مُصمم لمواجهة الطائرات بدون طيار وقذائف الهاون والصواريخ القصيرة، مع تكلفة تشغيل لا تتجاوز 10 جنيهات استرلينية لكل طلقة.
روسيا بدورها كشفت النقاب عن أنظمة غامضة مثل "بيريسفيت" و"زاديرا"، أحدهما مخصص للتشويش على الأقمار الصناعية، والآخر لتدمير الطائرات المسيّرة.
أما الهند فقد اختبرت مؤخرًا نظام ليزر بقوة 30 كيلوواط (Mk-II(A))، قادر على تحييد أسراب مسيّرات على مسافة 5 كيلومترات.
ودخلت كوريا الجنوبية السباق بمشروع "حرب النجوم"، حيث تنتج أسلحة ليزر منخفضة التكلفة (نحو 1.5 دولار للطلقة) لمواجهة المسيّرات الصغيرة.
تكشف صراعات حديثة مثل الحرب في أوكرانيا عن مدى خطورة المسيّرات منخفضة الكلفة، وقدرتها على استنزاف أنظمة الدفاع التقليدية باهظة الثمن.
وهنا يبرز الليزر كخيار استراتيجي مثالي: تكلفة منخفضة، ذخيرة غير محدودة، سرعة الضوء، وغياب الشظايا أو موجات الصدمة.
ويرى محللون أن انتشار الليزر سيُغير قواعد الحرب البحرية والجوية. فهو قادر على تعطيل أجهزة الاستشعار، تحييد الأسراب، وإسقاط الصواريخ قبل وصولها إلى الهدف، ما يجعل الحروب المستقبلية أكثر اعتمادًا على معادلات الطاقة والفيزياء من معادلات الحديد والبارود.
ما بين LY-1 الصيني، وHELIOS الأمريكي، وIron Beam الإسرائيلي، وDragonFire البريطاني، يتشكل سباق عالمي جديد عنوانه "من يسيطر على شعاع النصر".
وتراهن الصين على قلب ميزان القوى في بحر الصين الجنوبي، الولايات المتحدة تريد تحصين أسطولها في المحيط الهادئ، إسرائيل تطمح لتعزيز مظلتها الدفاعية، بينما بريطانيا تسعى لمكان في المنافسة.
أما روسيا والهند وكوريا الجنوبية، فهي تحفر مواقعها في سباق عالمي قد يجعل "الليزر" السلاح الحاسم في حروب الغد.