قالت صحيفة "لوموند الفرنسية إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعليق جميع برامج المساعدات الدولية لمدة 90 يومًا، باستثناء بعض الحالات الخاصة، يعد خطوة مفاجئة تثير صدمة عالمية لما قد يترتب عليها من تداعيات خطيرة على الدول والشعوب المستفيدة.
وقدرت الصحيفة أن قيمة تلك البرامج تقدر بحوالي 64.7 مليار دولار، مشددة على أنه من الأمن الغذائي إلى المساعدات الإنسانية والتنموية، يهدد هذا التجميد بتفاقم الأزمات في العديد من المناطق الهشة حول العالم.
وقالت الصحيفة إن آثار هذا التجميد جاءت سريعة، حيث تم تعليق العديد من العمليات الإنسانية في مناطق النزاع، مثل أوكرانيا وأفغانستان والسودان.
كما أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرًا لجميع المستفيدين من المساعدات، مطالبة إياهم بوقف أي عمل متعلق بالتمويلات الأمريكية، بما في ذلك مشروعات دعم التنوع والشمولية، وفق الصحيفة.
وفي مواجهة الانتقادات العنيفة من قبل المنظمات الإنسانية، قام وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في 28 يناير الماضي بتوسيع قائمة الاستثناءات لتشمل الأدوية الأساسية، والخدمات الطبية، والطعام، والمأوى.
ومع ذلك، فإن صياغة هذه الاستثناءات لم تكن واضحة بما يكفي، مما تسبب في مزيد من الفوضى والتعقيد في تحديد البرامج التي ستظل مدعومة، بحسب لوموند.
وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا تعد من أكبر المتضررين، لاسيما أنها تتلقى مساعدات أمريكية ضخمة في ظل الحرب مع روسيا.
وأوضحت أنه في الوقت الذي تم فيه استبعاد المساعدات العسكرية من القرار، تم تعليق العديد من البرامج الممولة من وزارة الخارجية الأمريكية، مثل برامج دعم الإعلام والمشروعات الخاصة بمساعدة المحاربين القدامى.
وفي أفريقيا، تشكل المساعدات الأمريكية أكثر من نصف الدعم الذي تتلقاه العديد من الدول، مثل إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان، ما يزيد من المخاطر في ظل الظروف الحالية.
من ناحية أخرى، يهدد هذا القرار بتفاقم الأزمات الصحية العالمية، خصوصًا في ما يتعلق ببرامج مكافحة فيروس نقص المناعة (الإيدز)، حيث يعتمد أكثر من 20 مليون شخص حول العالم على العلاج الممول من برنامج "PEPFAR" الأمريكي.
ولفتت الصحيفة إلى التحذيرات التي تشير إلى أن استمرار تعليق هذه البرامج قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في عدد الإصابات والوفيات.
وعلى المستوى الأمني، أثرت هذه القرارات أيضًا على استقرار المناطق التي كانت تحت رعاية المساعدات الأمريكية، مثل مخيمات اللاجئين في سوريا، حيث تم تعليق برامج الأمان والتغذية، مما خلق حالة من الفوضى في بعض المواقع التي كانت تحت إشراف المنظمات الإنسانية، بحسب لوموند.
وتُظهر ردود الفعل على القرار أن التجميد سيؤدي أيضا إلى تقوية النفوذ الروسي والصيني في الدول التي تضررت من قرار ترامب، إذ قد يملأ هذان البلدان الفراغ الناتج عن غياب الدعم الأمريكي، مما يعزز من وجودهما في مناطق استراتيجية وحساسة، وفق الصحيفة.
ويرى العديد من الخبراء أن تعليق المساعدات الأمريكية سيضر بصورة الولايات المتحدة على الساحة الدولية.
وأكدت سارة ياجر من منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن هذا القرار سيؤدي إلى زيادة المعاناة في مختلف أنحاء العالم، ويضر بعلاقات أمريكا مع حلفائها، مع إشاعة الفوضى في المناطق الأكثر احتياجًا للمساعدة.