logo
العالم

الحشد الأمريكي قبالة فنزويلا.. مكافحة مخدرات أم تمهيد لحرب جديدة؟

الحشد الأمريكي قبالة فنزويلا.. مكافحة مخدرات أم تمهيد لحرب جديدة؟
المدمرة الأمريكية يو إس إس غريفليالمصدر: نيويورك تايمز
23 أغسطس 2025، 12:58 م

تتحرك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل متسارع وعدواني في ملف فنزويلا، فقد صعّدت من لهجتها تجاه الرئيس نيكولاس مادورو، ودفعت بقوات بحرية ضخمة إلى سواحل البلاد، وسط اتهامات مباشرة لمادورو بأنه يقود "كارتل مخدرات إرهابي". 

ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" فإن هذه التطورات تعيد إلى الأذهان سيناريوهات تاريخية لعمليات عسكرية أمريكية تمهيدية لحروب كبرى.

نوايا غامضة وراء الحشد العسكري

وذكرت الصحيفة أنه منذ توقيع ترامب على توجيه سري الشهر الماضي، يُلزم وزارة الدفاع باستخدام القوة ضد بعض عصابات المخدرات في أمريكا اللاتينية، بدأت واشنطن بنشر قطع بحرية في جنوب البحر الكاريبي، بحيث تزامن ذلك مع إعلان تصنيف جماعة إجرامية فنزويلية "إرهابية"، ووصف مادورو بأنه زعيمها.

وردّ الرئيس الفنزويلي بإعلان تعبئة 4.5 مليون من عناصر الميليشيا، متوعدًا بالدفاع عن "الأرض والسماء والبحار". ومع ذلك، تلتزم الإدارة الأمريكية الصمت بشأن نواياها، مكتفية بتصريحات متفرقة تؤكد أن الهدف هو وقف تدفق المخدرات.

أخبار ذات علاقة

مدمرات أمريكية

محملة بصواريخ "إيجيس".. ترامب ينشر 3 مدمرات قبالة سواحل فنزويلا

لكن نشر ثلاث مدمرات صواريخ موجهة من فئة "أرلي بيرك"، مجهزة بأكثر من 90 صاروخًا متطورًا، يثير تساؤلات حول مدى واقعية رواية "مكافحة المخدرات". 

وقال أحد المسؤولين في البنتاغون إن استخدام هذه القوة ضد عصابات المخدرات يشبه "إحضار مدفع هاوتزر إلى معركة بالسكاكين".

قدرات عسكرية هائلة في البحر الكاريبي

تضم القوات الأمريكية المتجهة إلى المنطقة مجموعة "إيوجيما" البرمائية، مع سفن حربية مثل "يو إس إس سان أنطونيو" و"إيوجيما" و"فورت لودرديل"، وتحمل هذه السفن أكثر من 4,500 بحار، إلى جانب 2,200 من مشاة البحرية ضمن الوحدة الاستكشافية الثانية والعشرين، كما أُعلن نشر طائرات استطلاع P-8 وغواصة إضافية لدعم العمليات.

المدمرات الثلاث "يو إس إس جيسون دونهام"، و"يو إس إس غريفلي"، و"يو إس إس سامبسون"، ليست مجرد سفن اعتراضية، بل منصات هجوم متكاملة قادرة على شن ضربات بعيدة المدى بصواريخ "توماهوك"، بالإضافة إلى قدرات مضادة للطائرات والغواصات والصواريخ الباليستية.

تكرار سيناريوهات تاريخية؟

يعيد المشهد الحالي الذاكرة إلى حادثتين بارزتين في التاريخ العسكري الأمريكي؛ الأولى: "حادثة خليج تونكين" عام 1964، التي استُخدمت ذريعة لتوسيع التدخل الأمريكي في فيتنام، والثانية: غزو بنما عام 1989 للإطاحة بمانويل نورييغا، المتهم بتهريب المخدرات.

أخبار ذات علاقة

المدمرة يو إس إس غرافلي (DDG 107)

واشنطن تحاصر وبكين تحذرّ.. هل نشهد حرب نفوذ جديدة في منطقة الكاريبي؟

من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن إدارة ترامب قد تكون بصدد خلق ظروف مشابهة لفتح الباب أمام مواجهة عسكرية مع فنزويلا تحت ستار مكافحة المخدرات.

أما قانونيًا، فتثير تحركات الإدارة الأمريكية جدلاً واسعًا، فبينما يتيح تصنيف الكارتلات منظمات إرهابية فرض عقوبات مالية أو ملاحقات جنائية، لا يمنح هذا التصنيف السلطة التنفيذية صلاحية شن حرب. 

وفي هذا السياق، حذّر المحامي السابق في وزارة الخارجية، برايان فينوكين من أن أي استخدام للقوة العسكرية يتطلب تفويضًا من الكونغرس، مؤكدًا أن "اختيار القتال ليس دفاعًا عن النفس"، وفقًا لـ"نيويورك تايمز".

يتعمّق هذا الجدل مع تصريحات مسؤولين في إدارة ترامب، من بينهم ماركو روبيو، الذين أكدوا أن التصنيف يفتح الباب لاستخدام "كل عناصر القوة الأمريكية"، وهو تفسير لا يستند إلى أساس قانوني متين.

مواجهة معقدة مع مادورو

وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أنه إلى جانب الهدف المعلن بمكافحة المخدرات، يبدو أن هناك بعدًا آخر يتعلق بالضغط على مادورو لقبول تعاون أكبر بشأن إعادة المهاجرين الفنزويليين المرحلين إلى بلادهم. 

كما أنه طوال سنوات حكمه تدفقت موجات كبيرة من الفنزويليين نحو الولايات المتحدة هربًا من الانهيار الاقتصادي والسياسي، بينهم عناصر من العصابات الإجرامية مثل "ترين دي أراغوا".

وقد وقّع ترامب في مارس/آذار أمرًا يستند إلى "قانون الأعداء الأجانب" القديم لترحيل أعضاء مشتبه بهم من هذه العصابة إلى سجون في أمريكا اللاتينية، لكن القضاء الأمريكي أوقف عمليات النقل، كما شككت تقارير استخباراتية في صحة الربط المباشر بين الحكومة الفنزويلية والعصابة.

أخبار ذات علاقة

زوارق حربية أمريكية في البحر الكاريبي

الكاريبي يشتعل.. مادورو يسلّح الملايين وترامب يرسل المدمرات

ويبقى الغموض مسيطرًا على قواعد الاشتباك المحتملة في حال قررت القوات الأمريكية استخدام القوة، فهل ستُعامل واشنطن أعضاء الكارتلات كمجرمين يخضعون للقوانين المحلية، أم كمقاتلين أعداء وفق قوانين الحرب؟ السؤال يزداد إلحاحًا مع احتمال وقوع ضربات جوية أو عمليات خاصة في بيئة مدنية مزدحمة.

ويتقاطع هذا الجدل القانوني مع ملف أوسع، فقد أعلنت إدارة ترامب توسيع برنامج المراقبة الإلكترونية لوكالة الأمن القومي (المادة 702) ليشمل مكافحة المخدرات الدولية، ما يزيد من القلق حول تجاوز الحدود الدستورية والقانونية.

ولفتت "نيويورك تايمز" إلى أن الحشد الأمريكي في البحر الكاريبي لا يقتصر على مكافحة قوارب تهريب المخدرات، بل يعكس استراتيجية أوسع قد تفضي إلى مواجهة مفتوحة مع فنزويلا، وفيما تلوّح واشنطن بقوة عسكرية هائلة، يتمسك مادورو بخطاب التحدي والتعبئة الشعبية.

وبينما يتذكر العالم دروس فيتنام وبنما، يبقى السؤال: هل تتجه الولايات المتحدة إلى حرب جديدة تحت شعار "مكافحة المخدرات"؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC