أكد عضو الحزب الديمقراطي الدكتور مهدي عفيفي، أن محاولات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تسييس القضاء لن تفلح، مستبعدًا أن يؤثر ما يقوم به في هذه المواجهة التي تشهدها ساحات المحاكم على الأمن المجتمعي في الولايات المتحدة.
وأوضح السياسي الأمريكي في حوار مع "إرم نيوز"، أن مواجهات ترامب المتعددة والتي منها الحرب على الهجرة والصدام مع القضاء مرورًا بمعركة الرسوم الجمركية، قد تؤدي إلى خسارة الحزب الجمهوري للأغلبية في الانتخابات النصفية القادمة بالكونغرس.
وبين عفيفي أن ضغوط إدارة ترامب في الكثير من القضايا بالمجتمع الأمريكي والتي تضمنت أيضًا إعلان الحرب على ما يسمى بـ"الدولة العميقة" وصولًا إلى مخاوف ارتفاع الأسعار، تقود إلى خروج الأمريكيين إلى دول أوروبية ومنها بريطانيا وفي جنوب شرق آسيا والكاريبي؛ ما يرفع مؤشرات الهجرة العكسية من الولايات المتحدة.
وتاليا نص الحوار:
إلى أي مدى يكون هناك انعكاس لمواجهة ترامب مع القضاء الأمريكي على الأمن المجتمعي؟
المشاكل التي أثارها ترامب مع القضاء الأمريكي سيتم التعامل معها، فهناك سلطة قضائية قوية في الولايات المتحدة وهي منفصلة ولا تتأثر بالضغوط السياسية، وتحاول الإدارة الجمهورية تسييس القضاء ولكن لن يقبل القضاة بذلك، حتى لو كان هناك بعض القضاة من أصحاب التوجهات اليمينية.
لكن بشكل عام هناك حرص على تحقيق العدالة، وتوجد درجات مختلفة من القضاء يتم التواصل بها هي المرحلة الأولى والاستئناف وقد تصل إلى المحكمة الدستورية العليا، لذلك فإن محاولات ترامب في تسييس القضاء لن تفلح.
هناك 149 قضية تم رفعها ضد قرارات ترامب ولا سيما على الحريات مثل فرض شروط معينة على الجامعات والمناهج الدراسية واختيارات الطلاب والمدرسين وآخر هذه القضايا أقامتها جامعة هارفارد المرموقة على الإدارة الأمريكية، إذ إن وزارة العدل أوقفت تأشيرات الطلبة الوافدين من دول مختلفة ورفعت "هارفارد" دعوى تجاه ذلك وأعلنت قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية في ولاية ماساتشوستس، إيقاف هذا القرار إلى أن يتم عرض هذه القضية على المحاكم لذلك، لا أعتقد أن يؤثر ما يقوم به في مواجهته مع القضاء في الأمن المجتمعي بالولايات المتحدة.
صدامات عدة يقبل عليها ترامب في ملفات عدة منها الهجرة بجانب تبعات الرسوم الجمركية على الداخل يتضح تأثيرها في الشارع.. هل ينعكس ذلك في صالح الديمقراطيين في الانتخابات المقبلة للكونغرس؟
الصدامات الخاصة بالهجرة والقضاء بجانب تبعات الرسوم الجمركية بالطبع تؤثر في الشارع الأمريكي، ولها انعكاس في تراجع شعبية "الجمهوريين" وترامب الذي يحاول التشويش على هذه الملفات عبر إظهار أنه يعمل على استقطاب استثمارات إلى الولايات المتحدة وما يعوض عن هذه الأزمات، وآخر محاولاته في إظهار ذلك، زيارته لدول الخليج العربي مؤخرًا واستقطاب استثمارات بمليارات الدولارات.
لكن من ناحية أخرى، فإن القرارات المتعلقة وفي صدارتها الرسوم الجمركية لها انعكاسات ضخمة؛ لأن حجم التبادل التجاري بين كندا وأمريكا على سبيل المثال، يمثل 3 أضعاف تلك الاستثمارات، في وقت فرض فيه رسوم جمركية 50% على الواردات من الاتحاد الأوروبي وبالطبع سيكون لتلك القرارات تأثير كبير على الناخب الأمريكي، بالإضافة إلى ما سيكون لها من ارتفاع معدل التضخم والأسعار، لذلك فإن كل تلك المؤثرات قد تؤدي إلى خسارة الجمهوريين في الانتخابات النصفية القادمة في الكونغرس.
كيف ترى ما سمي بإعلان ترامب الحرب على "الدولة العميقة"؟
إعلان ترامب الحرب على "الدولة العميقة" والتي أخذت في جانب منها مؤخرًا تسريح العشرات من موظفي مجلس الأمن القومي الأمريكي ومن قبل موظفين فيدراليين، تنعكس بشكل كبير على عدة أوجه من بينها الخدمات أيضًا.
محاولة السيطرة على "الدولة العميقة" كما يسميها الكثيرون ليست بالمسألة السهلة؛ لأن هناك متخصصين ومؤهلين في مجالات عدة لا يمكن الاستغناء عنهم أو تقليص أعدادهم، هناك مؤسسات عدة تأثرت بمثل هذه المحاولات، منها مؤسسة الغذاء والدواء التي تم استقطاع 20 ألفًا من الموظفين والأطباء والمتخصصين والباحثين فيها؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى انتشار العدوى في ظل عمل هذه المؤسسة على حصر العدوى القادمة من الخارج والرقابة على الغذاء والدواء، وبالمثل مؤسسات أخرى عدة، مثل مؤسسة الطيران المدني التي لديها عجز كبير في عدد العاملين، ومؤسسات أخرى تعمل في شؤون الهجرة والأمن القومي؛ ما يؤثر في صميم أعمالهم.
وتحاول الجامعات الحكومية والمؤسسات غير الهادفة للربح، ,التأثير في هذه القرارات التي أعتقد أنها لن تستمر لمدة طويلة ولا سيما أن ترامب لن يظل في موقعه الرئاسي إلى الأبد، لذلك يعول الكثيرون على أن تمر هذه الموجة من الاستقطاعات حتى يتم إعادة هيكلة تلك المؤسسات.
ترامب يعلن الحرب على الهجرة منذ ترشحه ولكن ما ظهر خلال الأيام الأخيرة وجود هجرة عكسية من أمريكيين إلى بريطانيا كان غريبًا.. ما تقييمك لذلك؟
اعتاد جانب من الشعب الأمريكي التحرك والهجرة داخل الولايات المتحدة تبعًا للضغوط الاقتصادية وتغير المناخ وأيضًا ظروف التقاعد، لذلك يرى بعض الأمريكيين وهم نسبة ليست كبيرة أنه يمكن التقاعد في دول أخرى أوروبية أو جنوب شرق آسيا مثل تايلاند وغيرها أو أمريكا الجنوبية في مقاطعات بالمكسيك وجواتيمالا والكاريبي، تتمتع بأجواء معتدلة، ويكون هناك محاولات للانتقال إليها ولا سيما عند التقاعد.
لذلك هذه التحركات دائمًا ما تحدث في الولايات المتحدة، لكن الضغوط التي وضعتها إدارة ترامب على المواطن الأمريكي ومخاوف ارتفاع الأسعار والتضخم أدت إلى زيادة هذه النسبة، ويمكن القول إن هذه الهجرة العكسية قد تؤثر بشكل سلبي، لكن إلى الآن النسبة ليست بالكبيرة أو لا يمكن التعويل عليها.