بعد التحولات التي شهدها البيت الأبيض تجاه ملف الحرب الأوكرانية الروسية، بدأت كييف الاستعداد لاحتمالية توقف خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، التي تقدمها شركة "ستارلينك" المملوكة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك، الحليف الكبير للرئيس دونالد ترامب.
وتعد خدمة الإنترنت هذه عنصراً حيوياً في إستراتيجية الدفاع، لكونها ليست أداة لتوفير الإنترنت في المناطق التي تضررت بنيتها التحتية، بل باتت العمود الفقري للتنسيق العسكري والاتصالات بين القوات الأوكرانية على الجبهات.
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، قدم ماسك خدمة "ستارلينك" لمساعدة أوكرانيا في البقاء على اتصال خلال النزاع، ومع تعطل الشبكات الأرضية والإنترنت في العديد من المناطق بسبب الهجمات الروسية، أصبح الإنترنت أداة لا غنى عنها للحكومة الأوكرانية وقواتها العسكرية.
وفي مارس الماضي، حذَّر إيلون ماسك من أن خط المواجهة في أوكرانيا سينهار إذا توقفت خدمة "ستارلينك"، وذلك في إشارة إلى التبعات الكبيرة التي ستواجهها القوات الأوكرانية في حال انقطاع الاتصالات.
في سبتمبر/أيلول 2023، قالت تقارير إن ماسك قام بقطع خدمة "ستارلينك" عن الجيش الأوكراني في شبه جزيرة القرم خلال العام 2022، وهو ما تسبب في عرقلة الهجوم المضاد الواسع الذي كانت أوكرانيا تستعد لتنفيذه ضد القوات البحرية الروسية.
ولتجاوز أي مشكلة مماثلة، بدأ الاتحاد الأوروبي في البحث عن بدائل ممكنة للحفاظ على الاتصال في أوكرانيا، وبرز الحديث عن شركة "يوتلسات". الفرنسية البريطانية كأحد المنافسين الرئيسين لـ"ستارلينك".
لكن إيفا بيرنيكي الرئيس التنفيذي لشركة "يوتلسات"، اعترف بعدم القدرة، حالياً، على منافسة "ستارلينك" التي تملك أسطولًا من الأقمار الصناعية يتجاوز منافساتها.
أكد الخبراء أن خدمة "ستارلينك" التي يوفرها إيلون ماسك تمثل العمود الفقري للاتصالات العسكرية والمدنية في أوكرانيا، خاصةً في المناطق التي دُمّرت بنيتها التحتية، وأن القوات الأوكرانية تعتمد عليها بشكل أساس في تنسيق العمليات وتوجيه الطائرات المسيّرة.
وقال ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن أوكرانيا باتت تعتمد بشكل شبه كلي على خدمة "ستارلينك"، التي توفرها شركة تابعة لإيلون ماسك، في تأمين الاتصالات العسكرية والمدنية، خاصة في المناطق التي تضررت فيها البنية التحتية أو تعطلت فيها شبكات الاتصال التقليدية.
وأشار في حديث لـ"إرم نيوز" إلى أن هذه الخدمة تُعد عنصراً حاسماً في الإستراتيجية الدفاعية الأوكرانية، إذ تستخدمها القوات المسلحة في تنسيق العمليات، وتوجيه الطائرات المسيّرة، وضمان الاتصال على مختلف الجبهات.
وحذّر بريجع من أن توقف "ستارلينك" بشكل مفاجئ سيؤدي إلى آثار عسكرية مباشرة، أبرزها تعطيل قدرات الجيش الأوكراني على التنسيق والإمداد والدعم اللوجستي، مما سيخلق فجوة يمكن أن تستغلها روسيا لتغيير معادلة الصراع.
وأوضح مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية أن التأثير لن يقتصر على الجانب العسكري، بل سيمتد إلى المدنيين، عبر تعطيل الإنترنت في مناطق واسعة، مما سيزيد من الفوضى، ويعيق جهود الإغاثة والإنقاذ.
وأشار إلى أن تحكم شخصية واحدة مثل إيلون ماسك في قرار بهذا الحجم، يفتح الباب لتساؤلات خطيرة حول نفوذ القطاع الخاص في ملفات الأمن القومي العالمي.
من جانبه، أكد إيفان يواس، مستشار مركز السياسات الخارجية الأوكراني، أن نجاحات الجيش الأوكراني اعتمدت، إلى حد بعيد، على «ستارلينك»، غير أن الخدمة شهدت لاحقاً انقطاعات أربكت بعض العمليات العسكرية.
وأشار لـ"إرم نيوز" إلى أن إيلون ماسك أوقف الخدمة في فترة معينة خوفاً من تصعيد قد يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، ما جلب له انتقادات حادة من شخصيات بارزة في الحزب الديمقراطي الأمريكي، التي اعتبرت تدخله السياسي غير مقبول.
وأضاف يواس أن فوز دونالد ترامب – المدعوم من ماسك – في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أدى إلى تحوّل كبير في موقف واشنطن من الأزمة الأوكرانية، حيث توقفت المساعدات العسكرية الجديدة، وبدأت التصريحات الأمريكية تبتعد عن دعم كييف، وهو ما أعاد ملف "ستارلينك" إلى الواجهة.