مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
كشف تحقيق لمجلة "جون أفريك" عن معدلات دين مرتفعة في جمهورية السنغال، تسببت فيها اختلالات كبيرة بين معدلات الدين الخارجي وعدم تناسبها مع الناتج المحلي لهذه الدولة الإفريقية التي تشهد استقراراً سياسياً وأمنياً لافتاً في محيط مضطرب.
وبحسب المجلة، يُقدّر صندوق النقد الدولي الدين العام في السنغال الآن بنسبة 132% من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدة أنه لم يسبق أن فاقمت مشاكل المالية العامة التوترات في السنغال إلى ما هي عليه، حيث أصبحت قضية "الديون الخفية" مثار جدل وقضية رأي عام لدرجة أنها تسببت في خلافات علنية بين الرئيس ورئيس وزرائه المثير للجدل.
ويكشف جرد أجرته شركة "فورفيس مازارز" بين مارس ويوليو من العام الماضي، أن الدين العام الآن بلغ نسبة 132% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024، ليصل المبلغ "الخفي" إلى حوالي 11.5 مليار يورو، وهذه النسبة تجعل السنغال ثاني أكثر الدول مديونية في القارة، وفقاً لـ"جون آفريك".
ويضيف تحقيق المجلة، أنه في نهاية عام 2023، أعلنت إدارة الرئيس السابق ماكي سال عن دين يقارب 74% من الناتج المحلي الإجمالي، مؤكدة أنه لفهم حجم الفضيحة، يجب أن نعود إلى سبتمبر 2024.
بعد توليه السلطة بستة أشهر، حضر الرئيس باسيرو ديوماي فايي أول جمعية عامة للأمم المتحدة، وعقد اجتماعاً في 25 سبتمبر مع المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، حيث كانت المناقشات ودية، وتركزت بشكل رئيسي على برنامج الـ 1.8 مليار يورو الذي اتفق عليه ماكي سال في يونيو 2023، والذي عُلّق خلال فترة الانتخابات.
وبحسب "جون أفريك"، سعى باسيرو ديوماي فاي، برفقة الشيخ ديبا، وزير المالية والميزانية، إلى طمأنة جورجيفا، معلناً اكتمال عملية تدقيق المالية العامة التي أطلقتها إدارته بعد أيام قليلة من تنصيبه، وأنه يمكن استئناف البرنامج مع صندوق النقد الدولي قريبًا.
وبعد يومين، وبينما كان الرئيس ووزير ماليته على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، عقد عثمان سونكو أول مؤتمر صحفي له كرئيس للحكومة، وندد بـ"نظام فساد واسع النطاق" أرسته الإدارة السابقة. وأضاف أن "نظام ماكي سال كذب على الشعب، وكذب على الشركاء، وتلاعب بالأرقام لإعطاء صورة اقتصادية ومالية لا علاقة لها بالواقع".
كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي صندوق النقد الدولي، متهمًا إياه ضمنيًا بتجاهل الحجم الحقيقي لديون السنغال، في مشهد بدا فيه أن كلاً من الرئيس ورئيس الحكومة يسير في اتجاه مختلف تماماً.
وخلال المؤتمر نفسه، كشف وزير الاقتصاد، عبد الرحمن صار، لأول مرة عن تقديرات مُقلّلة بشكل كبير لعجز الموازنة والدين، حيث قدّرهما بنسبة 10.4% و83.7% من الناتج المحلي الإجمالي على التوالي. وأعرب عن أمله في خفض الدين العام إلى أقل من 70% وعجز الموازنة إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي "ضمن إطار زمني معقول".
وأكدت المجلة أنه من الواضح الآن أن السنغال ستستغرق سنوات للوصول إلى هذه المستويات، وأن الخوف حالياً يدور حول إمكانية تكرار فضيحة دين اليونان مع السنغال، خاصة وأن الحكومة الحالية قامت بمراجعة الكثير من الاتفاقيات السابقة، مؤكدة أنها لا تخدم البلاد وشعبها.
وتقول "جون أفريك"، إنه بعد مرور عام، ورغم أربع بعثات أوفدها صندوق النقد الدولي، لا يبدو أن هناك اتفاقًا جديدًا في الأفق مع السنغال، وأرجعت ذلك إلى ما أسمته "عقبات داخل الإدارة، فبعض الشخصيات السياسية الحالية، التي كانت في السلطة بالفعل في عهد ماكي سال، متورطة ويبدو أنها غير مهتمة برؤية الحقيقة الكاملة حول هذه القضية".
ووفقًا لعدة أشخاص قابلتهم المجلة، فإن وزير المالية والميزانية الحالي، الشيخ ديبا، من بين المتورطين، رغم أن المقربين منه يرون أنه نظرًا لعلاقاته الوثيقة مع باستيف (حزب سونغو)، ربما يكون النظام السابق قد همّشه.
لكن هذه الفرضية مستبعدة، وفقاً للمجلة، لأنه في الواقع، انخرط الوزير في النظام منذ عام 2015، عندما انضم إلى الوزارة كمستشار فني، مسؤول عن مراقبة تنفيذ المشاريع الرئيسية لخطة السنغال الناشئة (PSE)، تحت إشراف أمادو با، وزير المالية والميزانية آنذاك، ثم عمل منسقاً للبرنامج الاقتصادي والمالي المبرم مع صندوق النقد الدولي، وأخيراً مديراً لبرمجة الميزانية في السنوات الثلاث التي سبقت تعيينه وزيراً، وبذلك احتفظ بمناصب مركزية في الجهاز المالي للدولة لمدة عشر سنوات.
وخلصت المجلة إلى القول إن السنغال تنتظرها قرارات مؤلمة للتخلص من فضيحة "الديون الخفية" من جهة، ومحاسبة المتورطين حتى ولو كانوا اليوم مصدر ثقة رئيس الحكومة القوي، والذي يكرر في جميع خرجاته أنه يخوض حرباً ضد الفساد بمفاصل الدولة، وأن المحاسبة ستطال المقصرين والمتورطين.