logo
العالم

وسط ضغوط ترامب.. هل تعيد قمة "الناتو" رسم معادلات الأمن الأوروبي؟

وسط ضغوط ترامب.. هل تعيد قمة "الناتو" رسم معادلات الأمن الأوروبي؟
ترامب خلال اجتماع سابق لدول الناتوالمصدر: (أ ف ب)
25 يونيو 2025، 3:37 م

اعتبر خبراء فرنسيون أن قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، المنعقدة في لاهاي، والتي شهدت لقاءً بارزًا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، تمثل لحظة مفصلية في تاريخ التحالف الغربي.

وفي ظل نظام عالمي مضطرب، وتنامي الدعوات الأوروبية للاستقلالية الدفاعية، أصبحت هذه القمة اختبارًا حقيقيًا لقدرة أوروبا على الصمود والتأقلم، وسط ضغوط أمريكية متزايدة لإعادة تقاسم أعباء الأمن، وغياب رؤية استراتيجية موحدة داخل القارة العجوز.

واجتمع 32 من قادة الدول الأعضاء بحلف الناتو في لاهاي، اليوم الأربعاء، في قمة وصفها الأمين العام للتحالف، مارك روته، بأنها "تاريخية".

وخرجت القمة بتعهد واضح: "تخصيص 5% من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء لصالح الدفاع، منها 3.5% للإنفاق العسكري المباشر، و1.5% للبنية التحتية والأمن السيبراني وحماية الشبكات الحيوية".

ورغم ذلك، رأى كثيرون أن هذه الالتزامات تأتي تحت ضغط أمريكي متزايد، إذ طالب ترامب الحلفاء الأوروبيين بزيادة الإنفاق، مهددًا ضمنيًا بتقليص الدعم الأمريكي في حال استمرار ما يراه "تقصيرًا أوروبيًا".

أخبار ذات علاقة

لقطة جماعية للمشاركين في قمة الناتو في لاهاي

دول "الناتو" تتعهد بزيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5%

"انحناءة تكتيكية"

واعتبر القبول الأوروبي بهذه المطالب بمنزلة "انحناءة تكتيكية" في ظل واقع سياسي معقد، وتحديات أمنية متسارعة، أبرزها الحرب في أوكرانيا، والتصعيد في الشرق الأوسط.

من جانبه، قال الخبير في شؤون الدفاع الأوروبي في مركز "إيريس" للدراسات الجيوسياسية، الدكتور جان-ميشيل بلانشار، إن "القمة كشفت عن انقسام استراتيجي مستتر داخل الناتو، بين رؤية أوروبية تسعى إلى قدر من الاستقلالية الدفاعية، وبين رؤية أمريكية تعيد فرض الهيمنة الأمنية على أوروبا عبر ابتزاز مالي مغطى بشعارات المشاركة في العبء".

وأضاف بلانشار، لـ"إرم نيوز"، أن "الفرنسيين حاولوا عبر اللقاء الثنائي بين ماكرون وترامب إظهار وحدة الصف، لكن الواقع أن باريس باتت بين شقي الرحى، رغبتها في الدفاع الأوروبي المستقل من جهة، وضرورة الالتزام بالأمن الأطلسي من جهة أخرى، لا سيما في ظل هشاشة موقف الاتحاد الأوروبي حتى عام 2027".

إعادة تموضع جيوسياسي

بدورها، رأت الباحثة في معهد مونتان للدراسات الاستراتيجية، لورانس ديلافير، أن "ما يجري في لاهاي ليس فقط اجتماعًا تقنيًا للناتو، بل إعادة تموضع جيوسياسي واسع". 

وأضافت ديلافير، لـ"إرم نيوز"، أن "ترامب يسعى لإعادة تعريف التزامات أمريكا عبر بوابة النفقات، بينما الأوروبيون، خاصة فرنسا وألمانيا، يدفعون ثمن التأخر في بناء قدراتهم الدفاعية الذاتية".

وتابعت: "الإشارة الإيجابية الوحيدة في هذه القمة هي الإصرار على دعم أوكرانيا، لكن ذلك لا يخفي الخوف الأوروبي من أن يتحول الحلف إلى أداة أمريكية بحتة، خصوصًا بعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض".

وأشارت إلى أنه رغم التصريحات الدبلوماسية الهادئة، فإن قمة لاهاي عكست حقيقة صعبة، هي أن أوروبا ليست بعدُ جاهزة للاستقلال الدفاعي الكامل، والولايات المتحدة ما زالت تملك مفاتيح الأمن الجماعي. 

كما لفتت إلى أن اللقاء بين ترامب وماكرون قد يكون قد هدّأ السطح مؤقتًا، لكن تحت هذا السطح، تتراكم تناقضات ستنفجر عاجلًا أم آجلًا.. وحتى ذلك الحين، ستبقى قمة لاهاي محطة رمزية أكثر منها تحولًا استراتيجيًا فعليًا في مسار الناتو.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي مع رئيس الوزراء الهولندي في قمة الناتو

ترامب مشيداً بقمة "الناتو": كانت رائعة ونجاحاً كبيراً

ضغوط واشنطن 

وطالب ترامب الحلفاء بزيادة إنفاقهم الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي، ملوحًا بإعادة تقييم التزامات أمريكا ضمن المادة الخامسة.

هذا الموقف دفع دولًا مثل بلجيكا، رغم التحفظات، للموافقة على خطة مرحلية ترفع الإنفاق إلى 2.5% بحلول عام 2034.

وفي كواليس القمة، ظهر الارتباك البلجيكي حين تخلّف رئيس وزرائها، بارت دي ويفر، عن صورة جماعية بسبب سوء التنسيق، في مشهد يعكس حرجًا أوروبيًا متكررًا أمام مطالب ترامب المتشددة، بحسب صحيفة "7 سور 7" البلجيكية.

وأكد ترامب دعمه للمادة الخامسة، لكنه عاد وأشار إلى أن تفسيرها "قد يختلف"، ما يترك هامشًا سياسيًا للتنصل في المستقبل.

وفي الوقت نفسه، وصف الأمين العام للناتو ترامب بأنه "رجل سلام"، مشيرًا إلى أن الضربات الأمريكية على مواقع في إيران تثبت استعداد واشنطن لاستخدام "قوتها العسكرية الكاسحة" عند الحاجة.

في النهاية، تبقى قمة لاهاي لحظة فاصلة تظهر أن أوروبا لم تصل بعد إلى النضج الدفاعي الكافي، فيما تستمر واشنطن في قيادة المشهد الأمني، تاركة القارة العجوز أمام معادلة معقدة بين الاعتماد والمواجهة.

وتباحث حوالي 35 زعيمًا ومسؤولًا، مساء الثلاثاء، في اجتماع رسمي مع الملك الهولندي، ويليم–ألكسندر.

ووصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في آخر اللحظات، حيث قال أمين عام الناتو إن العشاء قد يمهد لانطلاقة فعّالة لأعمال القمة، متوقعًا "نقاشات مثمرة". 

وهنأ روته ترامب على "نجاحه الكبير" الذي دفع أوروبا لتحمل جزء أكبر من نفقات الدفاع، وهو الموقف الذي تبناه ترامب بدوره على منصات التواصل.

وبدأ ترامب يومه بجلسة تصوير أثناء تناول الإفطار مع العائلة الملكية الهولندية، وبعد ذلك، شارك في اجتماع مع قادة الدول الأعضاء الـ32 ضمن الناتو.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC