logo
العالم

صفقة طائرات إيران.. ورقة روسيا لمراوغة ترامب في أوكرانيا

طائرات مقاتلة روسية من طراز سوخوي المصدر: أ ف ب

يرى خبراء أن الكشف عن صفقة الطائرات الروسية لطهران في هذا التوقيت كان مقصودا، بحيث تستخدمها موسكو كورقة لمراوغة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لفرض الخطة في أوكرانيا وعدم التماهي مع أي تعديلات يقدمها الأوروبيون عليها.

وتعددت الحسابات وما يرتبط بها على أرض الواقع، حول الصفقة التي سميت بـ"رد الجميل" من موسكو لطهران، لتطوير سلاحها الجوي وتكون قادرة على التعامل مع أي حرب أو ضربة عسكرية لها، وسط تهديد إسرائيل بذلك مجددا، بالقيام بما هو أقوى من حرب الـ12 يوما.

وفي وقت سيكون تقديم موسكو لطهران خلال العامين المقبلين 16 مقاتلة من طراز "سو-35"، فيما يصنف على أنه أكبر عملية تحديث لسلاح الجو منذ عقود، إلا أن الحاجة الإيرانية لتطوير هذه المنظومة "القديمة"، ضرورة خلال الفترة الحالية أو الأشهر المقبلة، ويصاحب هذه الحالة، مدى وفاء الكرملين بوعده هذه المرة لحلفائه في طهران، الذين دعموه بقوة بالمسيرات في أوكرانيا؛ ما أحدث معها الفارق العسكري. 

أخبار ذات علاقة

مقاتلة "سو-35" روسية

صفقة "رد الجميل".. روسيا تستعد لبيع 16 مقاتلة من طراز "سو-35" لإيران

لا تلبي احتياجات إيران

ويقول مصدر دبلوماسي ألماني، إن صفقة الطائرات الروسية، حتى لو تم توفيرها لطهران، لا تلبي عملياً احتياجات إيران الجوية في الموعد الزمني الذي تراهن عليه لترميم وتقوية ترسانتها، خاصة مع تصاعد التهديد الإسرائيلي المدعوم أمريكياً بشن حرب جديدة. وأشار المصدر إلى أن إيران لن تعتمد في حساباتها وإجراءاتها الاحترازية على التقارير التي تتحدث عن عمل الولايات المتحدة لتأجيل الضربة الإسرائيلية.

ويؤكد المصدر في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن طهران تحتاج تحديث سلاحها الجوي بحد أقصى خلال 6 أشهر، حتى يكون لديها المدى الزمني لإعداد بنيتها الجوية على هذه التحديثات وتكون جاهزة لأي حرب من إسرائيل، وهي المعركة المرشحة بقوة بعد الربع الأول من العام القادم، في حين أن موسكو تعطي موعدا زمنيا تدريجيا لتسليم الطائرات يزيد على عامين.

وبحسب الدبلوماسي الألماني، فإن هذه الصفقة في حال إتمامها من جانب موسكو، ستكون بشكل كبير حجر أساس لتحديث سلاح الجو الإيراني الذي تعرض لشلل على أثر العقوبات التي مازالت قائمة وتمنع تطوير تقنيات سلاحها الجوي.

ولفت إلى أن المقارنة بعيدة بين إيران وإسرائيل وهو ما ظهر جليا في حرب الـ12 يوما، خاصة أن أي عملية تحديث إيراني لأسطولها الجوي، لا تتعدى الحصول على قطع غيار تكون مستخدمة وعبر التهريب ويتم تطويعها عبر عمليات فنية، فضلا عن أن صلاحية هذه الأدوات وقدراتها في عمل الطائرات شبه منعدمة، بالإضافة إلى معضلة تدريب وتجهيز طيارين وتطوير قدراتهم على تأدية المهام.

أخبار ذات علاقة

المقاتلة الروسية سو-35

طائرات سو-35 إلى طهران.. دعم عسكري أم فخ إستراتيجي من موسكو؟

وعود متكررة

ويجزم المصدر أن وعود روسيا لإيران بتطوير أسطول طيرانها الحربي، تكررت في أكثر من مناسبة، ولو كانت الجدية حاضرة لكانت هناك صفقات أو إمدادات الأشهر الماضية على وجه السرعة، لتحديث ولو قليلا سلاحها الجوي، بعد أن قدمت لها طهران مسيرات دعمتها في تحقيق أهداف مهمة في أوكرانيا.

وكانت أزاحت وثائق روسية مسربة من المجمع الصناعي العسكري، الستار عما يمكن وصفها بأنها "أكبر عملية تحديث" لسلاح الجو التابع للجيش الإيراني منذ عقود، حيث يتوقع أن تسلم موسكو لطهران خلال العامين المقبلين 16 مقاتلة من طراز "سو-35"، وفق ما أفاد موقع "المونيتور" الأمريكي.

وتكشف الوثائق، أن روسيا انتقلت بالفعل من مرحلة الوعد إلى مرحلة الإنتاج، حيث توجد حالياً 16 مقاتلة على خطوط التجميع الروسية بموجب عقد تصدير خاص، ومن المقرر تسليمها إلى إيران بحلول العام 2027.

ولكن ظهرت تحليلات في هذا الصدد، بأن الصفقة الروسية مع إيران برغبة أمريكية لإبعاد طهران عن بكين، وتم ترتيبها في ظل درجات التفاهم الكبيرة بين واشنطن وموسكو حول أوكرانيا.

تحييد الصين

ويقول الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور محمد المذحجي، إن التجهيز لهذه الصفقة يؤكد أن إيران تبتعد عن الصين وتقترب من روسيا في ظل درجات التفاهم الكبيرة بين واشنطن وموسكو حول أوكرانيا، وتظهر في الوقت ذاته، أن طهران تلبي بشكل أو بآخر المطالب الأمريكية بالانصراف عن بكين.

وأضاف المذحجي في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الإعلان عن المضي في صفقة كهذه يبين أن عملية التقارب في حوزات النفوذ بين روسيا والولايات المتحدة تمضي قدما بشكل إيجابي ومن ضمن أشكال ذلك، أن يعطي البيت الأبيض للكرملين ما يريده في الملف الأوكراني والبحر الأسود بالمقابل يحكم ترامب قبضته على  ملف الشرق الأوسط ومناطق مهمة فيه، فضلا عن دوائر استراتيجية دولية أخرى.

ويعتقد المذحجي أن ما يهم الولايات المتحدة وفقا لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي 2025، هو تحييد الصين في هذه المرحلة قبل الصدام معها في ظل انشغال واشنطن بالملف الداخلي والقارة اللاتينية كما جاء في الوثيقة المعنية بذلك، بالإضافة إلى التركيز على بكين في ظل إعلان ترامب أن الملف الأوروبي لم يعد على رأس أولويات بلاده.

أخبار ذات علاقة

العلم الأمريكي إلى جانب أعلام الاتحاد الأوروبي

التقسيم والسيطرة.. إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي تصدم أوروبا

تغيّرات جيوستراتيجية

وأشار المذحجي إلى أن هذه التغيرات الجذرية في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي تتطلب تغيرات جيوستراتيجية على الأرض، وإيران إحدى هذه الساحات، بقبول طهران بألا تكون في حوزة نفوذ الصين، وأن تلبي مطالب البيت الأبيض بشكل أو آخر.

واستكمل أنه يدخل في هذا الإطار، أن يتم توفير الغطاء العسكري والأمني لإيران من قبل موسكو ولاحقا الغطاء الاقتصادي من قبل حلفاء الولايات المتحدة ومنهم كوريا الجنوبية واليابان، وإن نجحت طهران في مراحل متقدمة بالتعامل مع هذه الحوافز مع تلبية شروط ترامب، ستكون العلاقات في حالة تطبيع مستقبلي مع دخول المستثمرين الأمريكيين في الاقتصاد الإيراني في مراحل متقدمة.

واستطرد المذحجي أن كل هذه الأمور قد تشي بأن التصعيد ضد إيران قد لا يكون محل الاهتمام في هذه الظروف مع تركيز طهران على موسكو بدلا من بكين.

تقوية الحلفاء

فيما اعتبر الباحث في الشأن الروسي، الدكتور نصر اليوسف، أن طهران ستعيد قوتها الجوية بهذه الصفقة في وقت ترى فيه موسكو أن هذه العملية تدعم مصالحها عبر مساندة المحور المناهض للغرب، وذلك مهما تقاربت مع الولايات المتحدة، لأن من مصلحة روسيا أن يكون الحلف الموالي لها والمناهض للغرب قويا.

وبحسب اليوسف في حديث لـ"إرم نيوز"، فإن هذه الصفقة ستتم بنسبة كبيرة، لتبدأ على أثر ذلك تلك الطائرات بالانتشار على نطاق واسع، لتكون عنوانا تُدمج من خلاله عدد من الدول في المحور الشرقي الذي تراهن عليه موسكو.

وأشار اليوسف إلى أن موقف روسيا واضح بالمحاولة على تكوين محور مواز للمحور التقليدي الغربي ويتم تقوية هذا المركز بدعمه بأسلحة متطورة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC