الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

أزمة جديدة بين بكين وواشنطن.. نيجيريا تتحول إلى ساحة مواجهة دبلوماسية

علما الصين وأمريكاالمصدر: منصة إكس

ردّت الصين بشدة على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي هدّد فيها بالتحرك العسكري ضد نيجيريا، بعد ما وصفه بـ"المذبحة الجماعية للمسيحيين". 

واعتبرت وزارة الخارجية الصينية أن هذه التصريحات تمثل "تهديدا متعمّدا باستخدام القوة"، متهمة واشنطن بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول أخرى تحت شعارات دينية وإنسانية.

وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ أن بكين "تدعم بقوة الحكومة النيجيرية في قيادة شعبها على مسار التنمية الذي يتناسب مع واقعها الوطني"، مضيفة أن الصين "تعارض تدخل أي دولة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى بحجة الدين وحقوق الإنسان"، في إشارة مباشرة إلى الولايات المتحدة.

أخبار ذات علاقة

علم نيجيريا

"مضلل وخاطئ".. نيجيريا ترد على "تصنيفها" من قِبل واشنطن

وبحسب مجلة "نيوزويك"، جاءت التصريحات الصينية بعد أيام من تهديد ترامب عبر منصة "تروث سوشيال" بإرسال قوات أمريكية "مدججة بالسلاح" إلى نيجيريا، في حال فشل الحكومة في وقف الهجمات التي تشنها جماعات متشددة ضد المسيحيين.

نيجيريا بين واشنطن وبكين

تمثل نيجيريا اليوم إحدى الساحات المحورية للتنافس الأمريكي-الصيني في القارة الأفريقية، نظراً لثقلها السكاني (أكثر من 232 مليون نسمة) ومكانتها كأكبر اقتصاد في القارة.

ورغم أنها تحتفظ بعلاقات دفاعية قديمة مع الولايات المتحدة، فإنها تعززت في السنوات الأخيرة علاقاتها مع الصين، التي باتت أحد أكبر ممولي مشاريع البنية التحتية النيجيرية عبر القروض والاستثمارات المباشرة بشروط ميسّرة سياسياً.

هذه العلاقة الوثيقة مع بكين تفسر سرعة الرد الصيني على تصريحات ترامب؛ إذ تسعى الصين للحفاظ على نفوذها المتنامي في نيجيريا في مواجهة الجهود الأمريكية لإعادة تموضعها في أفريقيا.

ويشير مراقبون إلى أن بكين ترى في التحرك الأمريكي المحتمل تهديداً مباشراً لاستثماراتها الحيوية في البلاد، خصوصاً في مجالات الطاقة والاتصالات والطرق، التي تعدّ ركيزة لـ"مبادرة الحزام والطريق".

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

البيت الأبيض: ترامب يراقب الوضع في نيجيريا

في حين اعتبر ترامب أن "المسيحية تواجه تهديدا وجوديا في نيجيريا"، وأن على الحكومة النيجيرية التحرك "قبل أن تتحرك أمريكا"، وقد صف مسؤولون نيجيريون تلك التصريحات بأنها "مضلّلة وخطرة".

وقال المستشار الرئاسي النيجيري دانيال بوالا إن بلاده "لا تشهد إبادة جماعية للمسيحيين، بل هجمات إجرامية تؤثر على جميع المواطنين، بغض النظر عن ديانتهم".

أما الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، فاختار لهجة دبلوماسية أكثر توازنا، مؤكدا أن حكومته "ملتزمة بحماية جميع الأديان وتعميق التسامح الديني"، معرباً عن استعداده للعمل مع الولايات المتحدة في هذا الإطار.

من جانب آخر، أوردت CNN أن تصريحات ترامب جاءت عقب متابعته تقريرا على قناة "فوكس نيوز" حول اضطهاد المسيحيين في نيجيريا؛ ما دفعه إلى إطلاق تهديداته بشكل "فوري وغاضب". 

ونقلت القناة عن مصدر في البيت الأبيض أن تهديد ترامب "قد يكون جزءا من تكتيكاته المعهودة ضمن ما يسميه فنّ الصفقة"، أي لاختبار رد فعل نيجيريا قبل اتخاذ أي خطوة فعلية.

مواجهة "الهيمنة الأمريكية"

بالنسبة للصين، فإن الأزمة تتجاوز الطابع الديني لتتحول إلى معركة رمزية ضد "الهيمنة الأمريكية" في العالم النامي؛ فبكين، التي تقدم نفسها كمدافع عن مبدأ السيادة وعدم التدخل، ترى في التهديدات الأمريكية استمرارا لنهج واشنطن في استخدام ملفات حقوق الإنسان والدين كوسيلة لتبرير تدخلاتها الخارجية.

في المقابل، يرى سياسيون أمريكيون أن الصين "آخر من يحق له الحديث عن الحرية الدينية"؛ إذ قال النائب الأمريكي رايلي مور: "لن نستمع إلى محاضرات من نظام شيوعي اعتقل عشرات القساوسة وألقى بالأقليات العرقية في معسكرات اعتقال".

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

لماذا تدفع القاعدة الإنجيلية لترامب نحو الخيار العسكري في نيجيريا؟

هذه المواجهة الكلامية تعكس تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين حول أفريقيا كمسرح جديد لصراع النفوذ الدولي، بعد أن باتت القارة هدفا رئيسا للاستثمارات الصينية ومجالا تحاول الولايات المتحدة العودة إليه عبر البوابة الأمنية والدينية.

رغم تصريحات ترامب عن "استعداد البنتاغون لأي عمل محتمل"، يقلل مراقبون من إمكانية تدخل عسكري أمريكي مباشر في نيجيريا، نظرا لتعقيد المشهد الميداني وحساسية الملف الأفريقي في السياسة الأمريكية.

ويرجّح أن تتحول الأزمة إلى مواجهة دبلوماسية وإعلامية مفتوحة بين واشنطن وبكين، تستخدم فيها كل طرف ورقة نيجيريا لتعزيز روايته: الولايات المتحدة بوصفها "حامية الحرية الدينية"، والصين بوصفها "المدافع عن سيادة الدول النامية واستقلالها".

في المحصلة، تمثل الأزمة الحالية اختبارا جديدا لسياسة واشنطن في القارة الأفريقية، وللقدرة الصينية على حماية نفوذها المتزايد دون الانجرار إلى مواجهة مباشرة. 

وبينما تحاول نيجيريا الحفاظ على توازنها بين القوتين العظميين، يبدو أنها تحولت، دون قصد، إلى ساحة رمزية في الصراع الأوسع بين أمريكا والصين على قيادة النظام الدولي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC