logo
العالم

تهديدات واشنطن بشأن السلام في أوكرانيا.. عجز دبلوماسي أم ورقة ضغط؟

تهديدات واشنطن بشأن السلام في أوكرانيا.. عجز دبلوماسي أم ورقة ضغط؟
قصف مدفعي خلال الحرب الروسية الأوكرانيةالمصدر: (أ ف ب)
22 أبريل 2025، 2:14 ص

بين التصعيد العسكري "الروسي - الأوكراني" على الأرض، وجمود الدبلوماسية، يبدو أن واشنطن قررت إزاحة الغطاء عن صبرها السياسي.

حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ووزير خارجيته ماركو روبيو، من أن الولايات المتحدة قد تنسحب من جهود الوساطة في الأزمة الأوكرانية  إذا لم يتحقق تقدم ملموس في المفاوضات بين موسكو وكييف خلال فترة قريبة.

وفي تصريحات رسمية جديدة من البيت الأبيض، قال ترامب إنه يأمل في أن يتحلى الطرفان بالمسؤولية، ويصلان لاتفاق خلال هذا الأسبوع، وأن الفرصة لا تزال قائمة، لكنها تضيق مع مرور الوقت.

من جانبه، أكد وزير الخارجية الأمريكي أن إدارة ترامب لن تظل إلى الأبد تتابع المحادثات من دون نتائج، واصفًا الوضع بأنه "اختبار حقيقي لقدرة الطرفين على تقديم تنازلات ضرورية لصناعة السلام".

وتابع روبيو: "نحن في مرحلة حاسمة، وإذا لم نشهد أي تقدم خلال الأيام المقبلة، فإن الولايات المتحدة ستُعيد النظر جذرياً في طريقة تعاملها مع الملف الأوكراني".

ولم تكن تصريحات ترامب وروبيو مجرد تحذير، بل رسالة مزدوجة؛ تُشير إلى نفاد الوقت أمام الحلول السلمية، وتلمح في الوقت نفسه إلى ضغوط تُمارس خلف الكواليس على طرفي النزاع.

هذه التصريحات، فتحت باب التساؤلات حول دوافع هذا التصعيد الكلامي، وهل يمثل ذلك إقرارًا غير مباشر بعجز الوساطة الأمريكية عن تحقيق اختراق حقيقي في النزاع المستمر، أم أنه محاولة محسوبة للضغط على طرفي الصراع، خاصة روسيا، لدفعهما نحو مرونة أكبر على طاولة المفاوضات؟

أخبار ذات علاقة

بوتين وترامب وزيلينسكي

"هذا الأسبوع".. ترامب يريد اتفاقا ينهي الصراع الروسي الأوكراني

 رسائل أمريكية مباشرة

وبهذا الصدد، يرى خبراء في الشأن الروسي أن التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي ووزير خارجيته حول احتمال تخلي واشنطن عن مساعي السلام في أوكرانيا، تعكس رسائل ضغط مباشرة موجهة إلى كييف، خاصة في ظل غياب أي تقدم فعلي في مسار التفاوض، ما يشير إلى تراجع اهتمام الإدارة الأمريكية بالاستمرار في دعم الملف الأوكراني عسكريًا.

وأضاف الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن واشنطن بدأت تعيد ترتيب أولوياتها السياسية، مع ظهور مؤشرات على استئناف قنوات الاتصال مع موسكو، وعودة بعض مظاهر التقارب التدريجي، وهو ما يعزز فرضية أن الولايات المتحدة لم تعد ترى جدوى من استمرار الصراع في أوكرانيا بالشكل الحالي.

ويرى الخبراء أن هذه التصريحات لم تكن موجهة إلى كييف وحدها، بل حملت أيضًا رسائل ضغط للدول الأوروبية، تحذرها من احتمال أن تجد نفسها في مواجهة منفردة مع روسيا، إذا استمر الجمود وعدم تحقيق اختراق سياسي أو عسكري لصالح أوكرانيا.

وأشاروا إلى أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن هدنة من جانب واحد بمناسبة عيد الفصح، وتراجع أوكرانيا عن رفضها الأولي للهدنة، يكشف حجم الضغوط التي تتعرض لها كييف، لذا فإن تصريحات ترامب وروبيو تعكس تحذيرًا واضحًا بأن صبر واشنطن يقترب من النفاد إذا استمرت حالة الجمود السياسي والعسكري.

ضغوط أمريكية متزايدة على كييف

يقول المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، د. محمود الأفندي، إن حديث الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته لا يتضمن رسائل تهديد حقيقية إلى موسكو بقدر ما يضع أوكرانيا تحت ضغط متصاعد.

وأضاف الأفندي، لـ"إرم نيوز"، أن دقة صياغة التصريحات الأمريكية تكشف دلالة مهمة تتعلق بوجود نية أمريكية للتخلي تدريجيًا عن الملف الأوكراني عسكريًا، تحت ذريعة الانشغال بملفات أخرى أكثر إلحاحًا على أجندة واشنطن.

وأشار إلى أن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا تشهد نوعًا من العودة التدريجية على المستوى السياسي والدبلوماسي، مع وجود اتصالات وتفاهمات بين الجانبين، سواء في الملفات الاقتصادية أو العسكرية.

وأضاف أن واشنطن تدرك أن سياسة الضغط العسكري لم تفلح مع موسكو، وهو ما دفعها لإعادة النظر في حساباتها، وأن استمرار دعم أوكرانيا بالسلاح قد يقود العالم نحو مواجهة كبرى.

تحذيرات أمريكية ومتطلبات عصرية

ورجح الأفندي أن تكون أوكرانيا قد فقدت بالفعل قيمتها كورقة ضغط أمريكية، محذرًا من أن تهديدات ترامب وروبيو بانسحاب واشنطن من طاولة المفاوضات تمثل كذلك رسالة ضغط على العواصم الأوروبية، بهدف دفعها لمواجهة روسيا منفردة حال تقاعس كييف عن التجاوب مع متطلبات المرحلة.

ولفت إلى أن تراجع كييف وقبولها في نهاية المطاف بهدنة عيد الفصح، التي أعلنها الرئيس الروسي، بعد أن كانت قد رفضتها في البداية، يكشف عن حجم الضغوط التي تواجهها القيادة الأوكرانية.

أخبار ذات علاقة

نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف

"تصرف حكيم".. مدفيديف يعلق على احتمال انسحاب واشنطن من الأزمة الأوكرانية

 ملف السلام وزيلينسكي

من جانبه، اعتبر  المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، أن تصريحات ترامب وروبيو ليست موجهة ضد موسكو، بل تهدف أساسًا للضغط على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

وقال البني، لـ"إرم نيوز"، إن روسيا أظهرت مرونة نسبية في التعامل مع مقترحات التهدئة، حيث أعلن بوتين عن هدنة من طرف واحد بمناسبة عيد الفصح، قابلها زيلينسكي بترحيب مشروط واقتراح لتمديدها إلى شهر كامل.

وأكد أن الولايات المتحدة تمارس أقصى درجات الضغط على كييف، ملوحة بإمكانية الانسحاب من ملف المفاوضات إذا لم تُبدِ أوكرانيا مرونة كافية.

وأوضح أن روسيا ستستفيد من أي انسحاب أمريكي من الملف، لكنه ربط ذلك بضرورة وقف كافة أشكال الدعم العسكري والاستخباراتي الغربي لأوكرانيا، ما قد يسرّع من حسم الحرب ميدانيًا لصالح موسكو.

واختتم البني تصريحاته، قائلًا إن واشنطن ليست جادة في التخلي عن الملف الأوكراني بشكل كامل، معتبرًا تصريحات ترامب وروبيو مجرد "مناورة سياسية" للضغط على كييف أكثر من كونها خطوة فعلية على الأرض.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC