logo
العالم

"نورد ستريم".. سلاح ألمانيا لإحياء الحوار مع روسيا

"نورد ستريم".. سلاح ألمانيا لإحياء الحوار مع روسيا
شعار خط نورد ستريمالمصدر: رويترز
27 مايو 2025، 10:22 ص

في خطوة تعيد ملف الطاقة إلى الساحة السياسية الأوروبية، أبدى قيادي بارز في الحزب المسيحي الديمقراطي، المنتمي إلى المستشار الألماني فريدريش ميرتس، تأييده لاستخدام مشروع «نورد ستريم» كورقة دبلوماسية للضغط على روسيا وإعادتها إلى طاولة المفاوضات بشأن أوكرانيا.

ومشروع «نورد ستريم»، الذي يتألف من خطين للأنابيب يمتدان من روسيا إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق، كان يمثل الشريان الرئيس لإمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا. 

 

 

وخدم خط «نورد ستريم 1»القارة العجوز لأكثر من عقد، وتم تعطيله عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، أما «نورد ستريم 2» فقد اكتمل بناؤه لكنه لم يُفعّل قط، وتعرّض كلا الخطين لاحقًا لأعمال تخريبية في سبتمبر 2022 أخرجت معظم الأنابيب عن الخدمة.

تصريحات نائب رئيس الحزب ورئيس حكومة ولاية سكسونيا ميشائيل كريتشمر، فتحت بابًا للنقاش الداخلي بشأن جدوى الاستمرار في العقوبات الاقتصادية مقابل تبني مقاربة أكثر واقعية تتعامل مع الأزمة الروسية الأوكرانية من منظور المصالح الاقتصادية والسياسية المتشابكة.

وقال كريتشمر في مقابلة مع صحيفة «تسايت» الألمانية، إن «نورد ستريم» يمكن أن يكون مدخلًا محتملًا للحوار مع روسيا، مؤكدًا دعمه لعودة الغاز الروسي لتغطية 20% من احتياجات ألمانيا، في ظل أزمة الطاقة المتفاقمة التي تواجهها البلاد منذ وقف الإمدادات الروسية.

تأتي هذه الدعوات في وقت أبدى فيه المستشار ميرتس نفسه تأييده لخطط المفوضية الأوروبية الرامية إلى منع إعادة تشغيل «نورد ستريم»، ضمن حزمة عقوبات جديدة تستهدف الضغط على موسكو.

أخبار ذات علاقة

فريدريش ميرتس

ميرتس يتجه نحو "الغموض الاستراتيجي" بشأن الدعم العسكري لأوكرانيا

 

لكن كريتشمر، وعلى عكس هذا التوجه، رأى أن اعتماد النهج السلبي المتمثل في العقوبات وقطع العلاقات الطاقوية لم يُحدث أي تغيير استراتيجي في موقف روسيا، قائلًا: «طالما أننا نقول: لا نريد شيئًا، لا نريد إمدادات غاز، ونواصل فقط فرض العقوبات، فلن يكون هناك سبب بالنسبة لروسيا للتحدث إلينا».

"تفكير جاد"

وفي هذا الإطار، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية الدكتور سمير أيوب، إن التصريحات الألمانية التي نقلها أحد قادة الحزب الحاكم المنتمي إلى المستشار الألماني الجديد، تشير إلى وجود تفكير جاد في إعادة تشغيل خط أنابيب الغاز «السيل الشمالي 2» الذي تعرض لعملية تخريبية وصفتها روسيا بـ«الإرهابية» وتسببت في تعطيل المشروع رغم جاهزيته الفنية للعمل.

وأوضح أيوب، في حديث لـ«إرم نيوز»، أن «السيل الشمالي 1» كان في السابق يُستخدم لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، إلى جانب الأنابيب المارة عبر أوكرانيا، إلا أن الكميات التي كانت تصل عبره لم تكن كافية لتغطية الاحتياجات الأوروبية من الغاز الروسي.

وأشار إلى أن روسيا كانت تهدف إلى زيادة صادراتها إلى أوروبا عبر «السيل الشمالي 2» لكن بعد التفجير، وغياب رد الفعل الأوروبي والأمريكي لمحاسبة المسؤولين عن العملية، اعتبرت موسكو أن التخريب تم بدعم غربي، في محاولة لقطع العلاقات الاقتصادية في مجال الطاقة، بهدف الضغط على روسيا اقتصاديًّا وإجبارها على الانسحاب من أوكرانيا.

وأضاف أن ألمانيا بدأت تدرك أن الصراع قد يطول، وهو ما ينعكس سلبًا على اقتصادها، خاصة مع ارتفاع أسعار الطاقة وتأثيرها المباشر في معيشة الأفراد والصناعة. كما أن استيراد الغاز من الولايات المتحدة أو دول الشرق الأوسط لم يكن حلًّا كافيًا، بسبب تكلفته العالية؛ ما أدى إلى تباطؤ اقتصادي ملحوظ، خصوصًا في ألمانيا.

وتابع: «ألمانيا بدأت تضع مصالحها الاقتصادية في الحسبان، وقد تكون بدأت التفاوض بشكل غير مباشر مع روسيا لإعادة تزويدها بالغاز، وهي خطوة يمكن أن تشكل نواة لتحول أوسع في السياسة الأوروبية تجاه موسكو، وربما تسهم في تخفيف حدة التوترات».

واستبعد أيوب حدوث تحول سريع في العلاقات، موضحًا أن استمرار التصعيد العسكري يُعقّد أي قرارات منفردة من قبل ألمانيا دون توافق أوروبي شامل، في ظل وجود دول ما زالت تتبنى مواقف عدائية وتراهن على إطالة أمد الحرب لإضعاف روسيا.

وشدد المحلل السياسي، على أن استعادة العلاقات مع موسكو لن تتم إلا عبر مبادرة أوروبية جماعية، تشمل وقف إطلاق النار، والدخول في مفاوضات جادة مع أوكرانيا لمعالجة جذور الأزمة، مؤكدًا أن أي تحرك ألماني منفرد سيكون مصيره الفشل.

"أولوية روسية"

مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات إبراهيم كابان، قال إن روسيا تسعى بدورها إلى إعادة العلاقات الاقتصادية مع أوروبا، خاصة مع ألمانيا، لِما لذلك من أهمية قصوى لاقتصادها، في ظل حاجة الطرفين المتبادلة للطاقة والاستقرار الاقتصادي.

وأضاف في حديث لـ«إرم نيوز»، أن "قضية إعادة تشغيل أنبوب« نورد ستريم 2» تمثل أولوية لدى موسكو، ورغم استمرار الحرب، فإن روسيا تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة؛ ما يدفعها للبحث عن حلول، وقد يشكل هذا الملف بوابة لفتح مسار جديد نحو تسوية سياسية.

أخبار ذات علاقة

ترامب

ترامب: نعرف من المسؤول عن تفجير "نورد ستريم" ‏

 

وأشار كابان، إلى أن العلاقات الاقتصادية عادة ما تمهد الطريق للعلاقات الدبلوماسية، وبالتالي فإن إعادة طرح ملف «نورد ستريم 2» قد يجعل روسيا أكثر مرونة في المفاوضات.

وأكد، أن المرحلة المقبلة قد تشهد اقترابًا بين الطرفين، خاصة مع سعي كل منهما لتحقيق مكاسب من خلال هذا النوع من الملفات المشتركة، مضيفًا، أن إقناع روسيا بتشغيل «نورد ستريم 2»، في ظل رغبة أوروبا في التواجد داخل أوكرانيا، قد يحقق توازنًا يساعد على تسوية تدريجية.

ورأى كابان أن المستشار الألماني يتعامل بذكاء، ويسعى إلى تقوية الاقتصاد الأوروبي، معتبرًا أن إعادة تشغيل خط الغاز الروسي، من شأنها الإسهام باستعادة مكانة أوروبا كقوة اقتصادية.

وأشار إلى أن بقاء ألمانيا في موقعها كقوة صناعية رابعة عالميًّا يعتمد على تأمين مصادر الطاقة، فيما تبقى روسيا المصدر الأنسب. "ومن هنا، فإن المصالح المشتركة قد تفتح الباب أمام حلول واسعة، وتمهد لمرونة أكبر في المفاوضات المقبلة.

أخبار ذات علاقة

محطة تابعة لنورد ستريم

روسيا تعتبر تفجيرات "نورد ستريم" أعمالا "إرهابية" يجب التحقيق فيها

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC