ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
ذهب خبراء إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدف من مباحثات إسطنبول التي جرت جولتها الثانية مؤخرا، إلى تحييد روسيا عن مواجهته مع الصين، في ظل شن الحرب التجارية من جانب الولايات المتحدة، وفتح الجبهة الأوسع في هذا الصدام مع بكين.
ووصفوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، مساعي ترامب في تجنيب روسيا الوقوف في صف الصين في مواجهته معها التي تتصاعد بـ"الرهان" غير الموفق في ظل اعتبارات عدة من بينها تفهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذه المعادلة حتى لو كانت تتماشى مع ما هو لصالح موسكو في أوكرانيا أو في ملف التطبيع مع الولايات المتحدة أو رفع العقوبات المتراكمة على روسيا.
تفكيك الحلفاء
وأشاروا إلى أن روسيا لن تذهب إلى الخط الذي يريده ترامب، بالتخلى عن حليفتها الصين التي ساندتها في أزمة أوكرانيا على مدار أكثر من 3 سنوات.
وعلى مدار أكثر من 5 ساعات ونصف الساعة، تمحورت المباحثات الروسية الأمريكية حول سبل إزالة العقبات الفنية، وتطبيع العمل الدبلوماسي بين البلدين، وتحسين ظروف عمل الدبلوماسيين، وحل القضايا اللوجستية والإدارية.
ويقول الخبير المتخصص فى الشؤون الأمريكية، الدكتور حامد الصراف، إن المباحثات التي ركزت على تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين موسكو وواشنطن، صاحبها أكثر من خط موازٍ، من بين ذلك لقاء ستيف ويتكوف مبعوث ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سان بطرسبرغ، لمناقشة ما طرحته موسكو من هواجس وشروط لحل أزمة العلاقات وتطبيعها من ناحية ومن ناحية أخرى، إعلان إدارة الرئيس الأمريكي، أن على كييف والرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، المثول للشروط الروسية في قضايا التسليم بخسارة الأراضي التي باتت في يد الروس.
تحييد روسيا
ويعتقد الصراف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الجانب الأمريكي يلجأ للتهدئة ومد اليد لموسكو، لتحقيق هدف أساسي هو تحييد روسيا عن الموقف الصيني، في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض، وشن الحرب التجارية بفتح الجبهة الأوسع مع الصين، وهو ما ظهر في تراكم الرسوم الجمركية على بكين بوصولها إلى 145%، وردّت الأخيرة بالمثل.
وبين الصراف أن ترامب عبر الاجتماعات الخاصة بتطبيع العلاقات يعمل على تحييد روسيا والميل لصالحه إلى حد ما أمام الصين، وهو رهان غير موفق لعدة اعتبارات من بينها أن بوتين والروس يستوعبون هذه المعادلة، ويدركون أن التحالف الاستراتيجي مع الصين لا يمكن أن يتأثر بأي إجراء يتخذه ترامب حتى لو تماشى مع ما هو لصالح روسيا في أوكرانيا أو في ملف التطبيع بين واشنطن وموسكو أو رفع العقوبات المتراكمة على روسيا.
ويرى الصراف أن الهدف الأكبر لترامب على المستويات كافة هي الصين، في وقت لن تتخلى فيه روسيا عن حليفتها التي وقفت معها في أزمة أوكرانيا على مدار أكثر من 3 سنوات.
ويضيف الصراف أن الروس يتباطؤون في إعادة العلاقة مع واشنطن في ظل عدم أخذ تصريحات ترامب التي وصفها بـ "الرنانة" أو مواقفه على محمل الجد بعد أن وضح عدم قدرته على إحداث نقاط فارقة. مدللا، أن ما كان يردده ترامب في السباق الانتخابي بوقف الحرب في أوكرانيا قبل دخوله البيت الأبيض ليس سوى كلام دون القدرة على الفعل.
ترميم العلاقات
فيما يوضح أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور خالد شيات، أن هذه الجولة من المباحثات تستهدف ما شاب العلاقات بين البيت الأبيض والكرملين وسط ظروف حملت تباعدا بين واشنطن وموسكو مع الإدارة الديمقراطية في عهد الرئيس السابق جو بايدن، التي كانت متشددة مع روسيا، وفرضت المزيد من العقوبات سواء الانفرادية أو على الصعيد الجماعي بالتعاون مع الدول الأوروبية؛ ما أثر على العمل الدبلوماسي بين البلدين.
وأضاف شيات في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن إدارة بايدن قلصت المهام الدبلوماسية إلى أدنى مستوياتها بين البلدين بالرغم من عدم قطع العلاقات نهائيا في وقت بات فيه ثابتا منذ الحرب الباردة بين البلدين، بألا يكون هناك قطيعة دبلوماسية في حال وجود أزمات بينهما سواء السوفيتية السابقة ثم الروسية الحالية والأمريكية.
غايات استراتيجية
وذكر شيات أن الولايات المتحدة في حاجة إلى تقارب أكبر وأكثر مع روسيا لغايات سياسية واستراتيجية لها، وبناء هذا التواصل سيكون مهمّا لإيجاد أدوات وآليات لملفات أخرى حتى لو كانت هذه الاجتماعات غير مرتبطة بالأزمة الأوكرانية.
وأفاد شيات بأن عودة عمل السفارات سيكون له أثر في إيجاد آليات عملية للتعاون في إطار التحولات الجيوسياسية المتلاحقة لاسيما لدى الجانب الأمريكي في العديد من الملفات الدولية، ومنها إعلان واشنطن الحرب التجارية خاصة مع الصين، التي من خلالها تريد إعادة التوهّج للقوة الاقتصادية والمنظومة التجارية الأمريكية.
وبحسب شيات فإن ما يهم ترامب كثيرا في علاقته مع بوتين هو تحييد روسيا عن المواجهة مع الصين؛ وهو ما يجعله يتراخى إلى حد كبير مع مطالب موسكو، ليأتي ذلك وسط مخاوف أوروبية من أن يكون ذلك على حساب الرؤى الأمنية والاستراتيجية للقارة العجوز التي تتوجّس من تقارب واشنطن وموسكو، وما سينتج عنه من انتصارات روسيا في أوكرانيا؛ وهو ما سينعكس على استقرار تلك الدول.