logo
العالم

خبراء: رفع ميزانية ألمانيا الدفاعية "تحوّل استراتيجي"

خبراء: رفع ميزانية ألمانيا الدفاعية "تحوّل استراتيجي"
وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوسالمصدر: رويترز
08 مايو 2025، 8:39 م

اعتبر خبراء أن رفع ميزانية ألمانيا الدفاعية يمثل "تحوّلاً استراتيجياً، وليس مجرد ردة فعل آنية"، وهو ما يعكس رؤية أعمق لتحولات النظام الدولي.

وأعلن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس  خططا لزيادة كبيرة في ميزانية الدفاع السنوية للبلاد لتتجاوز 60 مليار يورو في عام 2025، مقارنة بـ52 مليار يورو خلال العام الماضي.

ميزانية غير مسبوقة

تشير الأرقام إلى أن ألمانيا تتجه بشكل واضح إلى تغيير جذري في نهجها الدفاعي، فبعد عقود من ضبط النفس العسكري الذي طبع سياستها الخارجية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ هذا النهج يتغير مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.

أخبار ذات علاقة

فريدريش ميرتس

ملفات ثقيلة على طاولة مستشار ألمانيا الجديد.. هل ينجح في الاختبار؟

وضخّت برلين في عام 2022 نحو 100 مليار يورو كـ"صندوق خاص" لتعزيز قدراتها الدفاعية، والآن تسعى إلى رفع الميزانية السنوية بصورة مستمرة.

وقال الوزير بيستوريوس، في تصريحات لصحيفة "Frankfurter Allgemeine Zeitung"، إن "ألمانيا بحاجة إلى جيش قوي ليس فقط للردع، بل أيضًا للوفاء بالتزاماتها داخل حلف الناتو"، مضيفًا أن الوضع الأمني الدولي يفرض "أعلى درجات الجاهزية العسكرية على المدى الطويل".

في وقت تتزايد فيه الأحاديث عن إمكانية التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع الروسي الأوكراني عبر وساطة دولية، فإن الإصرار الألماني على رفع الميزانية الدفاعية يعكس قراءة أوسع للتحديات المستقبلية.

تحوّل استراتيجي

حول ذلك، قال الدكتور لوك بيرتران، الباحث في معهد "إيف دوغول للدراسات الجيوسياسية" في باريس، إن ألمانيا "لم تعد تنظر إلى الحرب في أوكرانيا كحالة استثنائية"، بل كجزء من إعادة تشكّل النظام الأمني الأوروبي.

وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه حتى في حال انتهاء النزاع في أوكرانيا، فإن التهديد الروسي سيظل قائمًا في نظر برلين، والجيش الألماني بات يُعاد بناؤه كقوة ردع وليس كقوة رمزية، هذا تحول استراتيجي، لا مجرد ردة فعل ظرفية".

وتراقب باريس التحوّل الألماني بكثير من الاهتمام والحذر، ففي الوقت الذي تسعى فيه فرنسا إلى تعزيز فكرة "الاستقلالية الاستراتيجية الأوروبية"، فإن ارتفاع النفقات العسكرية الألمانية قد يعيد خلط الأوراق داخل الاتحاد الأوروبي، ويطرح مجددًا سؤال القيادة العسكرية والسياسية في القارة.

توازن عسكري

من جهتها، قالت آنّ ماري فيرنيه، الباحثة في الدراسات الأمنية في باريس بمركز العلاقات الدولية والاستراتيجية الفرنسي"IRIS" ، إن "رفع ألمانيا ميزانية الدفاع إلى أكثر من 60 مليار يورو يقربها من ميزانية فرنسا التي بلغت حوالي 59 مليار يورو في 2024، لكن بنهج مختلف".

وبيّنت لـ"إرم نيوز" أن "النهج الفرنسي مبني على تدخلات خارجية (منطقة الساحل، شرق المتوسط)، بينما النهج الألماني متمركز حول الدفاع عن أوروبا، إذا استمرت هذه الدينامية، فقد نرى خلال 5 سنوات توازنا عسكريًا جديدًا بين باريس وبرلين داخل الاتحاد".

ويواكب التحول الألماني ضغوطًا داخل حلف شمال الأطلسي "الناتو" لرفع الإنفاق الدفاعي لدى الأعضاء إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المعيار الذي لطالما ضغطت من أجله واشنطن.

أخبار ذات علاقة

المستشار الألماني فريدريش ميرتس

ميرتس يبدأ رحلة "إعادة ألمانيا للساحة العالمية" عبر فرنسا وبولندا

 وفي حال تبنّت دول أوروبية أخرى هذا النهج الألماني، فقد تجد أوروبا نفسها أمام مرحلة تسلّح جديدة، لكن بقيادة مختلفة هذه المرة.

كما أن المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب الأوكرانية، التي تُحاط بتكتم شديد، لا تبدو كافية لتقليل شهية الدول الكبرى، وعلى رأسها ألمانيا، في تعزيز قدراتها الدفاعية، خصوصًا في ظل عدم وضوح مستقبل روسيا بعد الحرب، وتخوف الأوروبيين من أي "سلام هش" قد ينهار في أي لحظة.

ويتجاوز رفع ألمانيا ميزانية الدفاع مجرّد رد فعل على الحرب الأوكرانية، ويعكس رؤية أعمق لتحولات النظام الدولي، وبينما تسعى أوروبا لبناء "ركيزة أمنية مستقلة"، يبدو أن برلين تريد لنفسها موقعًا محوريًا في هذه الركيزة.

وفي ظل الغموض الذي يحيط بمفاوضات إنهاء الحرب، تبدو ألمانيا كأنها تستعد ليس فقط لما تبقى من هذه الحرب، بل لما بعدها أيضًا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC