رأى تقرير لمجلة "فورين أفيرز" أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادر على أن "يُقدّم خدمة للعالم ويسيطر على التهديد النووي المتزايد".
وقال التقرير إن على الولايات المتحدة أن تُجري مفاوضات نووية موازية مع الصين وروسيا، معتبرًا أن "عصر ضبط الأسلحة لم ينتهِ بعد".
وذكرت المجلة أنه في ظل الاضطرابات التي تشهدها إدارة الرئيس دونالد ترامب، فقد يدفع ميله نحو "ضبط النفس النووي" إلى التفاوض على قيود حقيقية، في وقت يحتاج فيه العالم بشدة إلى مثل هذه الإجراءات لتحقيق النجاح.
وقالت إنه إذا استطاعت الولايات المتحدة في عهد ترامب أن تتعاون بنجاح مع روسيا للحفاظ على التكافؤ النووي، وأن تتعاون للمرة الأولى مع الصين للسيطرة على المخاطر النووية، فإن الدول الثلاث تستطيع أن تتجنب سباق التسلح النووي على غرار الحرب الباردة، الذي سيكون مكلفًا وخطيرًا، وفي نهاية المطاف لا معنى له بالنسبة لها جميعًا.
وبحسب تقرير المجلة، يُدلي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، منذ توليه منصبه، أسبوعيًّا تقريبًا، بتصريحات حول ضبط الأسلحة النووية، واصفًا إياها، على سبيل المثال، بـ"الوحوش الضخمة" و"أكبر تهديد وجودي للعالم".
وأعرب ترامب عن أسفه لأن الولايات المتحدة تُنفق "كل هذه الأموال على شيء، إن استُخدم، فسيكون على الأرجح نهاية العالم".
وأشارت المجلة إلى أن معاهدة ستارت الجديدة لعام 2010 تعدّ الاتفاقية الوحيدة المتبقية لضبط الأسلحة النووية بين الولايات المتحدة وروسيا.
وقالت: بينما تعمل الصين على تحديث قواتها النووية باستمرار، قد تواجه الولايات المتحدة في المستقبل القريب قوتين نوويتين، روسيا والصين، تنشران أعدادًا مماثلة من الرؤوس النووية.
ومع أن نزع السلاح النووي الكامل، كما أشار الرئيس ترامب، أمر مبالغ فيه، فإن التقرير يرى أن هناك فرصة كبيرة لواشنطن لإحراز تقدم، بطرق مختلفة، مع روسيا والصين.
في روسيا، تتعامل الولايات المتحدة مع "نظير نووي"، حيث استندت العلاقة النووية بين البلدين، على مدى ستة عقود، إلى "التكافؤ".
وأوضحت المجلة أن هذا التكافؤ يشمل الأعداد وحرية في الاختلاط في هيكل القوة؛ ما يعني أن الجانبين لطالما حافَظا على العدد الإجمالي للرؤوس الحربية النووية دون حدود متساوية، فيمكنهما نشرها على أنظمة توصيل مختلفة.
وفي ما يتعلق بالصين، ينبغي أن يكون للولايات المتحدة هدف مختلف، بحسب المجلة، هو إقناع بكين بأن مصالحها تكمن في القدرة على الاستقرار.
وعلى عكس أسلحة روسيا، لا تزال القوات النووية الصينية أدنى بكثير من تلك التي تمتلكها الولايات المتحدة، ورغم أن قواتها تشهد تحديثًا سريعًا، فإن الصين لن تصبح ندًّا نوويًّا قبل عقد أو أكثر.
ولفتت المجلة إلى أن الصين قاومت بعناد إجراء المزيد من المفاوضات، مُجادلةً بأنه بسبب الفجوة الواسعة بين القوات النووية الصينية والأمريكية، فإن الشفافية المطلوبة للدبلوماسية النووية ستجعل الصين عُرضةً للخطر.
وكثيرًا ما يُردد الدبلوماسيون الصينيون أن الوقت لن يحين للحوار إلا عندما تُقلّص واشنطن وموسكو ترسانتيهما النوويتين.
وذهبت المجلة إلى أن أفضل سبيل لواشنطن للمضي قدمًا هو إجراء مفاوضات متوازية؛ الأولى مع روسيا، لتمديد حدود معاهدة ستارت الجديدة إلى ما بعد فبراير 2026، ثم السعي إلى فرض قيود إضافية على جميع الرؤوس الحربية النووية، المنشورة وغير المنشورة، الاستراتيجية وغير الاستراتيجية.
وفي حال أصرت روسيا، القلقة من حديث ترامب عن بناء نظام دفاع صاروخي أمريكي جديد، يُطلَق عليه اسم "القبة الذهبية"، على إدراج هذا النظام على جدول أعمال المفاوضات، ينبغي حينها على واشنطن أن تُصرّ هي الأُخرى على مناقشة القيود المفروضة على أنظمة الدفاع الصاروخي الروسية المتقدمة، مثل نظام "إس-500".
وأما الثانية فيجب أن تكون مع الصين من خلال مفاوضات تُركز على ضبط الأسلحة النووية، بتعهد صيني بعدم بناء أو نشر رؤوس حربية كافية لتقويض حدود معاهدة "ستارت الجديدة".
ورغم أن المفاوضات مع الصين ينبغي أن تركز بشكل رئيس على الضوابط لا على الحدود، فإن هناك نظامًا نوويًّا واحدًا ينبغي على الولايات المتحدة الضغط على الصين، وكذلك روسيا، لحظره، هو نظام القصف المداري الجزئي.
وتُمثل صواريخ "أف أو بي أس" مصدر قلق بالغ لمواقع القيادة والتحكم الحيوية. وهي لا تتبع مسارًا بالستيًّا متوقعًا، ويمكنها أن تضرب دون سابق إنذار، كما أنها قادرة على المناورة لتجنب الدفاعات.
ووفقًا لمسؤولي القوات الجوية والفضائية الأمريكية، اختبرت الصين نظام "أف أو بي أس" في المحيط المفتوح عام 2021؛ ما أثار قلقًا بالغًا في واشنطن، وأكد ضرورة تضمين الحظر في أي محادثات مستقبلية.
وخلُصت المجلة إلى أنه إذا كان ترامب وإدارته مهتمين حقًا بضبط الأسلحة النووية، فعليهما تعزيز التزام الولايات المتحدة بالردع النووي الموسّع، من خلال الحد من إغراء الحلفاء ببناء أسلحتهم النووية الخاصة، ووقف سباق تسلح جديد مع الصين وروسيا.