يرى تقرير أن سوريا، التي أنهكتها سنوات الحرب، تواجه خطر التفكك مجدداً، حيث تتصاعد التوترات بين الفصائل المسلحة التي كانت موحّدة في السابق ضد نظام بشار الأسد، فيما تحوّلت الآن إلى "خصوم" متنازعة تهدد وحدة البلاد.
كما يواجه الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، الذي تولى السلطة في يناير/ كانو الثاني الماضي، بعد قيادته لهجوم المعارضة على دمشق في ديسمبر/ كانون الأول 2024، تحديات "خطيرة" في محاولته توحيد سوريا.
لكنه، وفقاً لتقرير مجلة "ناشيونال إنترست"، يسلك طريقاً قد يؤدي إلى "زعزعة الاستقرار" بسبب تركيزه على تعزيز سلطته و"إهماله لمطالب الأقليات"، خصوصاً الأكراد والدورز.
وسعى الشرع إلى دمج الفصائل المسلحة، بما فيها الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، في جيش وطني موحد تحت إمرة الحكومة المؤقتة، ومع ذلك، فشلت المفاوضات مع قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتسيطر على حوالي 30% من البلاد في الشمال الشرقي، وهي منطقة غنية بحقول النفط، وذات أهمية استراتيجية لاستقرار سوريا الاقتصادي والأمني.
في مارس/ آذار الماضي، توسطت الولايات المتحدة في اتفاق بين حكومة الشرع وقوات سوريا الديمقراطية، شمل تبادل أسرى وانسحابات محدودة، لكن التقدم توقف بعد "فشل" دمشق في الوفاء بالتزاماتها، خاصة فيما يتعلق بمطالب الأكراد بالحقوق الثقافية والمشاركة السياسية، وفق "ناشيونال إنترست".
كما أُلغي مؤتمر باريس المقرر في أغسطس/ آب الجاري، والذي كان يهدف إلى استئناف المحادثات، بعد ضغوط تركية، مما زاد من تعقيد المشهد، خصوصاً بعد رفض مطالب الأكراد بالاحتفاظ بهيكلهم العسكري المستقل والسيطرة الإدارية على مناطقهم.
وترى المجلة أن رفض الشرع "يتناقض مع سماحه لفصائل سنية، مثل الحزب الإسلامي التركستاني، بالانضمام إلى الجيش ككتل موحدة"، مشيرة إلى أن الأمر أثار استياء الأكراد وأقليات أخرى مثل العلويين والدروز، الذين يخشون من "انتهاكات" الجيش السوري الجديد.
ونقلت "ناشيونال إنترست"، عن المسؤول الكردي، مراد قره يلان، بأن أسلحة قوات قسد هي "ضمانة لسلامة المكونات في سوريا"، مشيراً إلى مخاوف من تكرار "المجازر" بحق الأقليات.
وتعتقد المجلة أن التوترات الحالية بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، إلى جانب تهديدات تركيا بالتدخل العسكري، تشكل خطراً كبيراً على وحدة سوريا "الهشة".
وفي المقابل، ترى "ناشيونال إنترست"، أن واشنطن، التي دعمت الأكراد في حربهم ضد داعش، مدعوة للعب دور حاسم في نزع فتيل التوترات، معتبرة أن على الولايات المتحدة تشجيع الحكومة الجديدة في دمشق على النظر في مطالب المكوّن الكردي، خاصة فيما يتعلق بالحقوق الثقافية والأمنية.
وتحذّر أن تلكؤ واشنطن في التدخل، قد يودي بسوريا إلى صراع جديد، يهدد بمزيد من عدم الاستقرار وإطلاق سراح مقاتلي داعش المحتجزين في سجون تقع تحت سيطرة الأكراد شرقي البلاد.
وتخلُص المجلة إلى أن "سوريا تقف على مفترق طرق خطير"، معتبرة أن إهمال مطالب الأكراد والأقليات الأخرى، تحت ضغط خارجي، يهدد بإعادة إشعال الصراعات العرقية والدينية.
ولتجنب هذا المنعطف "الخاطئ والمميت"، وفق وصف "ناشيونال إنترست"، فإنه "يجب على الشرع إعادة النظر في سياساته والسعي إلى حوار شامل يضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري، بدعم دولي، لضمان استقرار البلاد ووحدتها".