الجيش الإسرائيلي يدمر برج السوسي السكني وسط مدينة غزة بعد إنذار بقصفه

logo
العالم

بعد الخطوة البولندية الجريئة.. هل تشتعل الحرب في سماء أوروبا؟

بعد الخطوة البولندية الجريئة.. هل تشتعل الحرب في سماء أوروبا؟
طائرتا "أباتشي" في سماء وارسو عاصمة بولنداالمصدر: (أ ف ب)
07 أبريل 2025، 11:36 ص

في تطور ميداني يعكس تصاعد التوترات على حدود حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أعلنت  بولندا أن مقاتلات تابعة لها وأخرى تابعة لدول حليفة أقلعت صباح الأحد الماضي، لضمان أمن المجال الجوي للبلاد.

جاء ذلك عقب سلسلة من الغارات الروسية التي استهدفت مناطق غربي أوكرانيا، بالقرب من مدينة لفيف المتاخمة للحدود البولندية.

هذه الخطوة، التي قالت وارسو إنها تهدف إلى حماية المناطق المجاورة المعرضة للخطر، أعادت إلى الأذهان حادثة سابقة في مارس 2024 حينما اخترق صاروخ كروز روسي الأجواء البولندية لنحو 39 ثانية.

واستدعت بولندا القائم بالأعمال الروسي في وارسو، أندريه أوردش، الذي وصف الاتهامات بأنها "لا أساس لها"، منتقدًا رفض الجانب البولندي تقديم أدلة فنية تؤكد مسؤولية موسكو.

وبينما تؤكد بولندا أن هذه التحركات تأتي في إطار الدفاع المشروع عن سيادتها وأمنها، يرى مراقبون أن ذلك قد يكون مؤشرًا على تصعيد أوروبي محتمل في سياق المواجهة المستمرة مع روسيا، لا سيما في ظل غياب رد رسمي جديد من موسكو حول الخطوة الأخيرة، واقتصار موقفها السابق على النفي والتشكيك في الرواية البولندية.

صمت روسي 

وفي ظل صمت موسكو الرسمي بشأن الخطوة البولندية الأخيرة، وتباين المواقف الأوروبية تجاه التصعيد العسكري، يبقى السؤال الأبرز، هل يمثل تحليق الطائرات البولندية والحليفة تحولًا استراتيجيًا نحو مواجهة مباشرة مع روسيا، أم أنه مجرد إجراء احترازي اعتيادي تفرضه متغيرات الأمن الإقليمي على حدود الناتو؟.

وأكد خبراء، أن التحركات البولندية قرب الحدود الأوكرانية تُعد استفزازًا مباشرًا لروسيا، وتعكس تصعيدًا أوروبيًا بقيادة بولندا ضمن نهج متشدد لا يسهم في حماية الأمن، بل يهدد استقرار المنطقة برمتها. 

وأشار الخبراء في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن هذه الخطوات تتزامن مع مناورات ألمانية مرتقبة في فنلندا، ما يعكس حالة من التخبط الأوروبي في غياب قرار موحد لمواجهة روسيا، خاصة في ظل تغير السياسات الأمريكية في عهد الرئيس ترامب.

أخبار ذات علاقة

العلم الأوكراني وشعار الناتو

20 مليار يورو في 90 يوماً.. مفاجأة "الناتو" للحرب الروسية الأوكرانية

 

وأوضح أن الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي، وتصريحات بعض قادته ضد دول مثل هنغاريا، تؤكد التباين العميق في المواقف، حيث تدعو بعض الدول لوقف التصعيد بينما تصر أخرى على المواجهة، وهو ما أدى إلى تصدعات داخلية وتراجع ديمقراطي، وسط صعود أحزاب يمينية متعاطفة مع روسيا في عدد من العواصم الأوروبية.

وشدّد الخبراء على أن الظروف الراهنة لا تحتمل مزيدًا من التوتر، وأن الإجراءات المتخذة تندرج ضمن السياق الوقائي، وليس التصعيدي، في ظل محاولة ضبط الوضع الأمني دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع موسكو.

تهديدات الأمن الإقليمي 

بدايةً، قال د. سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن تحليق الطيران البولندي في أجواء قريبة من مقاطعات غرب أوكرانيا، وخصوصًا منطقة "لفيف"، قد يُمثل امتدادًا لتوجه بعض الدول الأوروبية نحو إرسال قوات إلى أوكرانيا بذريعة حفظ الأمن، وأن هذه التحركات لا تخدم الاستقرار بل تُعد استفزازًا مباشرًا لروسيا، وتهدد الأمن الإقليمي بأكمله، بما في ذلك أمن الدول المجاورة.

 

وأوضح أيوب في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن روسيا تواصل ضرباتها في العمق الأوكراني دون تجاوز حدود الدول المحيطة، في حين تسعى بولندا إلى تعزيز حضورها في المواجهة مع موسكو عبر تأمين المساعدات والإمدادات التي يقرها الاتحاد الأوروبي، خاصةً وأن بولندا تقود التوجه الأوروبي المتشدد في هذا الصراع، ما يضعها في موقع الصدارة بالمواجهة مع روسيا.

وأضاف أن هذه التحركات تتزامن مع مناورات عسكرية ألمانية مرتقبة في أجواء فنلندا، والتي قد تشمل مناطق في البلطيق، ما يعكس تخبطًا أوروبيًا متزايدًا، وغياب استراتيجية موحدة للتعامل مع روسيا، خاصة في ظل السياسات الأمريكية الجديدة في عهد الرئيس دونالد ترامب.

انقسام داخل الاتحاد الأوروبي

وأشار المحلل السياسي، إلى أن تصريحات وزير خارجية إستونيا حول إمكانية تجميد حق التصويت لهنغاريا داخل الاتحاد الأوروبي، تكشف عن عمق الانقسام بين دول التكتل، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من التباينات في المواقف السياسية تجاه روسيا. 

وأكد الخبير في الشؤون الروسية، أن بعض الدول الأوروبية بدأت تتبنى نهجًا سياسيًا مرنًا يأخذ بعين الاعتبار المخاوف الروسية، فيما تواصل دول أخرى الدفع باتجاه التصعيد.

أخبار ذات علاقة

سرب من الطائرات الحربية

بولندا تنشر طائرات في مجالها الجوي بعد غارات روسية على أوكرانيا

 

ولفت إلى أن هناك دعوات صريحة من قبل الرئيس البلغاري ورئيس سلوفاكيا لوقف التصعيد، مقابل تمسك دول مثل هولندا بنهج متشدد، رغم التناقضات الواضحة في سياستها، مؤكدًا أن هذه الانقسامات تُضعف الموقف الأوروبي وتزيد من الفوضى السياسية داخله.

وأضاف أن استمرار المواجهة مع روسيا بدأ يُلقي بظلاله على الداخل الأوروبي سياسيًا واجتماعيًا، حيث تشهد دول الاتحاد انقسامات داخلية وتراجعًا في الأداء الديمقراطي، فضلًا عن تزايد القلق من صعود الأحزاب اليمينية المتعاطفة مع روسيا، كما هو الحال في فرنسا ومولدوفا.

قلق أوروبي وضغوط أمريكية

وشدد على أن أوروبا تمر بمرحلة من القلق وعدم الاستقرار، نتيجة التوتر المتصاعد مع الولايات المتحدة والعجز عن ممارسة ضغط حقيقي على موسكو، في ظل اعتمادها شبه الكامل على واشنطن في الملفات العسكرية والاستراتيجية، وأن هذه المخاوف تنعكس عبر مناورات وتهديدات ومواقف إعلامية دون فاعلية حقيقية.

وأردف أن الحل يكمن في إعادة بناء العلاقات مع روسيا، لاسيما في مجالات الطاقة والاقتصاد، ووقف الاستفزازات الميدانية والسياسية. 

وحمّل الخبير في الشؤون الروسية، الدول التي دفعت باتجاه توسع حلف الناتو مسؤولية اندلاع الصراع في أوكرانيا، وما تبعه من أزمات اقتصادية وأمنية داخل أوروبا.

إجراءات روتينية

من جهته، صرّح العميد نضال زهوي، الخبير العسكري، أن التحركات العسكرية الحالية تعكس بدء مفاوضات غير معلنة بين روسيا والولايات المتحدة، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء.

أخبار ذات علاقة

 وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش

لتعزيز قوة الردع.. بولندا توقع عقداً ضخما للتعاون العسكري مع واشنطن

 

وأوضح الخبير العسكري، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن المواقف الأوروبية المعارضة لموسكو لا تزال محدودة التأثير، في ظل غياب إرادة مستقلة لاتخاذ قرارات حاسمة.

وأضاف أن التوتر التجاري مع الولايات المتحدة، خاصة في ملفات الرسوم الجمركية، يضعف من قدرة الأوروبيين على التحرك بمفردهم تجاه روسيا، ما يعمّق تبعيتهم للقرار الأمريكي في هذا الصراع.

وأكد أن الإجراءات الأمنية التي تُتخذ على الحدود، مثل تعزيز المراقبة الجوية ومنع التسلل، تعتبر تدابير روتينية طبيعية في مثل هذه الظروف، ولا تمثل مؤشرًا على وجود تصعيد عسكري أو نية للمواجهة.

واختتم الزهوي بالإشارة إلى أن الأوضاع الحالية لا تسمح بمزيد من التصعيد، وما يجري يُفهم في إطار الإجراءات الوقائية التي تهدف إلى ضبط الأوضاع وليس تأجيجها.

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC