حذر عضو البرلمان الإيراني عن محافظة كردستان محسن بيغلري، من التداعيات الاقتصادية المتوقعة لتفعيل "آلية الزناد" الخاصة بالعقوبات الدولية، داعياً الحكومة إلى التحرك العاجل لتقليل آثارها على معيشة المواطنين.
وقال بيغلري في حوار مع "إرم نيوز"، إن "تفعيل هذه الآلية سيضاعف الضغوط الاقتصادية ويزيد صعوبة حياة الشعب"، مشيراً إلى أن المرحلة الراهنة تتطلب وحدة الصف الداخلي وتقديم حلول عملية لمواجهة العقوبات.
وأكد أن البرلمان يقع على عاتقه دور أساسي في دعم صمود المجتمع، مشدداً على أن "الحكومة مطالبة بوضع خطط دقيقة وتفعيل دبلوماسية نشطة حتى لا ينعكس هذا التطور بشكل كبير على حياة الناس اليومية".
وأشار إلى أن التأثير النهائي للعقوبات يعتمد بالأساس على الوضع الداخلي، مبيناً أن استقطاب الساحة السياسية، وتفاقم الانقسامات الحزبية، وضعف الحكومة يقلل من صمود إيران أمام العقوبات.
ودعا النائب الإيراني إلى أن الحفاظ على التضامن الوطني وتعزيز القدرات الداخلية يمثلان السبيل الأمثل لمواجهة الضغوط المتصاعدة.
وإلى نص الحوار:
لا شك أن آلية الزناد سيكون لها تأثير ملموس، لكنها ليست بحجم ما يُروّج له في الإعلام، وبطبيعة الحال نحن نواجه ضغوطا اقتصادية منذ سنوات، واعتدنا على إدارة الأزمات، وبالتالي سنتمكن من تقليل أضرارها، تفعيل هذه الآلية سيضاعف الضغوط الاقتصادية ويزيد صعوبة حياة الشعب.
قد تكون هناك تبعات في قطاعات اقتصادية أخرى، لكن بالنسبة إلى النفط لا أتوقع تغييرات كبيرة. ما يُكتب على الورق قد يبدو مقلقاً، لكن على أرض الواقع، قطاع النفط الإيراني تكيّف مع الظروف السابقة ولن يتأثر جذرياً.
بطبيعة الحال، الضغوط الإعلامية والنفسية تخلق أجواء من القلق، لكن التجربة أثبتت أن القطاع الخاص والعاملين في الاقتصاد لم يسمحوا بتوقف عجلة الإنتاج. لقد اجتزنا مراحل أصعب بكثير، ولن نسمح بأن تتوقف حركة الاقتصاد.
هذا لا يعني إنكار تأثير عودة العقوبات الأممية، لكن الحكومة ملتزمة بالحيلولة دون الضغط على المواطنين، عبر التركيز على الإنتاج وتحسين الإجراءات الاقتصادية ودعم الفئات الضعيفة وتنفيذ سياسات تخفيفية.
وبالتأكيد. لدينا طاقات داخلية وإمكانات يمكن أن تُوظف لتجاوز التحديات. صحيح أن الخسائر ستكون موجودة، لكننا قادرون على التكيّف، والمطلوب هو أن تكون هناك سياسات داعمة من جانب الحكومة.
على صانعي القرار أن يتبنوا سياسات اقتصادية داعمة للقطاع الخاص، خصوصاً في ما يتعلق بالسلع الأساسية وسلاسل الإنتاج الحيوية. كما يجب إزالة العقبات البيروقراطية في مجال التجارة الخارجية لتسهيل الحركة الاقتصادية.
والحكومة والبرلمان مطالبان بوضع خطط دقيقة وتفعيل دبلوماسية نشطة حتى لا ينعكس هذا التطور بشكل كبير على حياة الناس اليومية.
كما أن معالجة هذه التحديات تتطلب تغيير أسلوب الحوكمة والانفتاح أكثر على العالم، مع الاستفادة من خبرات وشبكات الإيرانيين والشركات الإيرانية العاملة في الخارج لتخفيف الضغط على الاقتصاد المحلي.
بالتأكيد. لقد واجهنا لسنوات طويلة عقوبات قاسية من جانب الولايات المتحدة، وتكيّفنا معها، هذه ليست المرة الأولى التي نتعرض فيها لضغوط قصوى، ولدينا آليات لتجاوزها. لذلك أعتقد أن هذه المرحلة أيضاً يمكن عبورها بنجاح، خاصة إذا استمرت بعض الدول في التعاون مثل الصين والهند في استيراد النفط الإيراني.
وبشكل أوضح، الصين حتى الآن استوعبت معظم صادراتنا النفطية، لكن يجب أن نتذكر أنها تملك حساباتها الخاصة مع الولايات المتحدة. لذلك لا يمكننا التنبؤ بدقة إن كانت الأمور ستسير كما هي الآن أو ستتغير للأفضل أو للأسوأ. نأمل أن يستمر التعاون وأن تحافظ الصين على وارداتها من النفط الإيراني.
أما عن الهند، فلست متفائلاً كثيراً بشأن الهند، فعلاقتها القوية مع واشنطن تجعل الأمر معقداً، صحيح أن الهند استوردت شحنة نفط إيرانية مؤخراً بقيمة 111 مليون دولار، لكن في المجمل لا أرى أن نيودلهي مستعدة لإحداث تغييرات كبيرة في علاقاتها مع أمريكا لصالح تعزيز التعاون معنا. أي تعامل معنا قد يفرض عليها تبعات سياسية واقتصادية لا يستهان بها.
إن التحولات الدولية والإقليمية والداخلية تجعل من الضروري تقييم التغيرات في مستويات مختلفة. أحد أبرز التحولات هو تراجع موقع إيران الإقليمي ومحور المقاومة مقارنة بالماضي، بينما تواجه إيران داخليًا تحديات اقتصادية أكبر، ما يعني أن العقوبات الحالية قد تكون أكثر تأثيراً وصعوبة.
رغم ذلك، هناك فرص جديدة على المستوى الدولي، أبرزها التنافس الصيني المتسارع والعلني مع الولايات المتحدة، ما قد يدفع بكين لدعم إيران. كما أن تصريحات ممثل روسيا في مجلس الأمن حول إعادة تفعيل القرارات السابقة تشير إلى احتمال عدم تعاون الصين وروسيا في تنفيذ العقوبات الجديدة، بسبب التنافس المتصاعد بين أمريكا والصين. وقد تجد بعض الدول، مثل إندونيسيا والبرازيل، مساحة أكبر لعدم الانضمام إلى العقوبات، رغم أن كل ذلك يبقى فرضيات.
إن التأثير النهائي للعقوبات يعتمد بالأساس على الوضع الداخلي حتى لو كانت الظروف الدولية والإقليمية مواتية، فإن استقطاب الساحة السياسية، وتفاقم الانقسامات الحزبية، وضعف الحكومة تقلل من صمود إيران أمام العقوبات.