ذكرت صحيفة"تايمز أوف إسرائيل" أنه بعد فترة دبلوماسية صعبة، يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى حشد دعم واسع لخطة غزة، التي تجمع بين تحرير الرهائن، ونزع سلاح حماس، وإعادة تشكيل المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط.
هذه الخطة أحدثت تحولاً مفاجئاً في المعطيات بالنسبة لإسرائيل وحماس، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل أسبوع واحد فقط.
وعلى مدى أشهر، اكتسبت حملة مناهضة لإسرائيل زخماً كبيراً؛ حيث نشرت وسائل إعلام رائدة صوراً لأطفال رضع نحيفين يعانون مشاكل صحية، لتأكيد وجود مجاعة جماعية في قطاع غزة.
وبناءً على هذه الصور، انخرطت دول غربية مقربة من إسرائيل في الضغط نحو الاعتراف بدولة فلسطينية.
في الوقت نفسه، أدت الضربة الإسرائيلية الفاشلة على قادة حماس في الدوحة في وقت سابق من الشهر إلى توحيد الدول الإسلامية في هجوم خطابي ضد إسرائيل.
وبلغت هذه الموجة ذروتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أعلن الزعماء اعترافهم بدولة فلسطين واستمروا في انتقاد إسرائيل بسبب منعها للمساعدات إلى غزة.
على الأرض، تواصل قوات جيش الدفاع الإسرائيلي تقدمها داخل مدينة غزة، دون أن تظهر مؤشرات واضحة على أن الضغوط العسكرية تؤدي إلى إطلاق الرهائن في المستقبل القريب.
في الوقت نفسه، كان ضم أجزاء من الضفة الغربية يشكل نقطة توتر بين الرئيس الأمريكي ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، ويشكل تحديا للائتلاف السياسي لنتنياهو.
ومع ذلك، بعد البيان الصادر عن ترامب في البيت الأبيض عقب لقائه نتنياهو يوم الاثنين، بدا أن هذه القضايا بدأت تفقد بعض حدتها، على الأقل على مستوى الانطباع العام.
يميل أسلوب الرئيس ترامب إلى جذب الانتباه إلى شخصيته وحضوره؛ ما قد يخفي أحيانا حجم إنجازاته الدبلوماسية؛ فخلال خطابه الأخير، برز ترامب في التواصل مع الجمهور، ووجه انتقادات إلى الرئيس جو بايدن، كما عدّل نطقه لمصطلح "اتفاقيات إبراهيم" ليقارب النطق العبري؛ ما يعكس اهتمامه بالبعد الرمزي والدبلوماسي للمصطلحات.
بعيداً عن الجوانب المثيرة للجدل أو الطريفة في الخطاب، برزت دبلوماسية ترامب الشخصية كعنصر لافت؛ حيث بدا رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو متوافقا مع اقتراح غزة الذي لاقى دعما من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، المعروف بموقفه المؤيد لحماس والمعارض لإسرائيل، إضافة إلى تأييد عدد من الدول العربية والإسلامية البارزة.
وعلاوة على ذلك، بعد ثلاثة أسابيع فقط من محاولة إسرائيل الفاشلة لاستهداف قيادة حماس في قطر، تمكن ترامب من إقناع رئيس الوزراء القطري بقبول اعتذار نتنياهو والموافقة على إنشاء إطار ثلاثي لمناقشة الخلافات.
وهذا النجاح يظهر قدرة ترامب على بناء تحالفات غير متوقعة بين أطراف متباعدة؛ ما يخلق فرصة لتحقيق أهداف إسرائيل في غزة بطريقة لم تكن ممكنة قبل أسابيع.
وتضيف الصحيفة "كان الجانب الأكثر أهمية في لقاء ترامب ونتنياهو اقتراح الرئيس الأمريكي نفسه، الذي إذا تم تنفيذه، قد يشكل الطريق الأسرع لإسرائيل لتحقيق أهدافها في غزة"، على حد قولها.
وينص الاتفاق على الإفراج الفوري عن جميع الرهائن، ونزع سلاح حماس تدريجيا، مع دعم مجموعة من الشركاء الإقليميين لإدارة القطاع بدلاً من الحركة، وربما حتى دون تدخل السلطة الفلسطينية.
يسعى ترامب من خلال هذا الزخم إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط وتسريع عملية توسيع دائرة الدول التي تعترف بإسرائيل؛ ومع ذلك، تعتبر حماس أي انتصار لإسرائيل هزيمة مباشرة لها في صراعها طويل الأمد.
وبالنظر إلى الدعم شبه الكامل لمقترح ترامب، والتأكيد على أن إسرائيل تحظى "بالدعم من ترامب لإكمال مهمة تدمير التهديد الذي تشكله حماس"، من غير المرجح أن ترفض الحركة الإطار بالكامل؛ لكنها قد تلجأ إلى توضيح مواقفها وتأجيل تنفيذ بعض البنود، مع الاحتفاظ بأسلحة وبنية تحتية تسمح لها بإعادة تنظيم نفسها مستقبلاً.
من جهة نتنياهو، يبدو أنه يرى في اقتراح ترامب أقصر طريق لتحقيق أهداف إسرائيل الأساسية: تحرير الرهائن، وتقويض حماس، وتعزيز التطبيع مع دول إضافية.
ومع ذلك، قد تواجه الخطة مقاومة داخلية من بعض الحلفاء اليمينيين، خصوصا بشأن إعادة توطين غزة أو ضم أجزاء من الضفة الغربية؛ ما قد يضعف موقف نتنياهو السياسي قبل الانتخابات المقبلة.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن هذه الأهداف تتجاوز الاعتبارات السياسية قصيرة المدى؛ ما يمنح إسرائيل فرصة نادرة لإعادة ترتيب أولوياتها الإقليمية قبل الانتخابات المقبلة.