لعب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دورًا غير مباشر في إعادة ضبط العلاقات الهندية-الكندية؛ إذ أتاحت سياساته الاقتصادية والأمنية الجديدة فرصة لكلا البلدين لإعادة تقييم شراكتهما بعيدًا عن التوترات السابقة مع واشنطن.
وكشفت "أوراسيان تايمز"، أن الولايات المتحدة شهدت في عهد ترامب عملية إعادة تقييم أمنية واقتصادية عالمية جديدة، أثّرت سلبًا على مصالح كندا والهند؛ ما جعل البلدين مضطرين للبحث عن الاستقرار واستعادة قدراتهما على التنبؤ باستثمارات جديدة، وهو ما أدى إلى إطلاق "خارطة طريق جديدة" لعلاقاتهما الثنائية.
وفي هذا السياق، جاءت زيارة وزيرة الخارجية الكندية، أنيتا أناند، إلى الهند بين 12 و14 أكتوبر 2025، لتأكيد هذا التوجه، حيث ركزت المحادثات على تعزيز التجارة والاستثمار، مع وصول حجم التبادل التجاري إلى 23.66 مليار دولار في 2024.
وكشفت مصادر أن الدولتين اتفقتا على إعادة إطلاق حوار وزاري للطاقة لتعزيز التعاون في الغاز الطبيعي المسال والغاز البترولي المسال، إلى جانب الاستثمار في تقنيات منخفضة الكربون مثل الهيدروجين الأخضر والوقود الحيوي والتقاط الكربون، كما تضمنت الاتفاقية تعزيز الشراكات في الابتكار والذكاء الاصطناعي، وإعادة إطلاق لجنة التعاون العلمي والتكنولوجي، مع توسيع التعاون الأكاديمي والتعليم العالي لتعكس عمق الموارد البشرية والبحثية المتنامي في كلا البلدين.
وكشف مراقبون أن العلاقات بين الهند وكندا كانت قد شهدت توترًا شديدًا منذ اتهام رئيس الوزراء الكندي السابق، جاستن ترودو، للهند بالتورط في قتل انفصالي كالهستاني في 2023؛ ما أدى إلى تعطيل الخدمات القنصلية وتراجع التجارة والاستثمار، ومع تولي مارك كارني رئاسة الوزراء، تغيرت المعطيات السياسية، وجرى الاتفاق خلال قمة مجموعة الـ7 في يونيو 2025 على اتخاذ خطوات مدروسة لاستعادة الشراكة، بما في ذلك إعادة سفراء البلدين وإجراء محادثات أمنية ودبلوماسية متعددة على مدى الأشهر التالية، وصولًا إلى زيارة أناند الأخيرة.
وبالرغم من أن ترامب لم يشارك مباشرة في عملية إعادة العلاقات، فإن عملية إعادة التقييم الأمريكية تحت إدارته حفّزت أوتاوا ونيوديلهي على إعادة النظر في اعتمادهما على واشنطن؛ ما أتاح لهما استكشاف سبل تعاون اقتصادي واستراتيجي أكثر مباشرة وتناغماً؛ خصوصًا أن البيانات الحديثة من معهد أنغس ريد أظهرت أن أغلبية الكنديين يؤيدون استعادة الروابط مع الهند، مع انقسام متساوٍ تقريبًا بين التركيز على حكم القانون والفرص التجارية، وأكدت زيارة أناند أن كندا لن تسمح بأي نشاط على أراضيها يهدد الأمن أو وحدة الهند؛ ما يمثل مؤشرًا قويًا على استقرار طويل الأمد في العلاقات الثنائية.