أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن إيران أمام "لحظة وجودية" فرضتها الأضرار الكبيرة التي ألحقتها بها الهجمات الإسرائيلية المدمرة لقدراتها العسكرية، ورأت أن ذلك قد يدفع طهران أكثر نحو امتلاك السلاح النووي.
ورجحت الصحيفة ألا ترضخ إيران للمطالب الأمريكية والإسرائيلية رغم لحظة الضعف التي تفرض عليها خيارات صعبة للرد على إسرائيل.
وقالت إن جميع الخيارات لها عواقب قد تُعرّض النظام الإيراني لخطر أكبر، كما تغلغلت الاستخبارات الإسرائيلية في إيران بشكل لافت، إلا أن عامل عدم ثقة طهران بطروحات الولايات المتحدة يتزايد، في وقت تخشى فيه إيران مما يخبئه المستقبل.
وبحسب الصحيفة، يواجه المرشد الأعلى الإيراني وحكومته ما يعتبره الكثيرون "لحظة وجودية" وهم يحاولون تحديد كيفية الرد على الهجمات الإسرائيلية المستمرة على هرميتها العسكرية ودفاعاتها الجوية وبرنامجها النووي.
ويُنذر الهجوم الإيراني المضاد بالتصعيد، وتشمل خيارات طهران بالرد الاستمرار في قصف إسرائيل بالصواريخ والمسيرات وشمول بعض القواعد الأمريكية، لكن خيار الحد من برنامجها النووي أو التخلي عنه سيُعد بمنزلة استسلام وسيؤدي لا محالة إلى إضعاف الحكومة ونظام المرشد.
وأضافت الصحيفة أن الهجمات الإسرائيلية الشاملة أبرزت أن إيران في أسوأ وضع لها منذ عقود، إذ تبدو عاجزة عن الدفاع عن نفسها في مواجهة الضربات الإسرائيلية.
وأشارت إلى أنه تم قتل كبار قادة إيران العسكريين، كما تم تدمير قوات إيران بالوكالة، مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان، التي كان من المفترض أن توفر الحماية لها، إضافة إلى أن الاقتصاد الإيراني يمر بضائقة كبيرة.
وذكرت الصحيفة أن إيران تواجه أيضًا "خلافة غير مؤكدة" لمرشدها الأعلى، علي خامنئي، الذي قالت إنه يعاني من "شيخوخة"، كما حوّلت إسرائيل جزءًا كبيرًا من استثمارات طهران الضخمة في برنامجها النووي إلى أنقاض.
وتابعت الصحيفة أنه بالنظر إلى اتساع نطاق الهجوم الإسرائيلي، فإن إيران ترى ذلك محاولةً مباشرة لزعزعة استقرار النظام، وليس مجرد كبح لطموحاتها النووية، كما قد يفسر النظام هذا الهجوم بأنه تهديد وجودي، يفرض ردًا قويًا.
وقالت الصحيفة إنه حتى لو اختارت إيران توخي الحذر الآن وتجنبت ضرب أهداف أمريكية في المنطقة، فليس هناك شك يُذكر في أذهان قادتها في أن الولايات المتحدة "متواطئة" في الهجمات الإسرائيلية.
وأردفت أن إيران تعلم تمامًا أن مهاجمة أهداف أمريكية الآن ستؤدي بالتأكيد إلى تصعيد الحرب، كما ستمنح الرئيس دونالد ترامب ذريعة للانضمام علنًا إلى إسرائيل في مهاجمتها.
ومن وجهة نظر إيران، لا يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقط إلى إضعاف طهران وإلحاق الضرر بها عسكريًا ورمزيًا، بل يحاول أيضًا إثارة أزمة داخلية في إيران.
ومن المؤكد أن ضعف إيران سيُسرّع النقاش الدائر بالفعل داخل القيادة حول ما إذا كان ينبغي في النهاية بناء سلاح نووي، على الرغم من وعودها بعدم القيام بذلك، كأفضل رادع ضد إسرائيل التي يمكنها قصف إيران الآن متى شاءت، وللمساعدة في ضمان أمنها على نطاق أوسع.
وخلصت الصحيفة إلى أن خامنئي يعيش وضعًا سيئًا للغاية الآن، وقد ينتهي الأمر بإيران إلى حرب أكبر، ثم باتفاقية سلام سيئة للغاية.
مع ذلك، لفتت الصحيفة إلى أن طهران لديها دائمًا خيارات، فإلى جانب إطلاق الصواريخ، يمكنها شن هجمات إلكترونية، ونشر جماعات مسلحة تابعة لها، أو حتى تصعيد برنامجها النووي.
وفي ظل تعرض المرشد لضغوط متزايدة متوقعة من الجيش والمتشددين لاستخدام أفضل ما تملكه إيران، فإن ذلك سيقرب طهرن من الاندفاع نحو امتلاك قنبلة نووية.