logo
العالم

الأمن في المزاد.. كيف "باع" ترامب الدفاع عن كييف بثمن الاتفاقات التجارية؟

الأمن في المزاد.. كيف "باع" ترامب الدفاع عن كييف بثمن الاتفاقات التجارية؟
مأزق أوروبيالمصدر: الإنترنت
30 أغسطس 2025، 8:44 م

منذ بداية ولايته الثانية، حرص الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعادة فتح قنوات الاتصال مع الكرملين، محاولًا إحياء فكرة لقاء يجمع فلاديمير بوتين الريئس الروسي وفولوديمير زيلينسكي نظيره الأوكراني، لكن وفق قراءةٍ أوروبية، لم يكُن هدف ترامب إحلال السلام بقدر ما كان اختبار مدى استعداد بروكسل لتقديم تنازلاتٍ في ملفات أخرى، أبرزها التجارة والاقتصاد، وبذلك تحوَّلت أوكرانيا إلى ورقةٍ تفاوضية في صراع نفوذٍ على ضفتي الأطلسي.

وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، إنه وخلال سلسلة اللقاءات التي امتدت من قمة الناتو في لاهاي، مرورًا بزيارته المثيرة للجدل إلى ملعب غولف في أسكتلندا للقاء رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، وصولًا إلى المحادثات في واشنطن، بدا واضحًا أن ترامب لم يتعامل مع أوكرانيا كملفٍّ أمني بحت، بل كورقة ضغطٍ على حلفائه الأوروبيين.

الرسالة كانت صريحة: "دعم أوكرانيا ليس مجانيًّا"، ولذلك فإن هذا الأسلوب في المساومة جعل من قاعة الاجتماعات بين واشنطن وحلفائها ساحة اختبار حقيقية للتوازن داخل الناتو.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

وسم "ترامب ميت" يشعل مواقع التواصل.. ما القصة؟

 وترى مصادر مُطّلعة أن التوتر لم يقتصر على مضمون المفاوضات، بل شمل أيضًا طريقة إدارة ترامب للملف؛ ففي حين كانت كييف تنتظر التزامات أكثر وضوحًا بشأن الدعم العسكري، كانت النقاشات تدور حول الرسوم الجمركية والواردات الأوروبية.

من جهةٍ أخرى وصف بعض المسؤولين الأوروبيين الأجواء بأنها "ابتزازٌ من الحليف نفسه"، وهو ما أثار انقسامًا داخليًّا في بروكسل بين من يدعو إلى المرونة لحماية أوكرانيا، ومن يرى أن الخضوع لشروط واشنطن يهدد استقلالية القرار الأوروبي.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

البيت الأبيض: ترامب يعمل على عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي

 على الجانب الروسي، لم يُبدِ الكرملين أي مؤشرات على تغيير موقفه؛ فشروط بوتين بقيت ثابتة: "حياد أوكرانيا، وتقليص جيشها، والتنازل عن أراضٍ واسعة"، لكن التركيز في العواصم الأوروبية لم يكُن فقط على هذه المطالب، بل على معضلة أكثر تعقيدًا وهي: "كيف يمكن مواجهة موسكو فيما الحليف الأمريكي يستخدم الحرب نفسها كوسيلة تفاوضية في ملفات أخرى؟".

ويعتقد الخبراء أن الانقسامات داخل الناتو ظهرت بوضوحٍ في هذا السياق؛ فبعض الدول الشرقية الأعضاء، الأكثر قربًا من الخطر الروسي، عبّرت عن قلقها من أن يتحول دعم الحلف إلى أداة مقايضة لا أكثر، وفي المقابل، حاولت برلين وباريس التخفيف من حدة الموقف، لكنهما وجدتا نفسيهما في مأزق مزدوج: "من جهة الحاجة إلى استمرار الدعم الأمريكي، ومن جهةٍ أخرى مواجهة الضغوط التجارية التي قد تضر باقتصاداتها".

والنتيجة أن الناتو بدا وكأنه يواجه اختبارًا داخليًّا غير مسبوق؛ فبينما يواصل الحلف إظهار التماسك في وجه موسكو، تكشف كواليس المفاوضات أن وحدته مهددة من الداخل، كما أن مساومات ترامب جعلت مستقبل أوكرانيا يرتبط ليس بقدرة الغرب على ردع روسيا فحسب، بل أيضًا بمدى استعداد الأوروبيين للقبول بشروط البيت الأبيض.

وفي النهاية، لم تُسفر اللقاءات عن أيّ اختراقٍ حقيقي؛ فموسكو بقيت على موقفها، وترامب واصل المساومة، فيما خرج الأوروبيون بمزيدٍ من القلق حول مدى موثوقية الحليف الأمريكي، والنتيجة الأوضح أن الحرب في أوكرانيا لم تعُد مجرَّد مواجهةٍ مع روسيا، بل تحوَّلت أيضًا إلى اختبارٍ لمتانة حلف الناتو أمام ضغوطٍ من الداخل قبل الخارج.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC