رغم أن الدول الأوروبية أقرت حزمة جديدة واسعة من العقوبات ضد روسيا، إلا أنها ما زالت مترددة في حسم مصير "الأصول الروسية المجمدة"، وهو ما يعكس مخاوف من تبعات قانونية واقتصادية، يبدو أن الاتحاد الأوروبي ما زال غير قادر على مواجهتها.
ورغم أن دول الاتحاد لم تستطع أن تلبي طلبات أوكرانيا بمنحها تمويلاً من تلك الأصول، إلا أنها أيضاً تركت المسألة "قيد النظر" لتناقشها في القمة المقبلة.
فما الذي يجعل تلك الدول مترددة في تلك المسألة؟
اقتراض ومصادرة
تعود تلك المسألة إلى عام 2022 حين جمّدت دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، الأصول الروسية لديها، ضمن سلسلة عقوبات شديدة بدأت فرضها ضد موسكو احتجاجاً على حربها في أوكرانيا.
وتقدر قيمة تلك الأموال بنحو 300 مليار دولار، يوجد الجزء الأكبر منها في شركة "يوروكلير" للخدمات المالية في بلجيكا، إضافة إلى أموال في مؤسسات مالية بدول أخرى بينها بريطانيا واليابان وكندا.
وبدأت الدول الأوروبية تطرح فكرة "مصادرة" تلك الأموال لدعم حليفتها، بعد تزايد الديون عليها، وبعد بدء التحول في الموقف الأمريكي من "الإنفاق على أوكرانيا" منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
لكن تلك الدول لم تستطع أن تقدم على تلك الخطوة، رغم أن الولايات المتحدة سبق أن "أجازتها" حين أقر الكونغرس، العام الماضي، مشروع قانون لتحويل الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، (تقدر بنحو 5 مليارات دولار)، إلا أن تلك الإمكانية بقيت معطلة، ولم تحوّل واشنطن ذلك القانون إلى التطبيق العملي.
كانت دول الاتحاد، وخاصة بلجيكا التي تحتفظ بالقيمة الكبرى من الأصول، تخشى التبعات القانونية لذلك الإجراء الذي يعد مصادرة غير قانونية، ويشكل سابقة بالنسبة للاتحاد.
تقدمت ألمانيا باقتراح أوجد "حلاً قانونياً" لتلك المعضلة، ويقوم الاقتراح على فكرة أن "يقترض" الاتحاد الأوروبي 164 مليار دولار، من الأصول الروسية المودعة لدى "يوروكلير" في بلجيكا، ويقرضها لأوكرانيا، مع شرط أن لا تكون كييف ملزمة بتسديد القرض إلا في حال دفعت روسيا تعويضات عن الخسائر التي سببتها الحرب، وبذلك يتجنب "يوروكلير" المسؤولية القانونية، إلا أن بلجيكا لم تحصل على ضمانات كتلك، فبعض دول الاتحاد تعاني وضعاً مالياً حرجاً، ومستويات عالية من الديون.
مخاوف أخرى
لكن ذلك الاقتراح أيضاً بقي نظرياً إذ إن بلجيكا أبدت مخاوف من التبعات القانونية والاقتصادية المترتبة على الخطوة، وطالبت دول الاتحاد بأن تقدم ضمانات بمساعدتها في تحمل تسديد المبلغ في حال لجأت روسيا إلى إجراءات مضادة، ومنها اللجوء إلى القضاء الدولي، إضافة إلى مخاوف من خطوة ستشكل سابقة تُخيف المستثمرين.
تردد القادة الأوروبيون، إزاء مخاوف الخشية من تغير في موازين القوى يجعل روسيا قادرة على استعادة أموالها عبر المحاكم، خاصة أن ضمن تلك الدول من لديها موقف مغاير، إذ إن المجر، حليفة روسيا، ترى أن تلك الخطوة غير قانونية، وتصفها بأنها "سرقة".
الموقف الروسي سبق أن أعلنه المسؤولون الروس مراراً، وسبق أن هدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالردّ على مصادرة أصول بلاده، بمصادرة الاستثمارات الغربية المتبقية في روسيا، وأصدر مرسومًا يُجيز ذلك.
وكان المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يكرر التحذير بأن موسكو سترد بمصادرة الاستثمارات الغربية في روسيا. وأعلن أن الكرملين وضع قائمةً بأهداف استثمارية غربية.
حالة الاتحاد الأوروبي تلك، سبق أن وصفها المتحدث باسم الكرملين بالقول: "الأمر برمته يشبه عصابة، أحدهم يراقب، وآخر يسرق، وآخر، مثل بلجيكا، يصرخ: دعونا نتشارك المسؤولية".