logo
العالم

تلويح ترامب بالعقوبات الاقتصادية على روسيا.. ورقة ضغط أم عجز؟

تلويح ترامب بالعقوبات الاقتصادية على روسيا.. ورقة ضغط أم عجز؟
ترامب وبوتين في قمة ألاسكاالمصدر: رويترز
04 سبتمبر 2025، 5:13 ص

لم يكن تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن استعداده لفرض عقوبات اقتصادية على  روسيا مجرد جملة عابرة في اجتماع لمجلس الوزراء بالبيت الأبيض، بل بدا وكأنه إعلان عن استراتيجية جديدة يريد من خلالها إظهار الحزم من دون الانجرار إلى مواجهة عسكرية مباشرة. 

وبوضوح قال دونالد ترامب: "نريد نهاية للحرب الروسية الأوكرانية، لدينا عقوبات اقتصادية، لأننا لن ندخل في حرب عالمية".

ورغم بساطة هذه الكلمات إلا أنها حملت دلالات سياسية عميقة، عكست إدراك الإدارة الأمريكية لحدود قوتها في مواجهة موسكو، ومحاولتها استثمار ورقة الاقتصاد لتعويض غياب القدرة أو الرغبة في خيار الحرب.

وأكد خبراء أن تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حرب اقتصادية على روسيا لا تتجاوز كونها رسائل سياسية وإعلامية، خاصة وأن بلاده لا تملك فعليًا الأدوات الكافية لتطبيق مثل هذه العقوبات دون أن تتضرر هي نفسها. 

وأشاروا إلى أن تجارب سابقة مثل الرسوم الجمركية على الصين لم تحقق أهدافها، وأن استهداف دول كبرى كالهند وتركيا أمر شبه مستحيل بحكم التحالفات والمصالح المشتركة.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

ترامب للرئيس الصيني: أبلغ تحياتي لكيم وبوتين بينما "تتآمرون" ضدّ أمريكا

تلويح أمريكي وتصريحات إعلامية 

واعتبر الخبير في الشؤون الروسية، محمود الأفندي، أن الحرب الاقتصادية التي يلوح بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد روسيا لا تتجاوز حدود التصريحات الإعلامية، مؤكداً أن واشنطن لا تمتلك فعلياً الأدوات اللازمة لفرض مثل هذه الحرب.

وأكد الأفندي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الدليل على ذلك يظهر في عودة شركات أمريكية كبرى مثل "نيكسون" للاستثمار في منطقة سخالين الروسية، إحدى أهم مناطق إنتاج النفط، وهو ما يعكس تناقضاً واضحاً بين الخطاب السياسي والإجراءات العملية.

وأشار إلى أن العقوبات المفروضة لم يكن لها أثر ملموس على الاقتصاد الروسي، لأنها لم تُطبق بشكل جدي على أرض الواقع، مضيفاً أن السلاح الوحيد الذي حاول ترامب استخدامه تمثل في فرض رسوم جمركية على دول تتعامل مع روسيا كالهند والصين وتركيا. 

وشدد على أن هذه المحاولة غير قابلة للاستمرار، فالهند شريك أساسي لواشنطن في المجال العسكري، والصين قوة اقتصادية عظمى لا يمكن استهدافها بسهولة، أما تركيا فهي عضو في حلف الناتو، ما يجعل فرض عقوبات عليها أمراً معقداً.

ولفت إلى أن هذه التهديدات الأمريكية لا تعدو كونها «فقاعات إعلامية» تهدف إلى إرضاء أوروبا وأوكرانيا، خاصة بعدما ألمح ترامب إلى إمكانية توسيع نطاق العقوبات ليشمل أوكرانيا نفسها. 

وأوضح أن واشنطن عاجزة عملياً عن فرض عقوبات جديدة، لأن أي خطوة من هذا النوع ستضر بعلاقاتها مع قوى كبرى مثل الصين والهند وتركيا، مؤكداً أن تجربة الرسوم الجمركية السابقة أثبتت محدودية الجدوى.

أخبار ذات علاقة

كيم جونغ أون وشي جين بينغ وبوتين

الكرملين يرد على ترامب: بوتين لا يتآمر مع شي وكيم ضد أمريكا

اللاعب الأقوى اقتصاديًا

من جانبه، أوضح مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات في موسكو، آصف ملحم، أن تهديدات ترامب بفرض عقوبات اقتصادية على روسيا ليست سوى ورقة ضغط سياسية، خاصة وأن روسيا تملك موارد هائلة لكنها ليست اللاعب الأقوى في الاقتصاد الدولي، وهو ما يجعل الخطاب الأمريكي موجهاً في جوهره ضد الصين ومنظومة "بريكس" ككل.

وأضاف ملحم لـ"إرم نيوز" أن روسيا والصين نجحتا في كسر الأحادية القطبية التي فرضتها واشنطن لعقود، ودفعتا نحو إعادة تشكيل النظام الدولي. 

وأشار إلى أن الولايات المتحدة تبدو اليوم جزءًا من المشكلة الأوكرانية وليست جزءًا من الحل، إذ تقدم نفسها كوسيط يسعى إلى إنهاء الحرب، لكنها في الواقع تربط أي تسوية بالحصول على مكاسب اقتصادية كبرى لن تتحقق إلا عبر رفع العقوبات المفروضة على موسكو.

وأكد أن تقلب مواقف ترامب، خاصة بعد قمة ألاسكا التي بحثت آليات إنهاء الصراع، يثير شكوكاً حول جدّيته في التوصل إلى حل. 

واعتبر أن هذه المواقف تعكس ضعف خبرته السياسية وصراع التيارات المتناقضة داخل الولايات المتحدة، حيث تعمل مؤسسات نافذة على استمرار الحرب لأنها تحقق لها مكاسب مالية ضخمة، فيما تتضرر أخرى وتدفع باتجاه إنهائها.

وشدد على أن ما يسميه ترامب «الحرب الاقتصادية» ضد روسيا ينطوي على أهداف خفية تتعلق بصفقات واستثمارات ضخمة، مثل مشروع «سخالين 1» واستثمارات في كاسحات الجليد النووية والقطب الشمالي، لكن هذه المشاريع تبقى رهينة رفع العقوبات، وهو ما يستحيل حدوثه دون تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي

زيلينسكي في باريس.. لقاء أوروبي لحسم معضلة الضمانات الأمنية لأوكرانيا

بديل الحرب المباشرة

بدوره قال المحاضر الجامعي وعضو مركز البحوث العلمية التطبيقية والاستشارية، ميرزاد حاجم، إن ترامب يُظهر بوضوح ميلاً إلى تجنب التصعيد العسكري، وأنه يسعى إلى طرح العقوبات الاقتصادية كبديل عن الحرب المباشرة. 

وأضاف حاجم أن كلمات ترامب الأخيرة عكست توازناً غير مسبوق، خاصة وأنه أكد أنه لا يريد جر الغرب إلى حرب جديدة، بل يفضل التعامل مع الأزمة الراهنة عبر الضغوط الاقتصادية، حتى في حال استمرار إطلاق النار.

وأردف أن الرئيس الأمريكي يواجه ضغوطاً داخلية هائلة من أوساط سياسية وعسكرية تدفع نحو التصعيد، إلا أنه ظل متمسكاً بخيار السلام. 

وأشار إلى أن اللقاء المباشر بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا كان محطة مهمة، إذ سمح غياب الوسطاء بفهم أوضح لمواقف الجانبين. وخلاله، شدد بوتين على أن التنازل عن الموقف الروسي لن يحل الأزمة بل سيؤجلها.

وأكد بوتين أن بلاده لن تكرر تجربة "مينسك الأولى والثانية" وأن تحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة هو السبيل الوحيد لإحلال سلام حقيقي.

ووفق حاجم فإن ترامب أظهر تفهماً واضحاً للطرح الروسي خلال اللقاء، مستوعباً منطق موسكو في رفض "الحلول الزائفة" أو المفاوضات الشكلية. 

أخبار ذات علاقة

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

بوتين يتعهد بمواصلة القتال في أوكرانيا حال عدم التوصل لاتفاق سلام

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC