مفوض الأونروا: الوضع الإنساني في قطاع غزة في غاية السوء
ًيلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قادة أوروبيين في العاصمة الفرنسية، غدا الخميس، في خضم جهود دبلوماسية مكثفة تهدف إلى بحث فرص التوصل إلى تسوية محتملة بين موسكو وكييف، وسط تصاعد الضغوط الميدانية والسياسية المرتبطة بالحرب.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فإن الاجتماع سيخصص لبحث ملف الضمانات الأمنية التي تطالب بها كييف قبل أي اتفاق سلام محتمل مع روسيا، في محاولة لدفع المسار السياسي إلى الأمام في ظل اتهامات أوكرانية لموسكو بالمماطلة في المفاوضات.
وعلى وقع اللقاء المترقب، حذرت موسكو من أن أي مقترحات غربية حول الضمانات الأمنية لأوكرانيا قد تؤدي إلى تصعيد أخطر في الصراع بين روسيا والغرب.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن تلك المقترحات تسعى إلى تحويل أوكرانيا إلى "مصدر استفزازات استراتيجية" على الحدود الروسية، مشددة على أن أي ضمانات أمنية يجب أن تأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية لموسكو.
واعتبرت زاخاروفا أن الطروحات الأوروبية الراهنة تهدف فقط إلى كبح روسيا وزيادة حدة التوتر.
وفي السياق ذاته، شددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس على أن الدعم العسكري يبقى "حاسمًا" في هذه المرحلة، لافتة إلى أن موسكو ترد على جهود السلام بمزيد من الهجمات الصاروخية، وكان آخرها استهداف كييف الأسبوع الماضي.
وكشفت كالاس أن الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء قدموا أكثر من 63 مليار يورو من المساعدات العسكرية لأوكرانيا منذ اندلاع الحرب، إضافة إلى 25 مليار يورو أخرى مخصصة لعام 2025، مشيرة إلى أن هناك التزامات جديدة أعلن عنها بعض الشركاء الأوروبيين خلال الأيام الماضية.
وبينما يتابع المراقبون ما قد يسفر عنه اجتماع باريس، يبقى السؤال المطروح: هل يضع هذا اللقاء اللمسات الأخيرة على ملف الضمانات الأمنية التي تتمسك بها كييف قبل أي تسوية محتملة مع موسكو؟
الدكتور محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، يرى أن العواصم الأوروبية باتت في حالة من الضياع السياسي، خاصةً أنها لم تعد قادرة على بلورة موقف واضح تجاه استمرار الحرب أو مستقبلها.
وأشار في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن واشنطن في عهد الرئيس دونالد ترامب بدأت تطرح بدائل استراتيجية جديدة، جرى التباحث بشأنها في اجتماعات عُقدت في ألاسكا، تتعلق بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام شامل بين روسيا وأوكرانيا.
وأضاف: تضمن هذا الطرح مقترحات لإنشاء "منطقة عازلة" داخل الأراضي الأوكرانية، بما يُعد تلميحًا واضحًا للاعتراف بسيطرة موسكو على المناطق التي استولت عليها خلال الحرب.
وبين الأفندي أن غياب البوصلة الغربية انعكس بشكل مباشر على تحركات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي كثف لقاءاته مع القادة الأوروبيين في باريس ولندن وواشنطن، لكنه لم يخرج بأي نتائج عملية، بسبب غياب التوافق الغربي الداخلي.
وذكر أن الأوروبيين طرحوا مبادرات تتعلق بـ "الضمانات الأمنية" ولكنها بدت خطوات يائسة لإثبات الحضور في الملف، في حين أن ما جرى التوصل إليه خلال مباحثات ألاسكا كان أوضح.
وشدد على أن أي ضمانات أمنية يجب أن تكون متبادلة بين الطرفين، وتُعتمد ضمن اتفاق سلام شامل يسجل لاحقًا في مجلس الأمن الدولي، بمشاركة قوى كبرى بينها روسيا والصين، مع إمكانية نشر قوات فاصلة لضمان التنفيذ.
وأكد الأفندي أن الأوروبيين يعيشون اليوم ما وصفه بـ"الهستيريا السياسية" نتيجة إدراكهم عجزهم عن مواصلة الحرب في أوكرانيا من دون دعم مباشر من الولايات المتحدة.
واعتبر أن محاولاتهم للتدخل في الملف تبدو يائسة وفاشلة، مشددًا على أن موسكو لن تقبل بأي ترتيبات أمنية أو حلول سياسية لا تأتي عبر اتفاق مباشر مع واشنطن وتحت مظلة مجلس الأمن الدولي.
ومن جهته أكد كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، أن الصراع الروسي الأوكراني دخل مرحلة معقدة للغاية، مع تصاعد التناقضات السياسية والعسكرية بين طرفي النزاع، خاصةً أن التدخل الأوروبي في الملف لم يسهم في الحل، بل زاد الأمور تعقيدًا، خصوصًا مع تبني بعض قادة أوروبا مواقف عدوانية لم تفضِ إلى نتائج ملموسة.
وأشار حميد، في تصريحاته لـ"إرم نيوز"، إلى أن الاجتماع المرتقب في باريس بمشاركة قادة الدول الحليفة لكييف ضمن ما يعرف بـ "تحالف الراغبين"، لن يتجاوز كونه عرضًا سياسيًا يراد منه إظهار وحدة الصف الأوروبي في مواجهة موسكو، في وقت تحقق فيه القوات الروسية تقدمًا ميدانيًا على أكثر من جبهة.
وأضاف أن موسكو مرشحة خلال الأسابيع المقبلة لاستكمال إنشاء منطقة عازلة داخل الأراضي الأوكرانية، فيما لا يحقق الجانب الأوكراني أي إنجازات ميدانية حقيقية.
وتطرق حميد إلى تصريحات الرئيس الأوكراني زيلينسكي عقب لقائه الرئيس الأمريكي ترامب في 19 أغسطس الماضي بالبيت الأبيض، حين أعلن أن مشروع "الضمانات الأمنية" سيُنجز خلال عشرة أيام.
وأوضح حميد أن هذه المهلة انتهت من دون أي نتائج عملية، ما يكشف أن المشروع لا يستهدف حفظ السلام بقدر ما يمهد الطريق لانتشار عسكري أوروبي داخل الأراضي الأوكرانية.
وشدد على أن بوتين لن يتراجع بسهولة عن أهدافه، خاصة في ما يتعلق بالسيطرة على أجزاء من الشرق الأوكراني، ولا سيما إقليم لوغانسك، معتبرًا أن هذا الموقف يتيح للدول الأوروبية ذريعة لتمرير صفقات ثنائية، عبر التذرع برفض بوتين للمطالب الغربية، وهو ما يسمح لها بتبرير تدخلها المباشر في الصراع مع تقليل كلفة الرد الروسي على كل دولة بمفردها.
ورأى حميد أن مشروع "قوة حفظ السلام" لتحالف الراغبين ليس سوى مقدمة لمرحلة جديدة من الحروب الشاملة، تُستخدم فيها أوكرانيا أداة لتصفية حسابات جيوسياسية أوسع، مشيرًا إلى أن بعض القادة الأوروبيين، وفي مقدمتهم أورسولا فون دير لاين، يسرعون في هذا المسار هروبًا من أزماتهم الداخلية ومحاولة لتصديرها إلى الخارج، ولو على حساب استقرار النظام الدولي.
وأوضح حميد أن استمرار النزاع يعكس غياب أي نية حقيقية لدى الأطراف الفاعلة لإنهاء الحرب، حيث يواصل الجميع تغذية الصراع لإبقائه مشتعلاً، خاصةً أن لندن وباريس لا تملكان خطة عملية لنشر قوة تحالف الراغبين، بل لكل منهما أجندة وطنية خاصة تسعى إلى توظيف التدخل العسكري بما يخدم مصالحها المباشرة.
وأشار إلى أن بعض الدول الأوروبية تريد حصر الحرب داخل أوكرانيا، بينما تسعى دول أخرى إلى توسيع رقعتها الجغرافية داخل أوروبا، كما تفعل بريطانيا التي تحاول استعادة نفوذها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وأكد حميد أن أوروبا التي تعاني من تهديدات موسكو المستمرة باستخدام سلاح الطاقة، ستدخل قريبًا مرحلة تفكك معنوي نتيجة السياسات الأمريكية، حيث تعمل واشنطن على إعادة تشكيل الاتحاد الأوروبي من الخارج.