تتابع الصين الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن كثب، ليس لتحديد المرشح الذي سيفيدها، بل لتقييم أي منهما سيشكل التحدي الأكبر، لاسيما مع تصاعد التوترات بين القوتين العظميين، حيث ترى القيادة الصينية أن نتيجة الانتخابات الأمريكية ستكون حاسمة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإنه رغم أن الصين لا تجري انتخابات، بيد أنها تعتبر الديناميكيات السياسية في الولايات المتحدة محورية لمصالحها، خصوصاً في ظل التنافس الاقتصادي والجيوسياسي المتزايد بين البلدين.
وأوضح التقرير أنه من منظور بكين، لم تركز الحملة الانتخابية الأمريكية بشكل كبير على الصين حتى الآن، حيث تركزت المناقشات بشكل أساسي على القضايا الداخلية مثل الهجرة وأزمات الشرق الأوسط.
وأكد خبراء في السياسة الخارجية الصينية، أن الإجراءات ضد الصين تظل نقطة توافق نادرة بين الديمقراطيين والجمهوريين في واشنطن، حيث استمر الرئيس جو بايدن في فرض الرسوم الجمركية التي فرضها سلفه دونالد ترامب، وهو ما لم يغفله المسؤولون في الصين.
ويتوقع العديد من المحللين في الصين أن تزداد حدة التوترات الاقتصادية بصرف النظر عن الفائز في الانتخابات.
وبحسب التقرير، توجد مدرستان فكريتان رئيسيتان في الصين حول النتائج المحتملة للانتخابات الأمريكية. يرى البعض أن دونالد ترامب سيشكل التهديد الاقتصادي الأكبر، لا سيما أنه اقترح بالفعل رفع الرسوم الجمركية إلى 60 بالمئة على جميع الصادرات الصينية، ما سيلحق ضررًا كبيرًا بالناتج المحلي الإجمالي وسوق العمل الصيني.
كما يشكل عدم القدرة على التنبؤ بقرارات ترامب مصدر قلق كبير للصين. فمع تصاعد نفوذ الصين عالميًا، مثل تعزيز وجودها العسكري في بحر الصين الجنوبي، لعبت الولايات المتحدة دور المراقب الحذر، لكن رئاسة ترامب، بما تحمله من قرارات غير متوقعة، قد تدفع الصين لاتخاذ موقف دفاعي.
ووفق تقرير "لوموند"، يخشى بعض الخبراء الصينيين أن تواصل كامالا هاريس النهج الحازم لبايدن تجاه الصين، لا سيما فيما يتعلق بتايوان، حيث عززت إدارة بايدن العلاقات العسكرية مع حلفاء مثل الفلبين وأكدت مرارًا دعمها لتايوان.
وتستمر إدارة هاريس في الضغط على حلف شمال الأطلسي (الناتو) لاعتبار الصين تهديدًا إستراتيجيًا، ما يعمق عزلة بكين.
ومع ذلك، أثار ترامب بعض الأمل في بكين بتصريحاته حول تايوان، إذ قلل من أهمية الدعم الأمريكي لتايوان، مشيرًا إلى أنه يجب على تايوان دفع ثمن دفاعها.
وتجد هذه التصريحات صدى لدى القيادة الصينية، وتشير إلى احتمال تخفيف العلاقات الأمريكية-التايوانية في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
وأكد التقرير أنه على الرغم من عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب، تستكشف الصين نقاط ضغط محتملة مثل العلاقات التجارية بين الشركات الأمريكية والصينية، بما في ذلك تيسلا، لكن بكين ليست متفائلة بإحداث تغيير جذري في السياسة الأمريكية، حيث يبدو أن التوافق الحزبي حول رؤية الصين كمنافس إستراتيجي أصبح ثابتًا.
وخلص التقرير إلى أنه مع اقتراب انتخابات 2024، ستستمر الصين في تقييم المخاطر والفرص التي يمثلها كل من المرشحين.