تتصاعد في فرنسا موجة من الغضب الشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي، تجسدت في ظاهرة "نحن نيكولا"، التي أثارت قلق الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومته، فيما يرى محللون أنها أحد أعراض انهيار النظام السياسي في البلاد.
وهذه الظاهرة، التي بدأت كميم فيروسي، تعكس إحباط جيل الألفية من الطبقة المتوسطة الحضرية، الذين يشعرون بأنهم مثقلون بالضرائب لتمويل نظام الإعانات الاجتماعية والمعاشات التقاعدية، وفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية.
و"نيكولا"، وهو شخصية خيالية، يمثل الشاب المتعلم الذي يعمل بجد ولكنه بالكاد يتمكن من تغطية نفقاته بسبب الضرائب الباهظة. هذا الشعور بالظلم لاقى صدى واسعًا، حيث عبر أكثر من 500 ألف شخص عن تعاطفهم عبر منصة X، مما يعكس عمق الأزمة.
بدأت هذه الحركة بشعار "نيكولا هو من يدفع الفاتورة" عام 2020، لكنها اكتسبت زخماً هذا العام، مع استهدافها لشرائح اجتماعية مثل "برنارد وشانتال"، وهما اسمان رمزيان للمتقاعدين في السبعينيات الذين يتمتعون بمعاشات تقاعدية مريحة، و"كريم"، المهاجر الذي يزعم أن الطبقة المتوسطة تمول حياته.
هذه الصور النمطية أثارت جدلًا، حيث يرى البعض أنها تروج لخطاب شعبوي يميني، بينما يعتبرها آخرون تعبيراً عن إحباط مشروع، فيما عززت الزيادات الضريبية المقترحة من رئيس الوزراء فرانسوا بايرو، الذي يقود حكومة أقلية، من قوة هذه الظاهرة.
واستقطبت الحركة مؤخراً دعم سياسيين محافظين مثل برونو ريتيلو، زعيم حزب الجمهوريين، الذي حذر من أن "نيكولا سيدفع الثمن" إذا لم تتغير الميزانية. كما أشاد جوناس حداد، نائب رئيس منطقة نورماندي، بالحركة، واصفاً إياها بـ"دعوة للتجمع" لجيل يشعر بأنه "يُنهب".
ويعكس هذا الغضب انقساماً سياسياً متزايداً، حيث يرى المحللون أن ظاهرة "نيكولا" وحركة "منع كل شيء"، التي تدعو للاحتجاجات الجماهيرية في 10 سبتمبر، هما أعراض انهيار النظام السياسي التقليدي في فرنسا.
وحركة "منع كل شيء"، التي تستمد إلهامها من انتفاضة السترات الصفراء عام 2018، تتبنى نهجاً أكثر راديكالية، وتدعو إلى العصيان المدني، مما أثار قلق أجهزة المخابرات الفرنسية.
في المقابل، يحرص حساب NicolasQuiPaie على X، الذي يقود ظاهرة "نيكولا" بأكثر من 70 ألف متابع، على تقديم نفسه كغير سياسي، رغم إعجابه بسياسات الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي الليبرالية.
هذا الحساب يستخدم الفكاهة لإبراز معاناة جيل الألفية، لكنه يواجه انتقادات من اليسار، حيث وصفه غاسبار غانتزر، مستشار سابق للرئيس هولاند، بأنه "حصان طروادة" لترويج سياسات هوية رجعية.
يرى المحللون، مثل جيروم فوركيه من معهد إيفوب، أن هاتين الحركتين تعكسان غضباً عميقاً في المجتمع الفرنسي، نابعًا من انهيار الأحزاب التقليدية وصعود كتل اليسار الراديكالي واليمين الشعبوي.
وبينما يركز "نيكولا" على قضايا الضرائب والإعانات، تعبر حركة "منع كل شيء" عن استياء أوسع، مما يجعل هذه الظواهر مؤشرات على أزمة اجتماعية وسياسية متفاقمة تهدد استقرار فرنسا.