"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
رفعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكافأة على رأس الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى 50 مليون دولار، متهمةً إياه بزعامة كارتل مخدرات مرتبط بجماعات إرهابية عابرة للحدود.
ومع إرسال سفن حربية ومشاة بحرية إلى سواحل فنزويلا، بدا أن البيت الأبيض يُمهّد الطريق لمواجهة عسكرية مباشرة قد تُشعل نصف الكرة الغربي، وفق مجلة "فورين بوليسي".
لم تكن فكرة تغيير النظام في فنزويلا جديدة؛ فقد دعمت واشنطن محاولة خوان غوايدو عام 2019 قبل أن تتراجع خشية حرب شاملة؛ لكن مع الولاية الثانية لترامب، عادت الفكرة إلى الواجهة مدفوعةً بأزمة الهجرة الفنزويلية التي أثقلت كاهل الولايات المتحدة.
المفارقة أن هذه الأزمة تفاقمت بفعل العقوبات النفطية التي فرضتها إدارة ترامب الأولى؛ ما جعل الهجرة نفسها وقودا لعودة التشدد الأمريكي تجاه كاراكاس.
روبيو.. صقر لاتيني يُمسك بزمام الملفات
يقود ماركو روبيو، وزير الخارجية الجديد ومستشار الأمن القومي، الدفة في ملف فنزويلا، من موقعه كسيناتور عن ولاية فلوريدا ذات الكثافة اللاتينية، جعل روبيو من إسقاط مادورو مهمة شخصية.
ومع تعيينه في أعلى المناصب الدبلوماسية والأمنية منذ كيسنجر، تضاعفت احتمالات التصعيد؛ ورفضه لأي مسار تفاوضي مع كاراكاس، حتى عندما أبدى مادورو مرونة عبر إطلاق رهائن أمريكيين، يكشف أن الخيار العسكري بات أقرب إلى الطاولة.
إصرار إدارة ترامب على الجمع بين تغيير النظام وسياسات الترحيل الجماعي للفنزويليين خلق معضلة أخلاقية وسياسية، فقد نُقل مهاجرون فنزويليون إلى سجن سلفادوري سيئ السمعة، حيث أفادت تقارير عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وبالمفارقة، استغل مادورو هذه الوقائع ليصوّر نفسه مدافعًا عن مواطنيه في مواجهة الولايات المتحدة؛ ما أضعف مصداقية المعارضة الفنزويلية وربطها بالاستغلال الأمريكي.
تواجه خطة ترامب لعزل مادورو جدارا لاتينيا صلبا؛ فالبرازيل وكولومبيا والمكسيك، قادة الجهود الإقليمية السابقة، ترفض التدخل الأمريكي المباشر.
كما أن عداء روبيو العلني للرئيس الكولومبي بيترو وتوتر العلاقات التجارية مع البرازيل يعقدان الموقف؛ النتيجة: عزلة دبلوماسية تُقيد أي محاولة أمريكية لحشد دعم إقليمي لتدخل عسكري.
ورغم التفوق العسكري الأمريكي، فإن فنزويلا ليست بنما عام 1989. فعدد سكانها أكبر، وجيشها أكثر استعدادا، وصناعة النفط فيها تُعد شريانا استراتيجيا للاقتصاد العالمي.
وستطرح أي عملية لإطاحة مادورو، أسئلة معقدة: من يدير كاراكاس؟ من يسيطر على حقول النفط؟ وما مصير قوات الأمن الفنزويلية إذا تم استبعادها؟ الأسوأ أن استمرار الفوضى سيعني موجات هجرة جديدة مباشرة نحو الحدود الأمريكية.
لا تزال التجربة الأمريكية في العراق وليبيا وأفغانستان حاضرة؛ فإن التدخل العسكري في فنزويلا، كما يرى محللون، سيكون نسخة كاريبية من حروب تغيير النظام الفاشلة، لكن هذه المرة على مقربة من تكساس.
يبقى السؤال: هل ستنجح أصوات داخل الكونغرس ودول أمريكا اللاتينية في كبح جماح البيت الأبيض؟ أم أن إدارة ترامب الثانية ستندفع نحو مواجهة غير محسوبة العواقب؟
الواضح أن فنزويلا تحولت من أزمة داخلية إلى اختبار استراتيجي عالمي، قد يحدد مستقبل الدور الأمريكي في نصف الكرة الغربي.