تتجه مانيلا بسرعة نحو نيودلهي لتأمين ما تحتاجه من صواريخ متقدمة ورخيصة نسبيًّا، في محاولة واضحة لإعادة بناء قدراتها الدفاعية البحرية والجوية والبرية أمام تصاعد النفوذ الصيني.
قرار الفلبين تحويل جزء مهم من مشترياتها إلى الهند ضمن برنامج «إعادة الأفق 3» الضخم، ليس مجرد تبادل تجاري، بل خطوة إستراتيجية تعيد تعريف شبكة التحالفات الإقليمية وتضع نيودلهي كلاعب توريدي وممَوِّل وشريك تقني طويل الأمد.
ترجمة العلاقات الدبلوماسية إلى اتفاقات عسكرية ملموسة هي محرك واضح في القرار الفلبيني؛ حيث إن رفع مستوى العلاقات إلى «شراكة إستراتيجية» في أغسطس/آب 2025 جاء متزامنًا مع رغبة مانيلا في تنويع مصادر سلاحها وتقليل الاعتماد على واشنطن، بحسب صحيفة "آسيا تايمز".
وتجذب الهند الفلبين لعدة أسباب عملية، منها أسعار تنافسية، قروض ميسرة لتمويل الصفقات، واستعداد لنقل التكنولوجيا وبناء شراكات طويلة الأمد لصناعة دفاع محلية نمتلكها.
كما تُبرز التصريحات العلنية لقيادة القوات المسلحة الفلبينية بإصرارها على «أسلحة عالية الجودة لكنها ليست باهظة الثمن» موقفًا واضحًا: تلحّظ مانيلا المعادلة بين القدرة والقدرة على الدفع، وترى في نيودلهي شريكًا يوازنها.
تُعدّ أنظمة، مثل: براهموس حجر الزاوية في استجابة الفلبين لتهديدات بحرية داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة: مدى كافيا لاستهداف نقاط حاسمة في مناطق متنازع عليها (مثل سكاربورو شول)، وحركية على منصات متنقلة تزيد فرص البقاء والتكتيك.
كما أن احتمال إدخال أنظمة أرض-جو مثل «أكاش» يعزز القدرة على البقاء ضد القوة الجوية المتنامية في المنطقة؛ وكذلك الاهتمام أيضاً بصاروخ «برالاي» التكتيكي أرض‑أرض يعكس توجهًا لتوسيع القدرات الضاربة ضد أهداف برية إستراتيجية (رادارات، مراكز قيادة، وومطارات) مع قيود مرضية لمدى التصدير (290 كلم) مراعاةً لالتزامات الرصد التقنية الدولية (MTCR).
سيُسهِّل توحيد النوعية خصوصًا مع تشغيل البحرية بالفعل لصواريخ براهموس التدريب واللوجستيات والصيانة ويخفض فترات التعلم التشغيلية.
رغم التوافق التشغيلي والجاذبية السعرية، تواجه مانيلا قيودًا حقيقية؛ حيث إن المخزون الحالي متواضع وغير موزع بشكل إستراتيجي عبر الفروع: ثلاث بطاريات Spyder‑MR للقوات الجوية، ثلاث بطاريات براهموس بحرية، بالإضافة لصواريخ سي‑ستار، وميسترال 3، وسبايك، كلها لا تكفي لتغطية الأرخبيل ومواقع الانتشار الحيوية.
تعقَّدت الأمور بتعليق عقود من مصادر أخرى (إسرائيلية) وإلغاء صفقات روسية، وارتفاع تكلفة أنظمة غربية مثل باتريوت.
ومن جهة التمويل، الفجوة واضحة: موافقة الكونغرس على 40 مليار بيزو (700 مليون دولار) لبرنامج تحديث 2026 تُعتبر نقطة بداية ضئيلة مقارنة بطلبات باهظة الثمن؛ لذا تبقى الحاجة إلى قروض ميسرة، جدول تنفيذ طويل، واختيار إستراتيجي لأنظمة تحقق أقصى قيمة مقابل الكلفة.
في النهاية، على مخططي الدفاع الفلبينيين موازنة التهديدات الوطنية، القيود المالية، والأهداف التشغيلية طويلة المدى عند انتقاء أنظمة تُغيّر ميزان الردع فعلاً ولا تثقل كاهل الميزانية.
إن تحوّل مانيلا إلى نيودلهي موردًا رئيسيًا للصواريخ هو تطور إستراتيجي بالغ الدلالة، يعزز قدرات الردع الفلبينية ويُعيد تشكيل الخيارات الإقليمية، لكنه يبقى قرارًا محكومًا برصيدٍ مالي واستراتيجية توزيع قادرة على تحويل هذه المشتريات من رموز قوة إلى أجهزة ردع فعّالة على أرض الواقع.