توقع خبراء أن يتحول تحريض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، للإيرانيين لرص الصفوف ضد ما وصفه بـ"النظام الشرير" في طهران، إلى ورقة ضده تحمل تكاتفًا من جانب أوساط إيرانية في الداخل حتى لو كانت مختلفة مع النظام.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن دعوات نتنياهو للداخل الإيراني قد تأتي بأهداف عكس التي يرجوها، ولا سيما عندما يرى الإيرانيون أنَّ هذا التحريض قادمٌ ممن استهدف المواطنين في مواقع مدنية خلال الضربات الإسرائيلية على المدن الإيرانية، وأن الغارات القادمة من تل أبيب ليست تجاه المواقع النووية والعسكرية أو قيادات النظام فقط ولكن ضد المواطنين أيضًا.
وبيّنوا أن هدف تل أبيب المضي في مشروع إسقاط النظام الإيراني، وهو ما وضح من أن التحرك لن يكون مقتصرًا على تحييد المشروع النووي الإيراني ولكن استهدافات للمدنيين في جغرافيا إيران من أجل خروج الشارع على النظام السياسي وحكومته وإسقاطه، وهو طموح إسرائيلي بالدرجة الأولى.
وحضَّ بنيامين نتنياهو، مؤخرًا، في كلمة وجهها إلى الشعب الإيراني بعد تنفيذ إسرائيل ضربات على طهران، على رص الصفوف ضد من وصفه بـ"النظام القمعي والشرير"، مضيفًا في كلمة مصورة بعد قصف إسرائيل أكثر من 200 موقع عسكري ونووي: "حان الوقت لكي يتوحد الشعب الإيراني حول عَلمه وإرثه التاريخي، بالانتفاض من أجل التحرّر من النظام القمعي والشرير"، واستكمل بالقول: "أنا والشعب الإسرائيلي معكم".
"عمل مستفز"
ويقول الخبير في العلاقات الدولية، الدكتور أحمد الياسري، إن تحريض نتنياهو للشعب الإيراني ليس الأول من نوعه، حيث تكرر ذلك مع ضربات ومواجهات سابقة، لافتًا إلى أن هذا التحريض يقابله حاليًّا في طهران محاولات تنظيم للجبهة الشعبية الداخلية من جانب المسؤولين ولا سيما أن الاستهدافات الإسرائيلية طالت مواقع مدنية وبُنى تحتية يستخدمها المواطنون الإيرانيون في حياتهم اليومية وليس فقط مواقع عسكرية ونووية، وهو ما يعتبر مستفزًّا للشارع.
وأوضح الياسري في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن ما يقوم به نتنياهو من تحريض بشكل كبير لصالح الحكومة الإيرانية؛ لأن ذلك يتم وضعه في صورة الخطر الذي يهدد البلاد، ما يجعل من يختلفون مع المسؤولين في حالة تكاتف ضد الضربات، خاصة أن هناك مَنْ غيّر مواقفه من الحكومة على أثر تغيرات في منهج التعامل مع المدنيين فيما يتعلق ببعض أشكال الحريات، بالإضافة إلى أن الحكومة ظهرت بوضوح أمام الشارع على أنها تعمل على التفاوض لرفع العقوبات التي يعاني منها الداخل.
تقسيم الجبهة الداخلية
وأشار الياسري إلى أن حديث نتنياهو بهذا التحريض لن يكون حاضرًا لو استطاع أن ينهي النظام بضربة "الأسد الصاعد" وأن يفرض شروطه التي من أجلها قام بالعملية العسكرية التي انطلقت فجر الجمعة وما زالت مستمرة بمواجهة متبادلة.
واستطرد الياسري، أن الإيرانيين حدث لديهم خرق كبير لم يحدث منذ الحرب العراقية، واستوعبوا الصدمة وردوا بشكل مباشر، ونتنياهو يحاول خلق نوع من المضادات بين النظام الايراني وقواعده، في محاولة لتقسيم الجبهة الداخلية.
طموح إسرائيل
ويؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، الدكتور نزار نزال، أن منذ بداية استهداف إسرائيل للجغرافيا الإيرانية، كان الأمر واضحًا للغاية بالعمل الإسرائيلي على استهداف إسقاط النظام الإيراني من خلال ضرب رأس المؤسسة العسكرية واغتيال بعض علماء الذرة واستهداف منصات الصواريخ والتجمعات الصاروخية أو الأماكن التي يتم تجميع المعدات العسكرية فيها.
وأضاف نزال في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن افتتاحية الصحف وتصريحات الساسة في إسرائيل على أن الضربة التي وجهت لإيران ليست سوى البداية، وأن هدف تل أبيب إسقاط الدولة الإيرانية والمضي في مشروع إسقاط النظام، وأن التحرك لن يكون مقتصرًا على تحييد المشروع النووي الإيراني علمًا أن إسرائيل تعلم تمامًا أنها لن تستطيع ذلك لوجود إمكانيات هذا المشروع في باطن الأرض على عمق عشرات الأمتار ومن المستبعد أن تستطيع تل أبيب الوصول إلى هذه البنية التحتية المخبأة.
وبين نزال أن حديث نتنياهو مخاطبًا الشعب الإيراني بضرورة التمرد على النظام في طهران وإسقاط الدولة يأتي ضمن طموح إسرائيل التي تضغط كثيرًا على المجتمع الإيراني من خلال استهدافات في جغرافيا إيران من أجل خروج الشارع على النظام السياسي وحكومته وإسقاطه، وإسرائيل لديها هذا الطموح.
ويعتقد نزال أن المواجهة الحقيقية لم تبدأ بعد، يبدو أن تل أبيب ستستمر في العمليات العسكرية وأن الإيرانيين ذاهبون إلى توسيع نطاق ضرباتهم وتكثيف الصواريخ الفرط صوتية على إسرائيل.
وتابع نزال بالقول، إن إسرائيل لم تعتَد على هذا الدمار في تل أبيب وحيفا وبعض المناطق وسط ما يذهب من تقارير عن استهداف قواعد ومواقع عسكرية وازنة وثقيلة داخلها، في وقت يعتبر خروج طهران عن الخط الذي رُسم لها في المرحلة الماضية دفع الإسرائيليين والأمريكيين إلى استهداف جغرافيا إيران والتخطيط إلى تغيير النظام السياسي وإسقاط الدولة.