أثار قرار وزارة الداخلية الفرنسية بتشجيع المحافظين على إعادة النظر في تصاريح إقامة أهالي القُصَّر الأجانب المُدانين بجرائم، موجةً من الجدل القانوني والاجتماعي.
وبينما تسعى فرنسا لتعزيز الأمن ومكافحة الجريمة، يتساءل الخبراء عمَّا إذا كانت هذه الخطوة ستؤدي إلى تحقيق الاستقرار، أم أنها ستُفاقم مشكلات الفقر والهشاشة الاجتماعية.
بعد توقيف شباب متهمين بإحراق سيارات ليلة رأس السنة في ستراسبورغ، دعت وزارة الداخلية الفرنسية، في تقرير موجه إلى المحافظين، إلى إعادة النظر في تصاريح إقامة أهالي القُصَّر الأجانب المُدانين.
وبحسب إذاعة "إر.إم.سي" الفرنسية، جاءت هذه الدعوة عقب إرسال محافظ منطقة باس-رين رسائل إلى عائلات القُصَّر المسؤولين عن إحراق السيارات واستخدام الألعاب النارية.
وفقًا لموقع الخدمة العامة الفرنسي، يمكن سحب تصريح الإقامة من الأجنبي إذا لم يعد يستوفي شروط منحه أو ارتكب جرائم معينة، كما ينص القانون المدني الفرنسي على أن الوالدين يتحملان المسؤولية المدنية عن أفعال أطفالهما حتى بلوغهم سن الرشد.
ويرى المحامي فرانسوا سينياليه-موهورات، المتخصص في قانون الأجانب، أن هذه الإجراءات ليست جديدة، بل شهدت تزايدًا في السنوات الأخيرة، ويقول:
"حتى الآن، كان الأمر مجرد تهديد بعقوبات تجاه العائلات الأجنبية، لكن أخشى أن تتحول هذه التهديدات إلى قرارات فعلية بسحب تصاريح الإقامة، ما قد يُجبر الأهالي على مغادرة فرنسا بموجب قرارات الإبعاد".
ويحذّر المحامي التولوزي من أن سحب تصاريح الإقامة من الأهالي قد يؤدي إلى زيادة معدلات الفقر، حيث سيفقدون حق العمل وجميع الحقوق القانونية، ويضيف:
"هذه الخطوة لن تساعد على الحد من الجريمة، بل ستزيد من معاناة العائلات، وتضعها في ظروف أكثر هشاشة".
ويؤكد أن الحل يكمن في محاسبة القُصَّر وفقًا للقانون، مشيرًا إلى أن النظام القضائي الفرنسي يسمح بمعاقبة الأحداث بدءًا من سن 13 عامًا.
يشير المحامي إلى وجود إجراءات اجتماعية لحماية القُصَّر الذين يواجهون صعوبات، وتقديم الدعم لأسرهم. في عام 2023، أصدر قضاة الأحداث 181,500 قرار جديد، ليصل إجمالي الإجراءات المماثلة إلى 302,800 قرار.
بينما تسعى السلطات الفرنسية لاتخاذ تدابير أكثر صرامةً لمكافحة الجريمة، يبقى التساؤل قائمًا: هل يمكن لتشديد العقوبات ضد العائلات أن يؤدي إلى تحسين الوضع الأمني؟ أم أنه سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية؟