ذكر خبراء في العلاقات الدولية والشؤون الإيرانية، مجموعة من الأوراق والأدوات التي تستطيع إيران استخدامها في التفاوض المباشر المنتظر مع الولايات المتحدة، مشيرين إلى أن واشنطن لن تجعل الملف النووي ورقة نهائيا في التفاوض؛ لأن هذا الشأن أمره محسوم بإيقافه نهائيا، وأنه محور الأزمة في الأساس.
ومن بين أوراق طهران في التفاوض المباشر مع واشنطن بحسب الخبراء لـ"إرم نيوز"، تضحية إيران بأذرعها في المنطقة، وأن تقدم نفسها على أن تكون جسر تواصل بين الولايات المتحدة وأفغانستان لاحقا.
وكان ترامب أعلن أن الولايات المتحدة وإيران تجريان مفاوضات مباشرة، مشيرا إلى أن بلاده تفضل حل قضية تطوير البرنامج النووي الإيراني من خلال المفاوضات، وأنه سيكون هناك اجتماع كبير يوم السبت المقبل على أعلى مستوى تقريبا، وأنه يفضل الاتفاق مع إيران بدلا من عكس ذلك.
وفي الوقت ذاته، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن بلاده تريد الحوار من موقف متكافئ وألا يتم تهديدها من جهة ومطالبتها بالتفاوض من جهة أخرى، لافتا إلى أن سلوك الولايات المتحدة تجاه بلاده، يتناقض مع طلبها التفاوض.
يقول الخبير في العلاقات الدولية الدكتور محمد المذحجي، إن هناك أوراقا تمتلكها إيران وأخرى من الممكن أن تقوم بتطويعها للظهور بالتواجد فيها، مشيرا إلى أن تضحية طهران بأذرعها في المنطقة هي الورقة التي تمتلكها خلال التفاوض.
وبين "المذحجي" في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن هناك بوادر سابقة تستمر حول ذلك بتعاون غير مباشر من جانب إيران مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بملف حزب الله على الرغم من إظهارها دعم الميليشيا اللبنانية لكنها ساعدت واشنطن على القضاء على جانب كبير من قدرات التنظيم اللبناني، وهناك قادة بـ"الحشد الشعبي" أكدوا أن هناك من هم داخل إيران، ساعدوا أمريكا حتى في تصفية الأمين العام السابق لحزب الله، حسن نصر الله.
وأردف "المذحجي" أن التعاون الإيراني الأمريكي واضح في الساحة اليمنية بالأونة الأخيرة، حيث تقوم طهران بتزويد واشنطن بإحداثيات لضرب الحوثيين وسط توقعات باستمرار هذا النوع من التعاون خلال المفاوضات في العراق.
واستطرد "المذحجي" أن إيران ليس لديها خيارات بسبب أزمتها الاقتصادية والصراع الداخلي بين الحرس الثوري وحكومة مسعود بزشكيان وهي مرغمة على التوصل إلى استقرار في ملفاتها الخارجية خاصة مع الولايات المتحدة.
فيما يوضح الباحث في الشؤون الإيرانية بمركز ستاندرد للدراسات الإستراتيجية، فرهاد عمر، أن المفاوضات المباشرة تأتي في وقت سقطت فيه "ورقة التوت" على حد وصفه عن طهران بعد ما جرى لأذرعها وتحالفاتها في لبنان وسوريا واليمن والعراق في الطريق.
وبين "عمر" في حديث لـ"إرم نيوز"، أن أوراق القوة لطهران في المفاوضات تبدو معدومة وتقابلها ممارسات الضغط باليقظة الأمريكية لعدم إطالة الزمن في المباحثات، وهو ما أكد عليه مستشار الأمن القومي الأمريكي، بالتشديد على أن أي تفاوض يجب من خلاله وضع نهاية الملف النووي ثم الصواريخ الباليستية.
وتحدث "عمر" عن أن إيران في السابق عندما كانت تفاوض الغرب في فيينا كانت تضع على الطاولة الملف العراقي واليمني، أما الآن جاء الانسحاب من دعم "الحوثي" وانتهى وجودها في لبنان وسوريا وبات الخيار التماشي مع شروط ترامب في ظل الضغط الداخلي بعدم قدرة تحمل الحصار الاقتصادي.
ووصف "عمر" إيران بأنها مثل شخص مريض في غرفة الإنعاش ويحتاج إلى جهاز تنفس صناعي والموافقة على شروط ترامب لن تكون إلا إنعاشا ولن تستطيع استمرار الصمود.
بدوره، يؤكد الخبير الاستراتيجي راغب رمالي أن هناك أدوات "فعالة" تمتلكها إيران وأخرى "مستفزة" للرئيس الأمريكي مع عودة المفاوضات المباشرة وتأثير ذلك على ملفات إقليمية ودولية.
وأضاف "رمالي" في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الأدوات "المستفزة" هي "المماطلة" في آليات عقد الاجتماعات وشكل التمثيل وأوراق العمل التي سيكون حولها عراقيل عدة من طهران، فضلا عن العمل على إطالة الوقت في ظل أدوات أخرى سيعاد إنتاجها بالحديث عن تعرضها لضغوط وترهيب يمارس عليها من جانب إدارة ترامب خلال التفاوض.
وذكر "رمالي" أن واشنطن لن تجعل الملف النووي ورقة تفاوض لأن هذا الشأن أمره محسوم بإيقافه نهائيا، في ظل كونه محور الأزمة في الأساس، ومن ثم لا سماح بأن يكون بمنزلة ورقة أو حتى أداة مقايضة خلال التفاوض.