logo
العالم

"لسنا متسولين".. تايوان تُعيد صياغة نفسها وتهدد بانهيار التجارة الدولية

ممثل تايوان في واشنطن ألكسندر يوويالمصدر: فورين بوليسي

تحاول تايوان إعادة تعريف نفسها من مجرد ساحة صراع عسكري إلى ركيزة لا يمكن الاستغناء عنها للاقتصاد العالمي، محذّرة ترامب والصين على لسان ممثلها في واشنطن، ألكسندر يووي، بقوله "لسنا متسولين، ونحن أصلب من أن نُباع في أي صفقة"، مبينًا أن أي مساومة على مستقبلها ستشعل حرب الرقائق وتهدد النظام التجاري الدولي بأكمله.

وكشفت "فورين بوليسي"، أن الجزيرة الصغيرة، التي تحولت إلى محور الصراع الأمريكي–الصيني، تسعى لتقديم صورة جديدة: ليست عبئًا يحتاج إلى حماية ولا ورقة تفاوض يمكن بيعها في صفقات الكبار، بل ركيزة حيوية للاقتصاد العالمي وبالأخص في صناعة الرقائق التي باتت عصب النظام التجاري والتكنولوجي الدولي.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب

وقف أسلحة لتايبيه وصفقات مع بكين.. هل بدأ ترامب بـ"بيع" تايوان؟

الغموض الإستراتيجي 

قبل سنوات، ومع اقتراب انتهاء ولاية جو بايدن، كان ألكسندر يووي في بدايات عمله كممثل تايوان الفعلي في واشنطن، بينما كان الرئيس الأمريكي يكرر التزامه بالدفاع عن الجزيرة في حال تعرضت لهجوم صيني، في خروج واضح عن سياسة "الغموض الإستراتيجي" التقليدية، إلى جانب توقيعه على أكثر من عشر صفقات سلاح مع تايبيه.

اليوم، وبعد مرور ثمانية أشهر على ولاية ثانية لدونالد ترامب، تبدو الصورة مختلفة؛ البيت الأبيض اتخذ مواقف أكثر التباسًا، بدءًا من رفضه السماح لرئيس تايوان لاي تشينغ-تي بالمرور عبر نيويورك هذا العام، وصولًا إلى إلغاء لقاء كان مقررًا في واشنطن مع وزير الدفاع التايواني في يونيو.

تايوان في قلب الصفقة

وبحسب مصادر مطّلعة فإن التوتر بلغ ذروته عندما ذكرت تقارير أن ترامب رفض المصادقة على 400 مليون دولار من المساعدات العسكرية لتايوان في الأشهر الأخيرة؛ سعيًا لعقد صفقة تجارية مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، وفي مقابلة مع "فورين بوليسي"، قال يووي إن تايوان تتابع هذه المفاوضات عن كثب للتأكد من أنها ليست ورقة مقايضة على الطاولة.

لم يأتِ ذكر تايوان في البيانات الرسمية للاتصال بين ترامب وشي، لكن بكين كثفت في الفترة الأخيرة ضغوطها العسكرية والدبلوماسية. وزير الدفاع الصيني دونغ جون صرّح في منتدى أمني أن استعادة الجزيرة "جزء أساسي من النظام الدولي بعد الحرب".

ورغم ذلك، قلل يووي من المخاوف من أن تُترك تايوان بلا دعم أمريكي، مؤكدًا أن العلاقات الثنائية "قوية وقريبة"، وأن اللقاءات الدفاعية التي ألغيت "جرت لاحقًا في مكان آخر"، وأضاف أن جوهر الموقف الأمريكي لم يتغير.

التهديد الصيني، بحسب يووي، لا يقتصر على الجزيرة نفسها؛ فـ"أكثر من نصف التجارة العالمية تمر عبر مضيق تايوان، إلى جانب إنتاج أشباه الموصلات"، محذرًا من أن أي نزاع سيغلق الموانئ الصينية والتايوانية واليابانية والكورية؛ ما يعني شللًا للتجارة العالمية.

تعزيز الدفاع والاستثمار

ويرى الخبراء أن تايوان بدورها تحاول في المقابل طمأنة ترامب عبر أرقام كبيرة؛ فحكومة لاي التزمت برفع الإنفاق الدفاعي إلى 3% من الناتج المحلي، بينما يطالب ترامب بنسبة تصل إلى 10%، وباحتساب الإنفاق وفق معايير الناتو الجديدة، سيصل الإنفاق التايواني فعليًّا إلى ما يفوق 5% العام المقبل.

لكن المشكلة الأعمق، كما أوضح يووي، تكمن في بطء تسليم الأسلحة الأمريكية؛ فصفقة 108 دبابات "أبرامز M1A2T" التي وُقعت عام 2019 لم يُسلَّم منها إلَّا جزء على دفعات؛ ما يغذي الجدل الداخلي حول فاعلية الإنفاق الدفاعي، أما الـ400 مليون دولار المعلقة فتأتي عبر آلية "السحب الرئاسي" التي تتيح تسريع تسليم المعدات، وهو ما يراه يووي أهم من المبلغ ذاته.

غير أن التزامات تايوان للولايات المتحدة لا تقف عند السلاح؛ فشركة TSMC العملاقة ضاعفت استثماراتها في مصانع الرقائق الأمريكية إلى 165 مليار دولار خلال ولاية ترامب الثانية، في محاولة لإقناع واشنطن بأن تايوان ليست عبئًا بل ركيزة حيوية في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

"رويترز": مستشارو استخبارات ترامب التقوا مسؤولاً تايوانياً رفيعاً في واشنطن

الصوت الذي لا يُسمع

هذا هو الخطاب الذي ينوي ألكسندر يووي حمله إلى نيويورك خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم أن دبلوماسيي تايوان غير معترف بهم داخل مبنى المنظمة منذ طردها عام 1971، ويقول يووي مازحًا: "سنقف بمكبر صوت خارج الأمم المتحدة في مهمتنا السنوية لانتزاع الاعتراف".

وأضاف: "لسنا متسولين، نحن أصلب من أن نُباع في أي صفقة، ونحن أصلًا أصول لا غنى عنها وليست عبئًا"، وفق قوله.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC