في الوقت الذي اجتمع فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى جانب قادة أوروبيين في واشنطن، طغى مصطلح "الضمانات الأمنية" على طاولة النقاش، وسط تساؤلات: كيف يمكن منع روسيا من شن غزو جديد دون إشعال حرب عالمية ثالثة؟
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، طرح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بصراحةٍ فكرة تشكيل قوة دولية عسكرية من "تحالف الراغبين" تتمركز في أوكرانيا بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق نار أو اتفاق سلام. لكن المفاجأة أن لا أحد حتى الآن كشف علنًا عن شكل هذه القوة، ولا عن مهامها الدقيقة.
وفيما يُحذّر خبراء عسكريون من أن "الشكل يحدِّد الفاعلية"، طُرِحت ثلاثة سيناريوهات قد تُعيد تشكيل خريطة الأمن الأوروبي – والأوكراني – لعقود مقبلة.
هذه القوة المتكاملة، المُفترض أن تكون مسلحة، ستعمل إلى جانب الجيش الأوكراني، وتُفهم كقوة ردعٍ مباشرة ضد أيّ نوايا روسية عدوانية؛ إذ إن مجرد وجود جنودٍ من دول حلف الناتو في أوكرانيا قد يجعل الكرملين يُفكر مرتين قبل الإقدام على أيّ مغامرة عسكرية جديدة. لكن هذا الطرح يواجه معضلة كبيرة: فلكي يكون الردع موثوقًا، يجب أن تضم هذه القوة عشرات الآلاف من الجنود؛ ما يعني كلفة سياسية وعسكرية ضخمة.
الفكرة هنا هي نشر قوةٍ محدودة العدد، لا يمكنها الدفاع بشكلٍ حقيقي، لكن وجودها الرمزي من جنسياتٍ غير أوكرانية قد يُشكل حاجزًا نفسيًّا وسياسيًّا أمام أيّ تحركٍ روسي، غير أن هذه النظرية لم تُختبر عمليًّا، وتبقى مقامرة خطيرة في ساحة حربٍ مفتوحة.
قوة صغيرة – بضع مئاتٍ من الجنود – تعمل فقط على رصد الانتهاكات أو التحركات العسكرية الروسية. لكن في عصر الأقمار الاصطناعية والطائرات المسيّرة والكاميرات الحرارية، يتساءل البعض: لماذا المخاطرة بتكديس جنودٍ على الأرض؟
وفيما تتقدم أوروبا بطروحاتها، يظل موقف ترامب غامضًا: لا تعهدات أمريكية بالمشاركة، ولا مؤشرات على أن واشنطن ستضع قواتها ضمن أيٍّ من هذه المبادرات. كل شيء مرهون بما ستسفر عنه المفاوضات – إن حدثت – بين كييف وموسكو.
وفي ظل هذا الغموض، يبقى سؤال واحد يقلق الجميع: هل ستكون "الضمانات الأمنية" وسيلة لحماية أوكرانيا... أم بوابة لتدويل وجود عسكري طويل الأمد؟