يثير طرد القوات الفرنسية من تشاد تساؤلات حول مستقبل بقية القوات الغربية، خاصة الأمريكية في هذا البلد، مع تنامي مشاعر العداء للعواصم الغربية في إنجامينا، وبقية دول الساحل الأفريقي.
وبدأت فرنسا قبل يومين سحب قواتها بعد أن أنهت الحكومة التشادية اتفاقية للتعاون الدفاعي معها، في الثامن والعشرين من نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، في خطوة لم ترفضها باريس بشكل علني، وسارعت إلى سحب عناصرها التي يفوق عددها الـ 1000 جندي.
ولم تدع تشاد علنًا إلى مغادرة القوات الأمريكية بشكل نهائي، لكن هذه القوات سُحبت قبل أشهر لتعلن واشنطن، قبل أسابيع، قرب عودتها وهو أمر نفته الحكومة في إنجامينا التي تواجه حربًا ضروس ضد الجماعات المسلحة، من بينها متمردون، وجماعة بوكو حرام الإرهابية.
وتلقت الولايات المتحدة انتكاسة في النيجر المجاورة عندما أقدم المجلس العسكري الانتقالي على طرد القوات الأمريكية، وإخلاء قاعدة تجسس أمريكية رئيسة في مدينة أغاديز الإستراتيجية.
وقال الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الأفريقية، عمرو ديالو، إن "القوات الأمريكية تواجه بالفعل مصيرًا غامضًا في تشاد، حيث تتضارب التصريحات والإعلانات بين المسؤولين في واشنطن وإنجامينا بشكل يشي بأن هناك فجوة بين الطرفين، ما قد ينتج عنه إعلان عن مغادرة القوات الأمريكية".
وأوضح ديالو في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" أن "هناك مأزقًا تواجهه الولايات المتحدة الأمريكية في غرب أفريقيا، وهو مأزق قد يتعمق بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم إذ لم يظهر التزامًا كبيرًا في أفريقيا وقضاياها على عكس جو بايدن، لذلك لا يمكن التنبأ بمستقبل النفوذ الأمريكي في منطقة الساحل".
وشدد على أن "هناك اندفاعة كبيرة من أنظمة الحكم في الساحل نحو القطيعة مع الغرب، بما في ذلك الولايات المتحدة، لذلك أعتقد أن السيناريو الأقرب هو أن تُضطر واشنطن لسحب ما تبقى من قواتها من هذه المنطقة".
وفي المقابل، اعتبر المحلل السياسي النيجري المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد الحاج عثمان، أن "ما تقوم به أنظمة الحكم في الساحل الأفريقي هو تنويع للشراكات بما يتلاءم مع مصالح المنطقة، وذلك على عكس ما يروج له البعض من استعداء للغرب".
وقال الحاج عثمان في تصريح خاص لـ "إرم نيوز" إن "الولايات المتحدة الأمريكية إذا كانت ترغب في البقاء في مالي، أو بوركينا فاسو، أو تشاد، أو غيرهما، فإن الأمر مرتبط بمدى احترامها لسيادة هذه الدول في اعتقادي، ولمدى قدرتها على إبرام اتفاقيات تراعي مصالح هذه الدول".
واستنتج المحلل أن "هذه الدول تتخبط في أزمات أمنية واقتصادية ولم تجد أي دعم من قبل العواصم الغربية التي تتمتع، منذ عقود، بامتيازات كبيرة تحت غطاء تدخلها العسكري والأمني، وهو أمر لم يعد مقبولاً لا شعبيًا ولا حكوميًا".