كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطط لبناء فئة جديدة من السفن الحربية تحمل اسم "ترامب-كلاس"، مزودة بصواريخ كروز نووية، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عقود، لتسليح سفن سطحية بأسلحة نووية؛ ما فجر عاصفة من الجدل داخل البنتاغون والكونغرس، وبين خبراء الصناعات الدفاعية.
وبحسب "بوليتيكو"، فإن الإعلان الرئاسي لم يقتصر على البوارج فحسب، بل شمل أيضًا نية الإدارة بناء فئة جديدة من حاملات الطائرات؛ ما يعني التزامًا صناعيًا وماليًا ضخمًا بنحو عشرات المليارات من الدولارات، رغم غياب أي تمويل مخصص للمشروعين في ميزانية البنتاغون الحالية.
ويرى المحللون أن هذا الغموض حول مصادر التمويل وتوقيت التنفيذ جعل المشروع يبدو، حتى الآن، أقرب إلى إعلان سياسي طموح منه إلى خطة دفاعية مكتملة الأركان.
من جانبه شدد ترامب على أن بلاده ستبني ما لا يقل عن 25 سفينة من فئة "ترامب-كلاس"، واصفًا إياها بأنها "الأضخم في تاريخ البحرية الأمريكية"، وداعيًا إلى جدول زمني بالغ الطموح يتيح تسليم أول سفينة خلال عامين ونصف فقط، غير أن مصادر مطلعة على عملية اتخاذ القرار داخل البنتاغون أكدت أن هذا الإطار الزمني شبه مستحيل في ظل غياب التصاميم الهندسية، وتعقيد الأنظمة التسليحية المقترحة.
داخل الأوساط الصناعية، قوبل إعلان ترامب بتشكُّك واضح؛ إذ يرى محللون في قطاع الدفاع أن المشروع يتعارض جزئيًا مع التوجه الذي أعلنته البحرية الأمريكية نفسها، والقائم على الاستثمار في الأنظمة غير المأهولة والقدرات البحرية الروبوتية، بدل العودة إلى منصات ضخمة عالية الكلفة، كما أن سجل البحرية في السنوات الأخيرة لا يمنح المشروع أفضلية واقعية، خصوصًا أن جميع السفن الأمريكية الجاري بناؤها حاليًا تعاني تأخيرات لا تقل عن عام كامل.
ويعتقد مراقبون أن تحديات التنفيذ لا تتوقف عند التخطيط أو التكنولوجيا، بل تمتد إلى البنية الصناعية نفسها؛ فأحواض بناء السفن الأمريكية تعاني منذ سنوات من نقص العمالة وصعوبات في التوظيف والاحتفاظ بالكفاءات، وهي إشكالية لم تحظَ بأي نقاش خلال المؤتمر الصحفي الذي رافق الإعلان.
وردًا على سؤال حول هذه العقبة، اكتفى ترامب بالقول إنه سيضغط على شركات الدفاع لخفض مكافآت التنفيذيين وعمليات إعادة شراء الأسهم، وتحويل هذه الأموال إلى بناء مصانع وأحواض جديدة، مؤكدًا أن الولايات المتحدة "لا تملك رفاهية الانتظار لـ10 أو 15 سنة".
وحذر ضباط متقاعدون وخبراء صيانة من أن إدخال عدد كبير من السفن الجديدة، بمنظومات فريدة وغير مجربة بالكامل، سيخلق عبئًا هائلًا على ميزانيات التشغيل والصيانة لعقود مقبلة؛ ما يهدد باستنزاف الموارد المخصصة للتدريب والدعم اللوجستي.
ووصف أعضاء بارزون في الكونغرس، خطة ترامب بأنها ضبابية، مشيرين إلى أن البحرية الأمريكية توقفت عن بناء البوارج منذ عام 1944 لأسباب تتعلق بالتكلفة والجدوى العملياتية، وأن حتى مشروع الرئيس الأسبق رونالد ريغان الطموح لبناء أسطول من 600 سفينة لم يتضمن العودة إلى هذا النوع من القطع البحرية.
ووفق المعطيات الأولية، ستزن سفن "ترامب-كلاس" نحو 30 ألف طن، أي أكبر من المدمرات الأمريكية الحالية، مع طاقم يتجاوز 500 بحار، كما ستُصمم لاستيعاب تقنيات متعددة في آن واحد، تشمل صواريخ فرط صوتية، وأنظمة ليزر، ومدافع كهرومغناطيسية، وهي تقنيات لم تُدمج سابقًا في منصة واحدة بهذا الحجم، ورغم أن بعض هذه القدرات قد لا يتم دمجها فورًا، فإن مجرد تهيئة السفن لاستيعابها يرفع الكلفة ويضاعف المخاطر التقنية.