يثير نجاح المجالس العسكرية في الساحل الأفريقي بتثبيت حكمها، رغم العقوبات التي فرضتها منظمات وتكتلات إقليمية، مثل المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا "إيكواس"، تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التكتلات قد أخفقت بتطويق أزمات المنطقة.
ورغم تلويحها بالتدخل العسكري أو فرض عقوبات، فإن هذه التكتلات لم تنجح في إجبار المجالس العسكرية على التراجع عن خياراتها، ولو قيد أنملة، ما يضع مستقبلها على المحك.
وإثر الانقلاب الذي شهدته النيجر في يوليو / تموز العام 2023، جذبت "إيكواس" الأنظار إليها، بعد أن لوحت بتدخل عسكري واسع لإعادة الرئيس محمد بازوم، الذي عزله الحرس الرئاسي، وفرضت في الأثناء عقوبات اقتصادية قاسية ضد المجلس العسكري المنبثق عن الانقلاب.
وبهذا الصدد، علق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، ناصر سيدو، قائلًا إن "المنظمات والتكتلات الإقليمية فقدت أدوارها، ولم تعد لها أي فاعلية بالنظر إلى أنها لم تخدم الشعوب طيلة العقود السابقة، بل كانت مجرد واجهة في خدمة فرنسا والقوى الغربية الاستعمارية، التي تنهب خيرات الساحل الأفريقي، وغيرها من مناطق القارة".
وأوضح سيدو، لـ"إرم نيوز"، أن "المعضلة تتمثل في أن هذه المنظمات لم تدرك بعد تغير المعطيات في أفريقيا، وأصبح هناك رأي عام يميل إلى التغيير، والسأم من الأنظمة التي لا تفكر سوى في مصالحها ومصالح محيطها".
وأعرب عن اعتقاده بأن هناك العديد من المنظمات مثل "إيكواس"، قد انتهى دورها.
وتابع سيدو: "نرجو أن تكون التحالفات الجديدة على غرار كونفيدرالية الساحل الجديد قادرة على الاستجابة لتطلعات شعوب المنطقة، خاصة على المستويين الأمني والاقتصادي، فدول مالي وبوركينا فاسو وتشاد والنيجر وغيرها من دول القارة تشهد فوضى أمنية وأزمات اقتصادية حادة رغم ثرواتها الهائلة".
وهناك العديد من المنظمات والتكتلات التي أنشأتها الدول الأفريقية من أجل تنويع تجارتها، وتعزيز الشراكات السياسية، على غرار المجموعة الإنمائية لأفريقيا الجنوبية التي تأسست العام 1980.
يقول المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، قاسم كايتا، إن "هذه المنظمات تشهد تراجعًا بلا شك، لكنها قادرة على النهوض من جديد، لا سيما أن بعض تلك المنظمات طابعها اقتصادي بحت، وهي تمر بصعوبات تتعلق بالبنى التحتية للقارة تعرقل عمليات التصدير والتوريد".
وأضاف كايتا، لـ"إرم نيوز"، أن "الخصومات السياسية أصبحت تعرقل التكامل الاقتصادي بين الدول الأفريقية، فهناك العديد من الدول التي دخلت في خلافات حادة على غرار بنين – النيجر، ومصر – إثيوبيا، والصومال – إثيوبيا، وهي كلها خلافات تنذر بالأسوأ للقارة، سواء على مستوى التنسيق الأمني أم السياسي أم الاقتصادي".
وختم كايتا حديثه بالقول إنه "رغم ذلك، هذه المنظمات قادرة على العودة، لأن هناك أطرافًا خارج القارة، مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، لن تسمح بانهيار الوضع وانهيار هذه التكتلات التي من شأنها أن تساهم في التنسيق".