"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
في خطوة تثير مخاوف عالمية من انزلاق الأوضاع نحو صدام مباشر بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، لوّحت موسكو مجددا بـ«الخيار النووي»، محذرة من أن أي محاولة لنشر قوات أجنبية في أوكرانيا تحت مسمى «قوات حفظ السلام» قد تُشعل شرارة حرب عالمية ثالثة.
وأكد سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرجي شويجو، أن الحديث عن نشر قوات حفظ سلام غربية في أوكرانيا ليس سوى ستار لمخطط احتلالي واضح، متهما ما يُعرف بـ«تحالف الراغبين» بالسعي إلى السيطرة على أوكرانيا ومواردها المعدنية.
وقال شويجو، في مقابلة مع وكالة «تاس»، إن "هذه القوات لن تكون قوات حفظ سلام، بل غزاة ومحتلين من دول الناتو التي لطالما عارضت وجود روسيا في محيطها الإقليمي".
وفي لهجة تصعيدية هي الأشد منذ شهور، شدد شويجو على أن روسيا تحتفظ بحق استخدام الأسلحة النووية في حال تعرضها لأي عدوان، أو إذا ما حاولت قوات الناتو التوغل في أراضٍ تعتبرها موسكو "روسية تاريخيا"، بما في ذلك أوكرانيا.
وأضاف أن تعديلات أُدخلت في نوفمبر 2024 على العقيدة النووية الروسية، تسمح باستخدام النووي حتى ردًا على هجوم بأسلحة تقليدية، في حال شكّلت تهديدا لسيادة البلاد.
وعلق المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف قائلاً: «نشر قوات حفظ سلام ليس سوى محاولة لتمرير وجود عسكري للناتو على الأراضي الأوكرانية، وهو أحد الأسباب التي دفعتنا أصلاً لإطلاق عمليتنا العسكرية الخاصة»
في ظل هذا المشهد المحتقن، ومع تحذيرات موسكو المتكررة وتصعيد لهجة الخطاب النووي، يبقى السؤال معلقًا، هل ينجح تحالف «الراغبين» في نشر قوات في أوكرانيا تحت عباءة «حفظ السلام»، وهل تقترب معها شرارة الحرب النووية حال تنفيذ هذه الخطوة؟
دعاية سياسية والموافقة الأمريكية
ويرى الخبراء، أن الحديث عن إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا تحت مسمى «قوات حفظ سلام» ليس سوى دعاية سياسية لا يمكن تنفيذها دون موافقة أمريكية وتفاهم مسبق مع روسيا.
وأشار الخبراء في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، إلى أن أي تحرك عسكري منفرد من قبل فرنسا أو بريطانيا أو ألمانيا سيضع تلك الدول في مواجهة مباشرة مع روسيا، وهو أمر لا تجرؤ على تنفيذه، خصوصا في ظل امتلاك موسكو لردع نووي يُحسب له ألف حساب.
وأضاف الخبراء، أن سكرتير مجلس الأمن الروسي جدّد التهديد باستخدام الأسلحة النووية حال تعرض الأراضي الروسية للاعتداء، معتبرا أي خطوة غربية مماثلة شرارة محتملة لحرب عالمية ثالثة.
وأوضح الخبراء، أن المقترحات الأوروبية بنشر قوات تأتي في إطار الضغط على روسيا لوقف تقدمها، لكنها أيضا تهدف إلى إفشال مفاوضات واشنطن وموسكو التي قد تُفضي إلى تنازلات أوكرانية غير مقبولة أوروبيا.
قدرة أوروبا على التنفيذ
بدايةً، قال د. سمير أيوب، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن فكرة إرسال قوات أوروبية تحت مسمى «حفظ السلام» أو «قوات متعددة الجنسيات» لا يمكن أن تُنفذ بقرار أوروبي منفرد، متسائلا عن تمركز هذه القوات، هل سيكون في شرق أوكرانيا أم غربها؟ وماذا سيحدث إذا تعرضت لهجوم روسي؟ وهل تملك تلك الدول الشجاعة للرد العسكري على موسكو؟
وأضاف أيوب في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز» أنه من غير الممكن أن تُقدم دول أوروبية كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا على إرسال قوات إلى أوكرانيا دون اتفاق مسبق مع روسيا، ومن دون مشاركة مباشرة من الولايات المتحدة.
وأوضح، أن هذه التصورات غير واقعية، نظرا لصعوبة خوض مواجهة مباشرة مع روسيا، مشيرا إلّا أن أي صدام بين القوات الغربية وروسيا سيُعد بمثابة حرب مباشرة بين موسكو وحلف شمال الأطلسي «الناتو»، الذي تشارك فيه الولايات المتحدة.
مواقف متباينة داخل الناتو
وتابع: «الأزمة الأوكرانية بدأت أصلا نتيجة تخوف موسكو من انضمام كييف إلى حلف الناتو، لكن روسيا اليوم باتت قادرة على ضرب أي قوات أجنبية تدخل الأراضي الأوكرانية».
وأشار الخبير في الشؤون الروسية، إلى أن الحلف قد لا يرد بشكل موحد في حال تعرضت قوات دولة عضو لهجوم؛ لأن القرار في هذه الحالة يعود إلى الدولة التي أرسلت القوات وليس للناتو ككل.
ولفت إلى أنه في حال تم إرسال القوات بقرار رسمي من الناتو وبموافقة أمريكية صريحة، فإن طبيعة الصراع ستتغير جذريا، وقد نشهد تصعيدا واسعا يتضمن مخاوف حقيقية من استخدام الأسلحة النووية.
وشدد المحلل السياسي على أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا ترغب في تصعيد النزاع، بل تسعى إلى إنهاء الحرب وإيقاف نزيف الدم، مضيفا أن ترامب صرّح مؤخرا بأن انضمام أوكرانيا للناتو كان قرارا استفزازيا.
رهان أوروبي على إطالة الصراع
ويرى د.أيوب أن الدول الأوروبية ونظام كييف يراهنان على إطالة أمد الحرب حتى موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، من خلال استمرار تدفق السلاح الغربي إلى أوكرانيا، ولكنه استبعد أن يتبع ترامب النهج ذاته الذي اتبعه الرئيس السابق جو بايدن في ما يتعلق بتحريض أوكرانيا على التصعيد ضد روسيا.
وأضاف أن التصعيد الواسع للحرب غير مرجح ما دام ترامب في السلطة، لكنه لا يستبعد تصعيدا تكتيكيا من جانب كييف باستخدام الطائرات المسيّرة لضرب البنى التحتية داخل روسيا، أو حتى تنفيذ عمليات إرهابية، نتيجة عجز القوات الأوكرانية عن تحقيق اختراقات ميدانية.
واختتم أيوب تصريحاته بالتأكيد على أن خيارات كييف باتت محدودة، وإذا استمرت الحرب على هذا النحو، فقد تخسر مزيدا من الأراضي، وربما تصل القوات الروسية إلى مشارف العاصمة كييف، وهو سيناريو لن تتحمله أوروبا، كما قد يضع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مواجهة مصير غامض قد يشمل المحاسبة أو حتى التصفية السياسية.
قدرة أوكرانيا على استعادة أراضيها
من جانبه، قال د. نزار بوش، أستاذ العلوم السياسية بجامعة موسكو، إن التقدّم السريع للجيش الروسي على جبهات القتال في أوكرانيا، وسيطرته على المزيد من الأراضي، دفع الدول الغربية – وخاصة بريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول البلطيق – إلى القناعة بأن أوكرانيا لم تعد قادرة على استعادة المناطق التي خسرتها، رغم الدعم الغربي المكثف.
وأوضح بوش في تصريحات خاصة لـ«إرم نيوز»، أن هذه الدول تحاول الآن وقف التقدم الروسي من خلال اقتراح إرسال قوات تحت مسمى «حفظ السلام» إلى أوكرانيا، وهي قوات تنتمي لدول حلف الناتو؛ ما يعني أن أي احتكاك معها سيكون بمثابة صدام مباشر مع الحلف بأكمله.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن موسكو سبق أن حذرت من هذا السيناريو منذ عامين، وجددت التحذير مؤخرا على لسان سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، الذي أكد أن أي هجوم على روسيا سيقابل برد نووي؛ ما قد يؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة وانهيار القارة الأوروبية.
وأشار إلى أن روسيا تمتلك ترسانة صاروخية قادرة على الوصول إلى المدن الأوروبية كافة خلال فترة وجيزة، مرجحا أن الدول التي تفكر بإرسال هذه القوات «ستتراجع عن الفكرة»، خشية أن تعود قواتها في «توابيت» بفعل الرد الروسي المحتمل.
وأكد أن موسكو تعتبر هذه التحركات اعتداء مباشرا على أراضيها، لا سيما وأن المناطق التي سيطرت عليها روسيا – بما في ذلك القرم والمقاطعات الأربع التي ضمّتها – أصبحت تُعد من وجهة نظرها أراضي روسية خالصة.
تصعيد عسكري روسي أوروبي
وأضاف أن هذه الدول الغربية لا تعترف بسيادة روسيا على تلك المناطق؛ ما يجعل من أي دخول عسكري لها تصعيدا خطيرا قد يجرّ إلى مواجهة مباشرة بين موسكو ودول الناتو.
واعتبر بوش أن التصريحات الغربية حول إرسال قوات لحفظ السلام تأتي في سياق محاولة لقياس رد الفعل الروسي واستفزازه، بهدف تعطيل المفاوضات الجارية بين موسكو وواشنطن، والتي قد تنتهي بتنازلات أوكرانية تشمل أكثر من 20% من أراضيها.
وأشار إلى أن الغرب أنفق مليارات الدولارات وأمدّ كييف بآلاف الأطنان من الأسلحة دون أن يتمكن من إحداث تغيير استراتيجي في الميدان، وبات من الواضح أن الرهان على هزيمة روسيا كان خاطئا؛ إذ إن موسكو حققت مكاسب ميدانية واضحة.