logo
العالم

استخدم "لغة العقارات".. كيف كسب بوتين ثقة ترامب بصفقة "تبادل الأراضي"؟

استخدم "لغة العقارات".. كيف كسب بوتين ثقة ترامب بصفقة "تبادل الأراضي"؟
الرئيسان ترامب وبوتين في لقاء سابق المصدر: yandex.com
10 أغسطس 2025، 8:41 م

اعتبر تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجح في امتصاص غضب نظيره الأمريكي دونالد ترامب واستعادة كسب ثقته، باستخدام "لغة يفهمها".

وفي أواخر الشهر الماضي، واجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واقعًا قاسيًا، إذ كان على وشك خسارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الزعيم الغربي الوحيد الذي قد يكون مستعدًا لمساعدته في تحقيق أهدافه في أوكرانيا، وفي تقويض النظام الأمني الأوروبي، بحسب ما أفادت به الصحيفة.

فبعد أشهر من المحاولات لإقناع بوتين بإنهاء الحرب، سئم ترامب من المكالمات الهاتفية والمحادثات العقيمة، وبدأ في إصدار إنذارات نهائية.

والأسوأ بالنسبة لبوتين، أن ترامب بدا وكأنه أصلح علاقته بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، رغم الخلاف الذي نشب بينهما في المكتب البيضاوي في وقت سابق من هذا العام، والذي كانت موسكو تُمنّي النفس باستثماره.

وأوضحت الصحيفة أنه لم يكن من الواضح ما إذا كان ترامب قادرًا أو راغبًا في تنفيذ تهديداته بفرض رسوم جمركية عقابية على الدول التي تشتري النفط الروسي، أو مدى تأثير هذه الخطوات على موسكو.

لكن الموعد النهائي الذي حدده ترامب لبوتين لإنهاء الحرب كان يقترب بسرعة، مما أنذر بتصاعد الخلاف بين البيت الأبيض والكرملين. لذا، غيّر بوتين مساره قليلًا.

ورغم أن المسؤولين الروس ظلوا يرفضون التفاوض بشأن الأراضي في الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن الرئيس الروسي، خلال اجتماع في الكرملين الأسبوع الماضي، ترك انطباعًا لدى المبعوث الخاص للرئيس ترامب، ستيف ويتكوف، بأن روسيا باتت مستعدة الآن لإبرام صفقة ما بشأن مسألة الأراضي.

وقد صرّح ترامب يوم الجمعة قائلًا: "سنستعيد بعضًا منها، وسنتبادل بعضًا منها. سيكون هناك تبادل للأراضي لتحسين الوضعين".

وترى الصحيفة أن بوتين، باستخدامه لغة يفهمها ترامب - لغة العقارات - تمكّن من الحصول على ما سعى إليه منذ يناير/ كانون الثاني؛ وهو عقد لقاء فردي مع الرئيس الأمريكي، دون حضور زيلينسكي، لعرض وجهة نظره والسعي لإبرام صفقة مباشرة.

وقال سام غرين، أستاذ السياسة الروسية في كلية كينغز كوليدج بلندن: "لقد كان أسبوعًا جيدًا جدًا لبوتين. فقد أخرج نفسه من موقف ضعف كبير، وحوّل هذه العملية برمتها إلى شيء يتوافق إلى حد كبير مع ما كان يحتاجه".

وفي المقابل، عادت التوترات بين واشنطن وكييف إلى السطح. إذ صرّح زيلينسكي يوم السبت بأن الدستور الأوكراني لا يسمح لكييف بالتفاوض على التنازل عن أراضٍ من البلاد.

وأوضح بوتين، من بين أمور أخرى، أنه يريد ضمانات رسمية بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو أي تحالفات عسكرية غربية أخرى، وألا تستضيف قوات أجنبية على أراضيها، أو يُسمح لها ببناء جيش يمكن أن يشكل تهديدًا لروسيا. وهو ما يجعل كييف عرضة للخطر بشكل دائم.

وقال غرين: "الأساس بالنسبة لروسيا هو الهيمنة".

من جانبه، قال ألكسندر غابويف، مدير مركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا في برلين، إن بوتين سيحضر القمة المرتقبة يوم الجمعة في ألاسكا، واضعًا نصب عينيه عدة سيناريوهات.

وأوضح غابويف أن هذه السيناريوهات تشمل: صفقة مواتية مع ترامب يُجبر من خلالها أوكرانيا على القبول بها، أو صفقة مواتية يرفضها زيلينسكي، ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى تقليص دعمها لكييف، أو مواصلة الحرب لفترة تتراوح بين 12 إلى 18 شهرًا أخرى، مع رهان بوتين على أن تستنفد القوات الأوكرانية قبل أن يتراجع زخم الاقتصاد الحربي الروسي.

وأشار إلى أن بوتين يدرك أن ترامب مستعد لتقديم تنازلات لا يجرؤ معظم القادة الأمريكيين على التفكير بها، الأمر الذي قد يساعد روسيا في تمزيق أوكرانيا، بل وحتى تقسيم التحالف الغربي.

وقال غرين: "إذا استطعتَ إقناع ترامب بالاعتراف بمطالبة روسيا بمعظم الأراضي التي استولت عليها، مع إدراك أن الأوكرانيين والأوروبيين قد لا يوافقون على ذلك، فإنك تخلق شرخًا طويل الأمد بين الولايات المتحدة وأوروبا".

غير أن غابويف شدد على أنه، رغم رغبة بوتين في الحصول على تلك المكاسب، فإنه لن يوقف الحرب إذا كان الثمن هو الاعتراف الكامل بأوكرانيا كدولة ذات سيادة، بجيش قوي، متحالفة مع الغرب، وقادرة على تصنيع أسلحتها بنفسها.

وأضاف: "يمثل ترامب فرصة ثمينة لبوتين. وأعتقد أنه يدرك ذلك جيدًا. لكنه، في الوقت نفسه، غير مستعد لدفع ثمن انزلاق أوكرانيا بعيدًا عنه بشكل دائم".

بدوره، قال ستيفان مايستر، محلل الشؤون الروسية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن الزعيمين سيدخلان القمة بأهداف مختلفة تمامًا — فترامب يسعى لإنهاء الحرب، بينما يطمح بوتين إلى إعادة تموضع استراتيجي لروسيا.

وأضاف: "بالنسبة لبوتين، الأمر يتعلق بأهداف أكبر. يتعلق بإرثه السياسي، وبموقع روسيا في مرحلة ما بعد الحرب. الأمر أكثر جوهرية. وهذا ما يجعله أكثر استعدادًا لدفع الثمن".

وختم مايستر بأن هذا الواقع يشكل كارثة لأوكرانيا.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC