في وقت تتصاعد فيه وتيرة الحرب في أوكرانيا وتتعمق الأزمة الاقتصادية داخل البلاد، احتضنت العاصمة الإيطالية روما، يومي 10 و11 من يوليو الحالي، مؤتمرًا دوليًا رفيع المستوى خُصص لإعادة إعمار أوكرانيا، جمع زعماء أوروبيين ورؤساء مؤسسات مالية ومستثمرين من القطاعين العام والخاص.
والمؤتمر، الذي يأتي في لحظة دقيقة من عمر الصراع، كشف عن فجوة واضحة بين الالتزامات السياسية والواقع الأمني المتدهور، الأمر الذي يهدد بتقويض آمال الإعمار قبل نهاية الحرب.
ووفقًا لتقرير موسع نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن هذه النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي لإعادة إعمار أوكرانيا شهدت مشاركة بارزة من قيادات أوروبية، على رأسهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى جانب حضور شخصي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي استغل المناسبة لتأكيد أهمية الدعم الدولي في هذه المرحلة الحرجة.
وتمثلت أبرز نتائج المؤتمر في الإعلان عن تأسيس «الصندوق الأوروبي الرائد لإعادة إعمار أوكرانيا»، برأسمال أولي قدره 220 مليون يورو، على أن يستهدف تعبئة 500 مليون يورو بحلول عام 2026، مع وعود بزيادة التمويل لاحقًا تبعًا لتحسن الوضع الأمني.
كما أُعلن عن توقيع اتفاقيات مالية بقيمة 2.3 مليار يورو مع مؤسسات دولية، تتضمن قروضًا ومنحًا تهدف إلى تحفيز ما يصل إلى 10 مليارات يورو من الاستثمارات المستقبلية.
ورغم هذا الزخم المالي، لم تغب أجواء التوتر عن المؤتمر، إذ أشار تقرير لو موند إلى وجود "شعور بالانفصال" بين خطط إعادة الإعمار على الورق، وتصاعد الهجمات الروسية على الأرض، حيث تستهدف موسكو المدن الأوكرانية الخلفية يوميًا باستخدام مئات المسيّرات والصواريخ، ما يعوق أي جهود تنفيذية فورية.
من جانبه، أكد سيرغي كورتسكي، المدير التنفيذي لشركة الطاقة الوطنية "نفطوغاز"، في مشاركته، أن "جذب الاستثمارات الأجنبية لم يعد خيارًا بل أولوية حاسمة"، مضيفًا: "نحتاج إلى شركاء دوليين لا ينتظرون نهاية الحرب".
وفي السياق ذاته، شدد مايكل شنايدر، مدير مدرسة كييف للاقتصاد، على أن المخاوف الأمنية تظل العقبة الأكبر أمام دخول المستثمرين، لا سيما في ظل عدم وضوح موقف الولايات المتحدة واستمرار القلق من تقلبات الدعم الغربي.
وخلص تقرير الصحيفة الفرنسية إلى القول إنه رغم التحديات يأمل القادة الأوروبيون أن تشكّل هذه الخطوات بداية لبناء بنية تحتية اقتصادية مرنة، تكون قادرة على النهوض بأوكرانيا مستقبلًا، حتى وإن تأخرت نهاية الحرب.
