في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، تعود إلى الذاكرة حقائق تاريخية أقل تداولًا تكشف عن طبيعة العلاقة بين الطرفين، التي لم تكن مبنية على العداوة المطلقة، دائمًا.
تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، سلّط الضوء على شراكة استراتيجية غير معلنة استمرت لعقود بين إسرائيل وإيران، منذ عهد الشاه وحتى فترة ما بعد الثورة الإسلامية، في مشهد معقد يعكس الديناميكية المتغيرة للعلاقات في منطقة الشرق الأوسط.
واعترف نظام الشاه محمد رضا بهلوي قبل الثورة عام 1979، رسميًا بإسرائيل في عام 1960، متجاوزًا التضامن الإسلامي التقليدي، ومعتبرًا أن العداء المشترك مع القوى العربية المدعومة من الاتحاد السوفيتي يمثل مصلحة استراتيجية.
وسعى كل من الشاه وإسرائيل إلى تكوين تحالف يُضعف الدول العربية المجاورة، فقاموا بتبادل الخبرات العسكرية والإمدادات النفطية، وهو ما مهد لعلاقة تعاون نادرة في منطقة مضطربة.
وتحولت العلاقة مع اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 وسقوط الشاه، إلى عداء واضح بعد أن أعلن النظام الجديد برئاسة الخميني رفضه لإسرائيل.
لكن كانت المفاجأة في دعم إسرائيل السري لإيران خلال حربها مع العراق التي بدأت عام 1980، حيث قدمت تل أبيب دعمًا عسكريًا سريًا لطهران بهدف إضعاف الجيش العراقي بقيادة صدام حسين، رغم الخطابات العدائية التي أطلقها النظام الإيراني ضد الدولة العبرية.
وشملت هذه العلاقة السرية تبادل النفط الإيراني مقابل قطع غيار عسكرية، إضافة إلى السماح لجزء كبير من الجالية اليهودية في إيران بالهجرة إلى إسرائيل.
كما عمل الطرفان على مواجهة البرنامج النووي العراقي، حيث شاركت إسرائيل في تدمير مفاعل أوسيراك عام 1981 بعد محاولة إيرانية فاشلة.
وتظهر هذه التحالفات المؤقتة بين إسرائيل وإيران كيف أن المصالح الاستراتيجية قد تتجاوز الأيديولوجيات والصراعات الظاهرة.
ولكن مع تصاعد التوترات الحالية، يطرح التقرير تساؤلات حول احتمالية أن تؤدي الهجمات الإسرائيلية الأخيرة إلى تعزيز وحدة الصف الإيراني داخليًا كما حدث في الثمانينيات، ما قد يزيد تعقيد المشهد السياسي في المنطقة.
وخلص تقرير "لوموند" إلى القول: إن هذا التاريخ الاستثنائي يعكس مدى تعقيد العلاقات في الشرق الأوسط، حيث تتقاطع المصالح وتتشابك التحالفات في دوامة متغيرة من الصراعات والتعاون، ما يجعل فهم السياق التاريخي أمرًا ضروريًا لتقييم التطورات الراهنة بين إسرائيل وإيران.