كشفت مصادر في الكونغرس الأمريكي أن أزمة انقسام حاد في وجهات النظر تشهدها العلاقة حاليًّا بين رئاسة مجلس النواب والبيت الأبيض بسبب رغبة الرئيس ترامب في تمديد العمل بنظام الرعاية الصحية الحالي الشهير باسم "أوباما كير" للعامين المقبلين.
وقالت المصادر لـ"إرم نيوز" إن وجهة نظر قيادة الأغلبية الجمهورية في المجلس مناقضة تمامًا لهذا التوجه، وترى أن الغالبية من الأعضاء الجمهوريين في الغرفة الأولى لا يُظهرون الرغبة في اتخاذ خطوة كهذه في المرحلة الحالية.
وأشارت المصادر إلى أن المجموعة الجمهورية، وعلى رأسها رئيس المجلس مايك جونسون، ترى في إقرار البيت الأبيض تمديد العمل بالبرنامج الحالي انتصارًا للديمقراطيين؛ لأن هذا كان مطلبهم خلال أزمة الإغلاق الحكومي التي أدت إلى أكبر إغلاق في تاريخ الولايات المتحدة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
هذه الخلافات ــ بحسب المصادر ــ كانت وراء قرار البيت الأبيض تأجيل حفل إعلان الرئيس ترامب عن قراره الذي أقره المكتب البيضاوي على جدول نشاطات الرئيس مطلع الأسبوع المنقضي، قبل أن يُعلن لاحقًا تأجيله إلى موعد لم يُحدَّد حتى الآن.
تطورات الأيام القليلة الماضية ــ تقول المصادر ــ دفعت مشرّعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى إطلاق مبادرة منفصلة عن البيت الأبيض وقيادة المجلس، تهدف إلى التوصل لإصدار تشريع خاص في المجلس يتم من خلاله الوصول إلى صياغة مشتركة بين وجهتي نظر الحزبين، على أن يتم حشد التأييد لها والتوصل إلى اتفاق بشأنها قبل نهاية العام الحالي.
وقالت المصادر لـ"إرم نيوز" إن مجموعة النواب المختلطة من الحزبين تريد تجنب انتهاء الاعتماد المالي الحالي لبرنامج الرعاية الصحية ونفاد التمويل الحكومي القائم؛ لأن ذلك سيجعل أكثر من 20 مليون أمريكي يفقدون تأمينهم الصحي، أو يجعل تكاليف حصولهم على التأمين تصل إلى نسبة تتجاوز 114% مرة واحدة مقارنة بدفوعاتهم الحالية، وهو رقم سيجعل الأمر شبه مستحيل لملايين العائلات الأمريكية في ظل وضع اقتصادي يزداد تعقيدًا مع مرور الوقت.
مصادر "إرم نيوز" أوضحت أن الخلافات الداخلية انعكست على وحدة الرؤى داخل الأغلبية الجمهورية في مرحلة حساسة جدًّا.
أعضاء جمهوريون منزعجون جدًّا من قرار رئاسة المجلس التي قررت إبقاء النواب خارج الجلسات لمدة 6 أسابيع خلال فترة الإغلاق الحكومي بهدف قطع الطريق على أي مساعٍ ديمقراطية لمناقشة تمديد العمل ببرنامج الرعاية الصحية آنذاك، باعتبار أن ذلك كان مطلب الديمقراطيين الرئيس لإعادة فتح الحكومة مجددًا.
هؤلاء النواب يعتقدون أن هذه الفترة الطويلة من غياب النقاشات في الغرفة الأولى انتهت إلى هذا الوضع المعقد حاليًّا، بسبب دخول البلاد موسم الأعياد الطويل واقتراب انتهاء صلاحية التغطية الصحية، وكذلك حاجة الجناحين الديمقراطي والجمهوري إلى التوصل إلى اتفاق في حال قرر الرئيس ترامب الإبقاء على موقفه الرافض لتمديد العمل ببرنامج أوباما كير لعامين آخرين.
في ظهور لافت، عاد إلى المشهد رئيس مجلس النواب المقال كيفن ماكارثي محذّرًا الجمهوريين من أزمة الارتباك الحالية في قيادة الأغلبية الجمهورية في الغرفة الأولى.
ماكارثي قال إن استقالة النائبة الجمهورية السابقة مارغوري تايلور غرين تُشكل مؤشرًا سلبيًّا لعمل الجمهوريين، مضيفًا أن الجمهوريين سيكونون أمام خسارة صوت مؤثر من رصيد الأغلبية خلال الشهرين المقبلين بسبب حاجة الحزب لتعويض صوت غرين المستقيلة، وفي توقيت سيئ جدًّا سياسيًّا للأغلبية الجمهورية.
النائبة المستقيلة من جانبها أرسلت برسالة تحذير واضحة لقيادة المجلس بقولها إن نوابًا جمهوريين آخرين يخططون للاستقالة من الكونغرس في المرحلة المقبلة، وهو تقليص آخر ــ إن حدث ــ في حجم ونفوذ الأغلبية الجمهورية قبل عام من انتخابات التجديد النصفي.
ماكارثي حذّر من أن الوقت سيضيق أكثر على الجمهوريين أمام ضغط الحاجة لتمرير مشاريع مؤيدة لسياسات الرئيس ترامب خلال العام المقبل، وهو أمر لن يكون سهلًا إن استمرّ تآكل الأغلبية التي يتمتعون بها في المجلس حاليًّا.