مع تهديد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالانسحاب من تحالفات تاريخية وفرض ضرائب باهظة على أكبر أسواق تصدير السلع الأمريكية، كشف شركاء أمريكا عن خطط للنأي بأنفسهم عن البيت الأبيض.
ولم يسلم قطاع التصنيع العسكري، خصوصًا طائرات من طراز إف-16. ويؤكد تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" أن ولاية كارولينا، وهي "الموطن العالمي" لهذا النوع من المقاتلات، تبدو أكثر المتأثرين، وسط خشية من تراجع الطلب الأجنبي بين الحلفاء الغاضبين، ما يلحق الضرر بهذا المحرك الاقتصادي.
وتستعد مدن تخدمها الشركات الأجنبية لتداعيات دعوات لمقاطعة أمريكا ردًّا على سياسات ترامب الصارمة، بينما يرى أنصار حملة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" أنها ستؤدي إلى صفقات أفضل وعلاقات دولية أكثر توازنًا، وهو ما ينفيه القلق والترقب في مقاطعة غرينفيل، مركز التصنيع الذي فاز به ترامب بسهولة، حيث يطالب مختصون بمناخ جيوسياسي مستقر.
ويرى كالفن مينز، وهو طالب صيانة طائرات، يبلغ من العمر 32 عامًا، في كلية تقنية تتعاون مع شركة لوكهيد مارتن، أن استفزاز الحلفاء قد يضر بصناعة حيوية لهذا المجتمع.
فمنذ 1978، تم تصنيع 4600 طائرة من إف-16، التي تظل هي الطائرة المقاتلة الأكثر انتشارًا على مستوى العالم.
"السمعة الدفاعية"
ويقول رادوفان يافورتشيك، سفير سلوفاكيا لدى الولايات المتحدة، عن طائرات إف-16 إنها "كنز عائلي"، مشيرًا إلى أن بلاده اشترت 14 طائرة في العام 2018.
لكن يافورتشيك لم يجب بوضوح على سؤال "نيويورك تايمز" إن كانت بلاده مستعدة لشراء هذا العدد هذه الأيام، إلا أنه عبّر عن يقينه بأن الصفقة تمّت قبل سبع سنوات بناءً على "سمعة واشنطن كحامية للعالم الحر".
وأضاف "مع هذه الآلات، لا تشتري مجرد قطعة معدنية طائرة. كنا نشتري شراكة مع الولايات المتحدة لمدة 25 أو 30 أو 40 عامًا".
وهذا ما يُثير قلق مارك كانسيان، العقيد المتقاعد في مشاة البحرية، والمتخصص في الأمن بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، موضحًا أنه خلال الشهرين اللذين انقضيا منذ عودة ترامب إلى منصبه، تدهورت سمعته كقائد دفاعي.
وضاعف ترامب في ولايته الثانية من تهديداته بعدم دعم أعضاء الناتو الذين لا يُنفقون ما يكفي على الدفاع، كما سخر من غزو غرينلاند وكندا وقناة بنما، وانتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووصفه بـ"الديكتاتور".
وردًا على ذلك، تعهد المسؤولون الأوروبيون بتقليص الاعتماد على الولايات المتحدة من خلال تعزيز صناعاتهم العسكرية.
وأعرب بعضهم عن مخاوفهم من أن واشنطن المعادية قد تقطع الإمدادات اللازمة لدعم الطائرات الأمريكية الصنع، وهو ما وصفه كانسيان بأنه "خنق بطيء"، أو تخريب الأسلحة عن بُعد.
بينما كتب رئيس لجنة الدفاع البرلمانية الدنماركية الأسبوع الماضي على مواقع التواصل الاجتماعي "يمكنني بسهولة تخيل موقف تطالب فيه الولايات المتحدة الأمريكية بغرينلاند من الدنمارك، وتهدد بتعطيل أسلحتنا، وتسمح لروسيا بمهاجمتنا عندما نرفض".
ويتوقع محللون أن الإنفاق المحلي سيُخفف العبء على صناعة الدفاع الأمريكية بشكل كبير، لكن التوقعات للمنتجات المعتمدة على التصدير، مثل طائرات "الصقور الطائرة"، قد تكون أشد قتامة.
وقد تنظر الدول ذات العلاقات الأقل ترابطًا مع واشنطن إلى معاملة ترامب لمن يُفترض أنهم أفضل أصدقاء البيت الأبيض، وتفكر: ربما نختار طائرة "جريبن" السويدية.
وهنا يعتقد كانسيان أنه إذا رأى المشترون الأجانب أن هذا الأمر محفوف بالمخاطر، فسيُغلق خط الإنتاج وسيفقد الجميع وظائفهم.
وترفض شركة "لوكهيد مارتن" التعليق على ما إذا كانت الأوضاع الجيوسياسية قد أثرت على مبيعات طائرات إف-16.
