تباينت آراء الخبراء والمحللين بشأن التداعيات المحتملة للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران، لا سيما فيما يتعلق بتأثيرها على موقف الحوثيين، ومستقبل التفاهمات غير المعلنة مع الولايات المتحدة بشأن التهدئة في البحر الأحمر.
وشنّت إسرائيل، فجر الجمعة، ضربات جوية غير مسبوقة استهدفت مواقع إستراتيجية داخل إيران، شملت منشآت نووية وأهدافا حساسة وقيادات عسكرية بارزة، في تصعيد لافت يأتي قبل أيام من انطلاق الجولة السادسة من المفاوضات بين طهران وواشنطن حول البرنامج النووي الإيراني.
ورغم تأكيد الإدارة الأمريكية أنها لم تشارك في الضربات ولم تكن جزءا من أي عملية تستهدف منشآت إيران النووية، إلا أن الخارجية الإيرانية حمّلت واشنطن "المسؤولية الكاملة" عن الهجمات، في ضوء دعمها المطلق لتل أبيب.
ويُخشى أن تؤدي هذه التطورات إلى تقويض التفاهمات الضمنية بين واشنطن وجماعة الحوثي، والتي ساهمت في تهدئة نسبية في البحر الأحمر، وأوقفت الهجمات الأمريكية على مواقع الحوثيين منذ مطلع مايو/ أيار الماضي.
وفي بيان رسمي، حمّلت حكومة الحوثيين المدعومة من إيران، كلًّا من إسرائيل والولايات المتحدة "المسؤولية الكاملة عن كافة التداعيات والتبعات الخطيرة لهذا العدوان، على المستويين الإقليمي والدولي"، ما يعكس مؤشرات على احتمال عودة التصعيد في أكثر من ساحة بالمنطقة.
ورأى المحلل العسكري، العقيد محسن الخضر، أن الضربات "المؤلمة" التي تعرضت لها طهران، اليوم، قد تدفع الحوثيين إلى تبنّي نهج تصعيدي غير مسبوق، انطلاقاً من موقعهم المتقدّم بين ما تبقى من وكلاء إيران في المنطقة.
وقال الخضر في حديثه لـ"إرم نيوز" إن ميليشيا الحوثي، وفي ظل الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها إيران، قد تتجه نحو كسر حالة "الكمون التكتيكي" التي التزمت بها خلال الأسابيع الماضية، "ومن المرجّح أن نشهد عودة للتوترات في البحر الأحمر، واتساع نطاق هجمات الميليشيا لتشمل قواعد عسكرية أمريكية في المنطقة".
ولفت إلى أن الحوثيين يدركون أن أي محاولة لإضعاف إيران أو ضرب مشروعها النووي ستنعكس سلبًا على قوة حلفائها ووكلائها في المنطقة، "وهو ما يعني دخولنا مرحلة شديدة الخطورة من التصعيد، قد يتخذ الحوثيون خلالها خطوات غير محسوبة"، على حدّ تعبيره.
من جهته، استبعد الخبير الأمني المتخصص في شؤون الشرق الأوسط واليمن، محمد الباشا، أن يُقدم الحوثيون في الوقت الراهن على استهداف قواعد أو أصول عسكرية أمريكية، أو حتى سفن تجارية مرتبطة بالولايات المتحدة.
وأضاف في حديثه لـ"إرم نيوز" أن انهيار اتفاق التهدئة بين الولايات المتحدة والحوثيين وعودة العمليات العسكرية الأمريكية ضدهم "سيظل مرهونًا بمبادرتهم باستهداف المصالح الأمريكية أولًا".
وذكر أن الهجمات الإسرائيلية على إيران "قد تدفع الحوثيين إلى رفع وتيرة عملياتهم العسكرية ضد إسرائيل تحديدًا، وذلك في إطار الرد العام المتوقع أن تتبناه أطراف المحور الإيراني".
وتوقّع الباشا أن يظل الاشتباك، على المدى القصير، "محصورًا بين تل أبيب وبقية مكونات المحور، دون توسّع مباشر في دائرة المواجهة لتشمل الولايات المتحدة".
ومع تصاعد التوترات بين تل أبيب وطهران في الأيام الأخيرة، توعّدت قيادات حوثية بتوسيع عمليات الاستهداف، فيما هدّد رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، مهدي المشاط، إسرائيل بضربات "متعددة الاتجاهات"، معلنًا دخول صواريخ جديدة إلى الخدمة "لم تُستخدم بعد".
ويعتقد رئيس مركز "أبعاد للدراسات الإستراتيجية"، عبدالسلام محمد، أن تصعيد الخطاب الحوثي في هذا التوقيت يندرج ضمن مساعٍ واضحة لممارسة ضغوط نيابة عن إيران.
وقال في حديثه لـ"إرم نيوز" إن تهديدات المشاط تأتي في هذا السياق، "غير أن الجماعة لا تزال تعاني من تبعات الضربات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة، والتي كبدتها خسائر كبيرة، لا سيما على الصعيد الاقتصادي، عقب استهداف مطار صنعاء وموانئ الحديدة".
وأشار عبدالسلام إلى أن الحوثيين سيواصلون التلويح بالتصعيد بهدف رفع سقف التفاوض لصالح إيران في أي محادثات قادمة، "لكن دون أن يذهبوا إلى مواجهات واسعة تخرجهم عن الحسابات التكتيكية لطهران".