أكد خبراء عسكريون ومحللون سياسيون، أن استمرار معضلة نزع سلاح "حزب الله"، يجعل المواجهة الإسرائيلية مع إيران، خطوة تالية بعد إنهاء حضور الميليشيا عسكريا ما يضع بيروت في قلب المواجهة.
وأوضحوا في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن اندلاع مواجهة بين إيران وإسرائيل سيُتيح لحزب الله استخدام قدراته العسكرية، الأمر الذي يجعله هدفاً أساسياً لإسرائيل قبل تحرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نحو إيران، وبالتالي فإن الضربة الإسرائيلية للبنان تصبح حتمية قبل العملية العسكرية التي تجهزها تل أبيب لطهران.
وعبروا عن مخاوفهم من شن إسرائيل الحرب على لبنان، بعد زيارة بابا الفاتيكان، ليو الرابع عشر إلى بيروت المقررة في 30 من الشهر الجاري إلى بيروت، وسط قلق من تقديم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الضوء الأخضر لذلك، على أثر تصريحات قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل، مؤخراً والتي بسببها تم إلغاء زيارته إلى الولايات المتحدة، بعد أن كانت تعمل واشنطن على عرقلة تجهيز إسرائيل لجولة قتال جديدة في لبنان.
وأعلن الفاتيكان مؤخراً، برنامج زيارة للبابا ليو الرابع عشر، ستجرى بين 27 نوفمبر/تشرين الثاني و2 ديسمبر/كانون الأول، وتشمل محطات عدة في الشرق الأوسط من أبرزها لبنان وتركيا.
وألغت الولايات المتحدة زيارة قائد الجيش اللبناني رودولف هيكل، التي كانت مقررة الثلاثاء الماضي إلى واشنطن، وأجلت الإدارة الأمريكية كل الاجتماعات التي كانت مقررة لهيكل، كما ألغت السفارة اللبنانية في واشنطن حفل الاستقبال الذي كان معداً على شرفه.
ويرى الخبير العسكري اللبناني، العميد مارسيل بالوكجي، إنّ عملية نزع السلاح بالطرق الدبلوماسية في لبنان فشلت، بعد أن حاول رئيس الجمهورية جوزيف عون، منذ أكثر من سنة، الدخول في هذا المسار، إلا أنّه لم ينجح.
وأرجع بالوكجي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، ذلك نظراً لقوة حزب الله داخل مؤسسات الدولة والإمساك بمفاصلها الأساسية في وقت لم تستطع الحكومة تنفيذ أي خطوة حقيقية في هذا الاتجاه، لاسيما على مستوى السلطة التشريعية التي يسيطر عليها الثنائي الشيعي المكون من حزب الله وحركة أمل، إضافة إلى تأثيره على السلطة التنفيذية، ما يجعل أي تنفيذ فعلي غير ممكن.
واعتبر بالوكجي عدم وجود أي إمكانية حالية لنزع السلاح" في وقت رفض فيه حزب الله هذا الطرح بشكل نهائي، وبالتالي لا يمكن تنفيذ الطريقة الدبلوماسية إطلاقًا، لافتاً إلى أن الدولة اللبنانية، كما يبدو، لم تعلن موقفًا واضحًا، ولكنّها رفعت يدها عن الموضوع وتحاول مسايرة التنظيم، الأمر الذي يجعل الدولة تبدو مشلولة وعاجزة عن التعامل مع هذا الملف.
ويرى بالوكجي أنّه في ظل عدم حل معضلة نزع سلاح حزب الله، فإن المواجهة الإسرائيلية مع إيران على الساحة اللبنانية لها احتمالات كبيرة، ويضع لبنان في قلب المواجهة، إمّا بالتزامن مع أي صدام مباشر بين إسرائيل وإيران، أو حتى قبل ذلك.
وفسر ذلك بالقول إن اندلاع مواجهة بين إيران وإسرائيل سيُتيح لحزب الله استخدام قدراته العسكرية، الأمر الذي يجعله هدفاً أساسياً لإسرائيل قبل تحرك بنيامين نتنياهو نحو إيران، وبالتالي فإن الضربة الاسرائيلية إلى لبنان تصبح حتمية قبل العملية العسكرية التي تجهزها تل أبيب لإيران.
من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشأن اللبناني، عماد الشدياق، أن الحكومة لم ترفع يدها عن ملف سلاح حزب الله وما زالت متمسكة بقرارها بحصر السلاح غير الشرعي بيد الدولة ولكن المستجدات الإقليمية وبعض الظروف السياسية الداخلية تمنع ذلك، في ظل تضارب في الآراء داخل الحكومة ذاتها واختلاف في وجهات النظر بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة.
وأضاف الشدياق، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن القيام بجولة جديدة من حرب إسرائيلية ضد حزب الله بات أمراً محسوماً في تل أبيب ولكنهم يختارون التوقيت المناسب، وسط توقعات بأنها ستكون بعد زيارة بابا الفاتيكان المقررة في 30 من الشهر الجاري، في ظل ما يتردد أن الزيارة تأتي بإيعاز أمريكي من أجل حث إسرائيل على عدم خوض جولة قتال جديدة.
ولكن بحسب الشدياق، فإن التوتر الذي جرى مؤخراً قد يغير موقف واشنطن، وهو ما يتعلق بإلغاء الولايات المتحدة زيارة قائد الجيش اللبناني إلى أراضيها، عقب تصريحات أدلى بها قبل أيام تحدث فيها عن أن الدولة اللبنانية ستتوقف عن حصر السلاح في الجنوب حال استمرار إسرائيل في اعتداءاتها.
وانتقد الشدياق هذا التصريح الذي يعتبره "زلة لسان" على حد وصفه، لأنه بهذا الحديث يقدم تصوير مشهد تسليم السلاح على أنه مطلب أمريكي إسرائيلي في حين أنه في الحقيقة رغبة لبنانية أصيلة والدولة يفترض بها استلام السلاح غير الشرعي وعلى رأسها الجيش، فضلاً عن أنه بهذا التصريح وضع الدولة والجيش مع حزب الله في خندق واحد.