استعداداً للانتخابات المقبلة في إسرائيل، بدأت الأحزاب العربية تحضيراتها مبكراً لهذا الاستحقاق، حيث دشنت مفاوضات تهدف إلى توحيد الصفوف، ودراسة خيارات تحقق أفضل مشاركة.
وبحسب تقرير للقناة 12 الإسرائيلية، دخلت الأحزاب الأربعة: القائمة العربية الموحدة، والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة العربية للتغيير، والتجمع الوطني الديمقراطي، في نقاشات تهدف إلى تحقيق مطالب المجتمع العربي، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أن أكثر من 85% منهم يطالبون بقائمة عربية مشتركة واحدة.
ولتجنب سيناريو انتخابات الكنيست الأخيرة، حثّت جهات عديدة في المجتمع العربي رؤساء الأحزاب العربية على الحوار المباشر، والعمل على إعادة تأسيس القائمة المشتركة. ومن أبرز هذه الجهات رؤساء البلديات العربية التي عانت من تخفيضات في ميزانياتها خلال العامين الماضيين.
وتؤكد القناة، أن المطالبة بالدفع بقائمة موحدة لانتخابات الكنسيت، لا ينبع بالضرورة من منطق سياسي أو أيديولوجي مُنظّم، بل من حاجة الأقلية العربية في إسرائيل إلى التوحد في مواجهة التهديدات التي واجهتها خلال العامين الماضيين، منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث تعرَّض المجتمع العربي لاعتقالات تعسفية، وتصاعد العنصرية، وتسريح عمال، وظواهر أخرى كثيرة.
دعوة عرب إسرائيل أحزابهم للوحدة، جاءت بعد أن سمحت الانقسامات في الانتخابات الأخيرة، بعودة بنيامين نتنياهو مجدداً لرئاسة الوزراء.
ويشير التقرير إلى أن الانقسام في انتخابات 2022 داخل القائمة المشتركة، والتي سبق أن انقسمت داخل القائمة العربية الموحدة، أدى إلى تنافس 3 قوائم عربية، لم تتجاوز إحداها، وهي قائمة التجمع الديمقراطي نسبة الحسم، ما جعل الأحزاب العربية تخسر أكثر من 140 ألف صوت.
كما ساهمت المنافسة الشديدة بين الأحزاب العربية في تراجعٍ نسبة التصويت للأحزاب غير العربية داخل المجتمع العربي، مما أضرّ بآلاف الأصوات العربية التي تذهب إلى حزب ميرتس في كل انتخابات. وهكذا، فشل الحزب اليساري، الذي يعتمد، إلى حدٍّ ما، على الجمهور العربي، في تجاوز نسبة الحسم. وهو عامل أدى أيضاً إلى منح كتلة نتنياهو الفوز في الانتخابات الأخيرة، وفق القناة 12.
ويؤكد التقرير أن النائب العربي المخضرم أحمد الطيبي، يبذل جهوداً لتوحيد الأحزاب العربية في قائمة موحدة، وينقل عنه القول في حوارات مع ناشطين: "سيكون هذا ردًا عربيًا مناسبًا على محور بن غفير-نتنياهو-سموتريتس". ولكن يبدو أيضًا أنه في ظل غياب اتفاق بين الأحزاب على منصور عباس رئيسًا، وبعد استقالة أيمن عودة، الذي كان على رأس القائمة المشتركة طوال الوقت، قد يكون "الطيبي" الحل الأسهل للجميع.
ويرى مراقبون أن قادة الأحزاب الأربعة، الذين اجتمعوا، مؤخرًا، أكثر من مرة بعد 5 سنوات من القطيعة التامة، اعترفوا بوجود فجوات كبيرة، قد يصعب تجاوزها، حيث إن حزب منصور عباس متمسك برغبته في المشاركة في أي ائتلاف حكومي في إسرائيل مستقبلًا، بهدف تحسين وضع المجتمع العربي في القضايا المدنية، دون معالجة التحديات الوطنية القائمة.
تشترك الأحزاب العربية في هدف معلن هو قطع الطريق على عودة نتنياهو لرئاسة الحكومة، وتختلف فيما سواها، فحزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش) غير متحمس للدخول في أي ائتلاف، لكنه مستعد للمضي قدمًا في أي توصية تُفضي إلى تشكيل حكومة غير بنيامين نتنياهو. بينما تملك "حركة التغيير"، مساحة المناورة أوسع، لذا فهم مستعدون لدراسة أي مقترح بكامله، طالما كان الهدف هو الإطاحة بنتنياهو. أما في تجمع "بلد"، فيقولون: "إنهم غير مهتمين بأي تعاون مع الأحزاب التي دعمت الإبادة الجماعية في غزة".
ويرجع محللون موقف المجتمع العربي، إلى الغضب الشديد من سياسة الوزير بن غفير تجاه قضايا الجريمة، وهدم المنازل في المجتمع العربي، فضلًا عن الحرب في غزة التي تُلحق ضررًا بالغًا بالمواطنين العرب في إسرائيل.
ويكشف تقرير القناة العبرية، أنه يمكن رصد اتجاهات إيجابية في استطلاعات الرأي الداخلية للأحزاب العربية، حيث تشير إلى نسبة مشاركة مرتفعة نسبيًا في الانتخابات المقبلة.
وإذا توافد العرب على صناديق الاقتراع، فقد يكونون هم من يمنعون نتنياهو من تشكيل حكومته المقبلة، ولكن في حال أدى عدم التوافق بين الأحزاب إلى انقسام وتكرار الانتخابات السابقة، فإن الأحزاب العربية ستمنح نتنياهو النصر مجددًا، وهذه المرة بشكل كبير، بحسب القناة 12 الإسرائيلية.