إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة تقتل 13 فلسطينيا خلال الساعات الأخيرة
في الوقت الذي أسدل فيه الليل ستاره على هدنة عيد الفصح، سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى طرح مبادرة جديدة، متجاوزًا صمت المدافع الروسية مؤقتًا، ومتطلعًا لاختبار نوايا موسكو في الساحة الدبلوماسية.
وطرح زيلينسكي، مقترحًا لوقف إطلاق النار، يهدف إلى حماية المدنيين ومنع استهداف البنية التحتية الحيوية، وذلك بعد ساعات من انتهاء هدنة محدودة كانت قد أعلنها نظيره الروسي بمناسبة عيد "الفصح".
وقال زيلينسكي، إن كييف تعرض وقف الهجمات المتبادلة التي تستهدف المنشآت المدنية لمدة لا تقل عن 30 يومًا، في محاولة لتقليل الخسائر وإتاحة مساحة ممكنة لأي تحرك دبلوماسي قادم، وإن عدم استجابة روسيا للمقترح سيكون دليلاً واضحًا على رغبتها في مواصلة استهداف الأهداف المدنية وإطالة أمد الدمار داخل الأراضي الأوكرانية.
وجاءت الإشارة الأولى من موسكو عبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، مؤكدًا أن الرئيس بوتين لم يصدر أي توجيهات بتمديد وقف إطلاق النار المؤقت، الذي دخل حيز التنفيذ مساء السبت وانتهى منتصف ليل الأحد بالتوقيت المحلي.
ويرى مراقبون للحرب الروسية الأوكرانية، أن مقترح زيلينسكي قد يمثل اختبارًا حقيقيًا للنوايا السياسية للطرفين في ظل الجمود العسكري المستمر، وسط ترقب دولي لأي مؤشرات على استئناف محتمل لجهود الوساطة.
استغلال الهدنة عسكريا
وأكد خبراء في الشأن الروسي أن أي وقف حقيقي لإطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا يحتاج إلى اتفاق متبادل تحت إشراف دولي يضمن التزام الطرفين، مع وجود آليات واضحة للرقابة الميدانية لمنع الخروقات واستغلال الهدنة لأغراض عسكرية.
وأشار الخبراء في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن مقترح أوكرانيا بوقف الهجمات على البنية التحتية لمدة 30 يومًا يعكس رغبة في التهدئة المؤقتة، لكنه يظل ناقصًا ما لم يُقابل بخطوات روسية مماثلة تؤسس لمسار تفاوضي واضح وفعّال.
وقال الخبراء إن الحديث عن هدنة مؤقتة سواء من موسكو أو كييف يشير إلى وجود مفاوضات سرية جارية برعاية أمريكية، وأن التزام الطرفين بهدنة فعلية قد يفتح الطريق أمام اتفاق سلام إذا توفرت النوايا الصادقة وضمانات التنفيذ.
آلية رقابة دقيقة
وأكد ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية بمركز الدراسات العربية الأوراسية، أن أي وقف حقيقي لإطلاق النار في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا يجب ألا يقوم على مبادرات أحادية الجانب، بل على اتفاق متبادل واضح، بضمان طرف حيادي يحظى بقبول الجانبين، مع ضرورة وجود آلية دقيقة للمراقبة والتوثيق.
وأوضح بريجع، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز" أن الحديث عن تهدئة جدية يظل بعيد المنال ما لم تتوفر أدوات ميدانية تمنع خروقات محتملة أو استغلال الهدنة لإعادة التموضع أو التحضير لجولات تصعيد جديدة.
وأشار إلى أن اقتراح كييف بوقف الهجمات على البنية التحتية لمدة 30 يوماً، يمكن قراءته كمؤشر لرغبة في تهدئة ميدانية مؤقتة، أو إرسال إشارات إيجابية للمجتمع الدولي.
وأضاف مدير وحدة الدراسات الروسية بمركز الدراسات العربية الأوراسية أن هذا الاقتراح لا يرقى إلى مستوى المبادرة الشاملة في حال غياب خطوات مقابلة واضحة من الجانب الروسي، أو إطار تفاوضي جاد يُحدد ملامح المرحلة المقبلة بين الطرفين.
غياب الاتفاقيات المؤقتة
وأشار بريجع إلى أن أي اتفاق على وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف لن يكون قابلاً للتطبيق ما لم يخضع لرقابة دولية صارمة، مؤكدًا أن الاتفاقات المؤقتة أو الجزئية عادة ما تنهار في ظل غياب هذه الآليات.
وحذر من أن الأزمة الأوكرانية قد تمتد أو تتفاقم إذا اكتفى الطرفان بمجرد تجميد الصراع دون التوصل إلى حلول جذرية ترضي الأطراف جميعها وتعالج الأسباب الحقيقية للنزاع.
ونبه الخبير الروسي إلى خطورة أن تتحول مناطق أخرى مثل الشيشان والقوقاز إلى بؤر صراع في أية لحظة، نتيجة تراكم مشكلات لم تُحلّ من جذورها.
تصعيد روسي ومحاولات أوكرانية
من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن دخول موسكو في حوارات جدية لإنهاء الحرب كان أمرًا متوقعًا، لا سيما بعد التصعيد العسكري الروسي الأخير والتقدم الميداني على الأرض، بالتزامن مع محاولات الجيش الأوكراني استعادة بعض المواقع.
وأضاف كابان، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن المفاوضات تجري منذ فترة في الخفاء بوساطة أمريكية، وأن إعلان الرئيس الروسي عن هدنة مؤقتة هو نوع من إظهار النوايا وفي الوقت ذاته يحمل بعدًا تكتيكيًا للمراوغة السياسية.
وأوضح مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، أن مقترح الرئيس الأوكراني زيلينسكي بمهلة 30 يومًا يكشف وجود تحركات خلف الكواليس، في ظل رغبة حقيقية أوكرانية بالحوار، وخصوصًا تحت ضغط واضح من واشنطن التي تضغط لدفع كييف إلى مفاوضات علنية.
سيناريوهات محتملة
وأشار كابان إلى أن العرض الأوكراني بوقف استهداف البنية التحتية لمدة شهر يحمل رسالة واضحة بعدم التصعيد نحو المناطق الاستراتيجية الخاضعة للسيطرة الروسية، وهو ما قد يمهد الطريق لخطوات تفاوضية لاحقة.
ولفت إلى أن نجاح الهدنة، في حال التزام الطرفين بها بشكل كامل، قد يفتح الباب أمام توقيع اتفاق سلام حقيقي ينهي الصراع، شريطة أن تكون هناك نوايا صادقة ومراقبة دولية تضمن التنفيذ.