logo
العالم

ترامب يشعل الكاريبي.. ماذا وراء استيلاء واشنطن على "سكيبر"؟

ناقلة نفط فنزويليةالمصدر: رويترز

في 10 ديسمبر 2025، نفذت الولايات المتحدة عملية استيلاء غير مسبوقة على ناقلة نفط فنزويلية تُدعى "سكيبر" قبالة سواحل فنزويلا، في خطوة وصفت بأنها الأكثر تصعيدًا حتى الآن في حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد نظام نيكولاس مادورو. 

جاءت العملية التي شارك فيها أفراد خفر السواحل، بدعم من البحرية ووكالات إنفاذ القانون، بعد تحذيرات أمريكية متكررة ومناوشات سابقة ضد أكثر من 20 قاربًا في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ يُزعم أنها كانت تنقل المخدرات.

وتمثل هذه الخطوة تصعيدًا رمزيًا وسياسيًا، إذ أعلن ترامب بفخر أن الولايات المتحدة استولت على "أكبر ناقلة على الإطلاق"، بينما نشرت المدعية العامة بام بوندي فيديو يظهر القوات الأمريكية تصعد إلى السفينة بالحبال من مروحية، بحسب شبكة "سي إن إن".

أخبار ذات علاقة

ناقلة نفط قبالة سواحل فنزويلا

بعد احتجاز سفينة أمام سواحلها.. هل بات نفط فنزويلا في قبضة ترامب؟ (فيديو إرم)

العملية تأتي في إطار محاولة واشنطن ممارسة الضغط على مادورو لإجباره على التنحي أو إقناع المسؤولين الموالين له بإزاحته، لكنها أثارت تساؤلات قانونية ودستورية داخل الولايات المتحدة وخارجها.

جدل قانوني وسياسي حول القوة الأمريكية

تثير العملية تساؤلات قانونية حادة بشأن حدود السلطة التنفيذية الأمريكية. فقد استخدمت الإدارة ضربات جوية سابقة ضد تجار مخدرات مزعومين، أسفرت عن مقتل 87 شخصًا، مع اتهامات من الديمقراطيين ومنظمات حقوق الإنسان بانتهاك الإجراءات القانونية الواجبة وارتكاب جرائم حرب محتملة. 

بينما ترى واشنطن أن هذه العمليات مبررة لحماية الأمن القومي، يشكك بعض الخبراء في صحة المزاعم حول تهريب الفنتانيل عبر فنزويلا، معتبرين أن الضربات قد تفتقر للأساس القانوني.

عبّر الديمقراطيون داخل الكونغرس، عن مخاوفهم من أن ترامب يهيئ الولايات المتحدة لمغامرة خارجية طويلة، مشابهة لفشل الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 في توفير الاستقرار بعد الإطاحة بالنظام. 

وقالت النائبة كريسي هولاهان إن أي استخدام للقوة لتغيير النظام يتطلب تفويضًا من الكونغرس، مشيرة إلى أن العملية البحرية ضد ناقلة مدنية تمثل تصعيدًا واضحًا.

أخبار ذات علاقة

حاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس"

حرب بلا تفويض.. تصعيد ترامب ضد فنزويلا يشعل "معركة قانونية" في واشنطن

وفي المقابل، ترى مسؤولة استخباراتية سابقة، بيث سانر، أن الاستيلاء على السفينة كان "إجراءً طبيعيًا" ضمن محاولة منع النظام الفنزويلي من نقل النفط الخاضع للعقوبات، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لم تملك الموارد الكافية لتنفيذ مثل هذه العملية سابقًا.

النفط والضغط على مادورو

تمثل ناقلات النفط الفنزويلية خطًا حيويًا لدخل النظام، حيث تسيطر الدولة على احتياطيات نفطية من بين الأكبر عالميًا، ويشكل بيع النفط الخاضع للعقوبات مصدر دخل رئيس لمادورو. 

وقد دأبت الإدارة الأمريكية على فرض عقوبات على شركة النفط الحكومية PDVSA، في إطار حملة الضغط المستمرة منذ ولايتي ترامب الأولى والثانية وحتى إدارة بايدن.

تؤكد حكومة كاراكاس أن العملية تكشف عن الدافع الحقيقي للإدارة الأمريكية، مشيرة إلى أن القضية تتعلق بثروات فنزويلا الطبيعية وليس بمكافحة المخدرات أو حماية الديمقراطية. 

ومع ذلك، يعزز الاستيلاء على ناقلة النفط موقف واشنطن كأداة ضغط رمزية، ويُعتبر تحذيرًا ضمنيًا لبقية أسطول ناقلات النفط حول المخاطر المرتبطة بالعمل في المياه الفنزويلية.

أخبار ذات علاقة

إنتاج النفط في فنزويلا

من صدام حسين إلى مادورو.. تغيير النظام يسبق الهيمنة على النفط في فنزويلا

من جهة أخرى، يضيف هذا التصعيد بعدًا سياسيًا لترامب، إذ يمكن أن يُنظر إليه كخطوة لتعزيز نفوذ الولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي، وضمان مواجهة النفوذ الصيني والروسي في المنطقة، بما يتوافق مع استراتيجية الأمن القومي التي أعلنها مؤخرًا.

المخاطر والسيناريوهات المستقبلية

على الرغم من التفاؤل الأمريكي المحتمل بسقوط مادورو، يحذر المحللون من أن الأنظمة الديكتاتورية المتجذرة عقودًا غالبًا ما تكون أكثر مرونة مما يُعتقد. 

ويُشير التاريخ إلى أن الضغوط الخارجية قد تؤدي إلى دوامة عنف أو أزمة لاجئين إذا انهار النظام بسرعة، خاصة في بلد يعاني بالفعل من أزمات اقتصادية واجتماعية عميقة.

في هذا السياق، يمثل الاستيلاء على ناقلة النفط تصعيدًا رمزيًا واستراتيجيًا مع توظيف كبير للنفوذ العسكري الأمريكي، لكنه يضع ترامب أمام تحدٍ كبير؛ كيف يمكن تحويل القوة العسكرية والضغط السياسي إلى نتيجة ديمقراطية مستقرة دون الانزلاق في مستنقع طويل من العنف وعدم الاستقرار؟

في النهاية، يعكس تحرك ترامب مزيجًا من المغامرة السياسية، الاستعراض الرمزي للقوة، والسعي لتعزيز النفوذ الأمريكي، لكنه يترك أسئلة قانونية وأخلاقية مفتوحة، حول مدى استعداد الولايات المتحدة للتورط في مواجهة محتملة طويلة ومعقدة في فنزويلا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC