أشعل تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضد فنزويلا، مواجهة تشريعية في واشنطن، بين الديمقراطيين والجمهوريين، وسط اتهامات بأن خطوة ترامب تفتح الباب لحرب بلا تفويض من الكونغرس.
خطان متوازيان ومتساويان تسير فيهما العملية العسكرية التي ينفذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد فنزويلا منذ الصيف الماضي بعد تطورات تشريعية وقانونية متسارعة تحيط بها.
على الأرض شهدت مياه الكاريبي أول تدخل من نوعه للقوات الأمريكية المنتشرة قرب فنزويلا باقتحام سفينة شحن نفط فنزويلية والسيطرة عليها أثناء عبورها المياه الدولية.
الرئيس ترامب الذي كشف المعلومة بنفسه لمراسلي البيت الأبيض قال إن هذه العملية خطوة أولى سوف تتبعها خطوات أخرى، مشيرًا إلى أن السفينة المحتجزة سوف يتم التعامل معها لاحقًا.
هذه الخطوة النوعية من جانب القوات الأمريكية المنتشرة في مياه الكاريبي منذ الصيف الماضي أثارت موجة هائلة من التساؤلات بين مشرعي الكونغرس بين من يرى فيها خطوة تصعيدية من جانب الرئيس ترامب قد تخرج الأمور عن السيطرة في المرحلة المقبلة، وبين من يرى فيها إحدى أدوات الضغط القوية التي يمارسها البيت الأبيض على نظام الرئيس نيكولاس مادورو في كاراكاس.
نواب ديمقراطيون قالوا لـ"إرم نيوز" إن هذه الخطوة من جانب وزارة الحرب والبيت الأبيض تصعيدية في شكل ونوعية عمل القوات الأمريكية في مياه الكاريبي، في وقت لا يزال فيه البيت الأبيض يتصرف دون الحصول على تفويض من الكونغرس.
وأضافوا إن هذا التطور من شأنه أن يضيف المزيد من التعقيد إلى النقاشات الدائرة حاليًّا في مبنى الكابيتول حول هذه العملية.
نواب جمهوريون أظهروا تأييدهم للخطوات التي يتخذها البيت الأبيض في هذه العملية مؤكدين أن نظام مادورو عمل دائمًا على تقديم مساعدات مباشرة إلى كوبا خاصة بتزويدها بمواد الطاقة والنفط.
النواب الجمهوريون أوضحوا أن ناقلة النفط المحتجزة كانت في طريقها إلى كوبا وهو سلوك فنزويلي لطالما أعربت الولايات المتحدة عن قلقها من هذا النوع من التعاون بين نظامين يعاديانها في الحدود القريبة والمجاورة.
النواب أوضحوا أن مطالبهم في الكونغرس كانت دائمًا قائمة بضرورة اتخاذ الإدارات المتعاقبة على البيت الأبيض إجراءات أكثر جدية وصرامة للحد من نوعية وطبيعة التعاون القائم بين كاراكاس وهافانا خاصة في ظل التحالفات التي تجمعهما بأنظمة معادية للولايات المتحدة.
النواب الجمهوريون قالوا إن نظام مادورو لن يتوقف عن تصدير مصادر الخطر التي تستهدف الأمن القومي ما لم تلجأ الإدارة الحالية إلى اتخاذ خطوات جدية لإرغامه على التصرف بطريقة مختلفة
من جانبهم قال نواب في الجناح التقدمي الديمقراطي في المجلس إن الرئيس ترامب بهذه العملية الجديدة أكد أنه في طريقه للدخول في مواجهة مفتوحة مع فنزويلا ومن دون استشارة الكونغرس.
ترامب بما يقوم به في فنزويلا يخالف جميع التعهدات التي قدمها للأمريكيين بأنه يرغب في إنهاء الحروب التي ورثها عن الإدارة السابقة.
هناك توجه إستراتيجي مخالف لتقاليد السياسة الأمريكية في التعامل مع جيرانها، إذ أظهر ترامب ومنذ وصوله إلى البيت الأبيض مسارًا مثيرًا للقلق والارتياب في علاقاته بالجيران، كما فعل ذلك مع بنما عندما أثار مسألة القناة ورغبته في استعادتها، وكما فعل مع الجارة الأقرب كندا وحديثه عن جعلها الولاية الحادية والخمسين، وتهديده بتحريك قوات الجيش للتعامل مع موجات المهاجرين غير القانونيين عبر الحدود مع المكسيك إضافة إلى الأزمة الحالية المفتوحة مع فنزويلا.
نواب الجناح التقدمي يتهمون ترامب بالتراجع عن تقاليد نظام دولي كرّسته الولايات المتحدة طيلة العقود الماضية، وذلك باستخدام القوة العسكرية في التعامل مع الجيران المباشرين والقريبين منها بعد عقود من علاقات الحوار وتبادل ورعاية المصالح المشتركة.
كان لافتًا ذلك القرار الذي صادق عليه نواب الحزبين ضمن موازنة وزارة الحرب للعام المقبل والقاضي بتعليق جزء من ميزانية أسفار وتنقلات وزير الدفاع بيت هيغسيت إلى حين كشف الوزارة عن شريط الفيديو الكامل للعملية العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية ضد زوارق لمهربي المخدرات في مياه الكاريبي في الثاني من سبتمبر/ أيلول الماضي.
هذا الشريط تحديدًا يطالب مشرعو الكونغرس بالكشف عنه ورفع السرية عن محتواه وتقديمه للرأي العام لمعرفة حقيقة الأوامر التي أعطيت للقوات الأمريكية لتنفيذ قصف ثان ضد ناجين محتملين من قصف أول استهدف زوارق المهربين.
يقول نواب جمهوريون إن الأجزاء التي كشفت عنها وزارة الحرب تظهر التزام عناصر القوات الأمريكية بقوانين المؤسسة العسكرية والقانون الذي يقضي بعدم استهداف مدنيين في وضع غير قتالي ولا يشكلون أي تهديد على عناصر القوات الأمريكية.
شريط الفيديو الذي يظهر الجزء الثاني من العملية العسكرية التي أدت إلى مقتل اثنين من الناجين من القصف الأول يثير جدلًا وانقسامًا في العاصمة واشنطن بين مشرعين يقولون إن وزير الحرب خالف القانون بما قد يصل إلى مستوى جريمة حرب إذا كانت أوامر الجزء الثاني من القصف الأمريكي كانت صادرة من الوزير شخصيًّا وبناء على طلب منه بإنهاء العملية العسكرية والوصول بها لآخرها.
في مقابل ذلك تضاربت المواقف من جانب وزارة الحرب في مسألة رفع السرية عن شريط فيديو العملية العسكرية هذه تحديدًا في وقت سمح فيه البنتاغون بإظهار عشرات الفيديوهات للعمليات الجارية ومنذ أشهر في مياه الكاريبي.
هذا الإجراء من جانب الكونغرس يقول نواب ديمقراطيون لـ"إرم نيوز" بشأنه إنه يُظهر تمسك المشرعين بمبدأ الشفافية في التعامل مع مجريات هذه العملية العسكرية وتمكين الأمريكيين من الاطلاع على كامل تفاصيلها، والتأكد من قانونية الأوامر والعمليات التي يتم تنفيذها على الأرض.
