أظهرت الكثير من الهجمات التي تنفذها الجماعات المسلحة في دول الساحل الإفريقي قدرة كبيرة على رصد الأهداف والتجسس وتوجيه الضربات في تطور ربطه محللون عسكريون باستغلال تلك الجماعات لـ"ستارلينك"، وهي تقنية تعتمد على شبكة ضخمة من الأقمار الصناعية تابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك.
وكشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن "ستارلينك باتت توفر فرصاً للجماعات المتشددة وأيضاً المتمردة في دول الساحل الإفريقي من أجل التواصل في مناطق لا تُغطيها البنية التحتية التقليدية للاتصالات.
ويأتي ذلك في وقت تواصل فيه الجماعات المسلحة وفي مقدمتها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تنشط في بوركينا فاسو ومالي وهي الذراع الرئيسية لتنظيم القاعدة، شن هجمات دموية تستهدف السكان وأيضاً قوى الجيش والأمن.
وعلق الخبير العسكري المتخصص في الشؤون الإفريقية، عمرو ديالو، على الأمر بالقول، إن "هذا أمر يستحق الوقوف عنده؛ لأن الجماعات المسلحة تفتقر لأجهزة اتصال على الرغم من أن هجماتها تمكنها من غنم آليات حربية ومعدات أخرى، لذلك لجأت إلى ستارلينك، وقد ساعدها على ذلك فقدان الحكومات المركزية السيطرة على الأرض".
وأضاف ديالو، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "تقارير محلية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو تتحدث عن استغلال هذه الخدمة من أجل التجسّس وربما شن هجمات سيبرانية ضد المصالح الحكومية، بالتالي هذه الخدمة أصبحت مصدر قلق كبير للحكومات المركزية في باماكو ونيامي وواغادوغو".
وشدد على أن "حصول الجماعات المسلحة على هذه الخدمة في اعتقادي سيزيد من تدهور الوضع الأمني خاصة أنه يتزامن مع حصولها على عدد كبير من الطائرات المسيرة وأيضاً معدات عسكرية متطورة تم الاستيلاء عليها خلال هجمات استهدف قواعد عسكرية لجيوش المنطقة".
واستنتج أن "على الحكومات الانتقالية أن تبحث عن خطط جديدة تمكنها من الحد من هذه الأدوار التي باتت تلعبها الجماعات المسلحة وخاصة الإرهابية منها".
وأول مرة ظهر فيها استخدام "ستارلينك" من قبل الجماعات المسلحة في الساحل الإفريقي كان في يونيو/حزيران من العام 2024، حيث أظهر مقطع فيديو نشرته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هذا الجهاز وهو يغطي هجوما تنفذه الجماعة ضد الجيش المالي في مدينة غاو.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد إدريس، إن "سقوط جهاز متطور للاتصالات والإنترنت بحجم ستارلينك بيد جنيم (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) وجماعات أخرى يعتبر تطور خطير للغاية ويدق ناقوس الخطر بالنسبة للحكومات المحلية".
وأوضح إدريس، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "هذه الحكومات وعدت بأنها ستعيد الأمن والاستقرار للمنطقة، لكن من خلال هكذا تطور يتبين لنا أنها عاجزة بشكل كبير عن القيام بذلك، وهو الأمر الذي ينبغي أن تتفطن له هذه الحكومات".
وأضاف قائلا: "الآن الكرة في ملعب هذه الحكومات التي عليها أن تتحرك لوقف نزيف الخسائر الميدانية وأيضاً إحراز المسلحين لمكاسب أخرى مثل الحصول على ذخائر وأسلحة متطورة، وكذلك خدمات إنترنت حديثة ومتطورة للغاية مثل ستارلينك".