أطلقت دول تحالف الساحل الأفريقي (النيجر ومالي وبوركينا فاسو) جهوداً لتشكيل قوة عسكرية مشتركة تضم آلاف الجنود في خطوة جديدة لتقليل الاعتماد على القوى الغربية، وسط تساؤلات حول قدرتها على مواجهة الجماعات المسلحة المتشددة في المنطقة.
ونقل موقع "أخبار شمال أفريقيا" عن مصدر عسكري نيجري قوله إن: "أول دفعة من عناصر هيئة الأركان المشتركة وصلت بالفعل إلى العاصمة نيامي" دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل حول بدء التدريبات أو العمليات المشتركة التي من المحتمل أن تباشرها هذه القوة.
تقليص الاعتماد على الغرب
ويأتي هذا التطور في ظل قطع دول التحالف علاقاتها مع القوى الغربية عبر إنهاء الشراكات الاقتصادية والعسكرية والاستعانة بقوات روسية لم تنجح بعد في تحقيق اختراقات كبيرة، خاصة في مواجهة الجماعات المتشددة مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين التي تشنّ هجمات دموية منذ أشهر.
وقال الخبير العسكري النيجري المتخصص في الشؤون الأفريقية، إبراهيم سايفو، إن هذا التطور يبعث برسالة واضحة إلى القوى الغربية مفادها أن دول تحالف الساحل الأفريقي قادرة على الاعتماد على نفسها وتقليص اعتمادها للغرب.
وأضاف سايفو في حديث لـ "إرم نيوز"، أن "دول الساحل لم تحقق نجاحات كبيرة خلال الأشهر الماضية، لكن مجرد التخلي عن حليف مثل فرنسا وتحديها علنًا يمثل مؤشرًا إيجابيًا لها وللرأي العام في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، حيث اعتاد السكان على حكام مرتبطين بالولاء لباريس والعواصم الغربية.
وشدد سايفو على أن نجاح هذه القوة في الحد من نفوذ الجماعات المسلحة يرتبط بشكل مباشر بقدرتها على الحصول على معدات عسكرية حديثة، ومنح قيادتها صلاحيات واسعة لتحديد أهداف واضحة لضربها واستباق تحركات الجماعات التي تستغل الفراغ الأمني الناجم عن الانسحاب الفرنسي من المنطقة.
فرص ضئيلة
وتجدر الإشارة إلى أنّ هيئة الأركان المشتركة، التي تضم أطرا عسكرية من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، تعمل بشكل مكثف على استكمال النصوص والإجراءات والترتيبات الضرورية لجعل القوة الموحدة للتحالف جاهزة للعمل بشكل كامل، تمهيدا لتحويلها في المدى القريب إلى فاعل أساس في حفظ الأمن والاستقرار داخل الفضاء الكونفدرالي.
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، أن "فرص نجاح هذه القوة المشتركة ضئيلة لعدة اعتبارات أهمها فقدان دول الساحل لمعلومات استخبارية مهمة منذ مغادرة القوات الفرنسية".
وقال إدريس في حديث لـ "إرم نيوز"، إن القوة بحسب المعلومات المتوفرة، ستضم نحو 5 آلاف جندي فقط، ما يجعلها قوة محدودة لا تستطيع استهداف الجماعات المسلحة في معاقلها، مرجحًا أن تقتصر مهامها على تأمين مؤسسات حساسة في الدول المشاركة.
وأضاف إدريس، أن الوضع الأمني المرتبك سيستمر على حاله، ولا توجد بوادر إيجابية بشأن ذلك حتى الآن، وهو أمر سيجعل دول الساحل تستمر في مواجهة متاعب خلال المرحلة المقبلة".